قال مدعي عام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان نورمان فاريل، الخميس، إن هناك "جهات داخلية وخارجية" خطّطت لاغتيال رئيس الحكومة
اللبنانية الأسبق رفيق
الحريري.
وقال فاريل في كلمة خلال انطلاق أعمال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، إنه "رغم جهود المرتكبين لإخفاء تورّطهم في هذه الجريمة، إلا أن الحقيقة لا تحتجب"، لافتاً الى أن "هناك جهات داخلية وخارجية خطّطت لاغتيال الحريري".
وأضاف أن "المتهمين سليم عياش ومصطفى بدر الدين مع آخرين، أعدوا ونفّذوا هذا التفجير، أما أسد صبرا وحسين عنيسي فقد عاوناهما في التنفيذ"، وتابع أن "عياش كان مسؤولاً عن مراقبة الحريري، وبدر الدين وعياش كانا مسؤولين عن العنصر المادي للتفجير".
وقال مدعي عام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إن "منفذي الجريمة تركوا أدلة لتضليل التحقيق، واستخدموا شبكات إتصال داخلية للتفجير"، مشيراً الى أن "الحريري وُضِع تحت مراقبة المجرمين قبل اغتياله بـ 3 أشهر".
ورأى أنه "ما من أحد لم يتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بالانفجار الذي استهدف الحريري"، واعتبر أن "هذا الاعتداء استحوذ على اهتمام العالم بكامله"، مشيراً الى أنه "مِن حق الشعب اللبناني معرفة الحقيقة ومعرفة هوية المجرمين الذين نفّذوا هذه الجريمة".
وانطلقت اليوم الخميس محاكمة اربعة عناصر من حزب الله اللبناني متهمين باغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري في 2005 غيابيا امام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قرب لاهاي وسط استمرار الأزمة في سوريا واعمال العنف في لبنان.
وبعد تسع سنوات على التفجير الذي ادى الى انسحاب القوات السورية في لبنان بعد وصاية استمرت حوالى 30 عاما على هذا البلد، وثلاث سنوات على بدء الثورة في سوريا، سيبدأ الادعاء اخيرا في تقديم عناصر الاتهام.
وتتبادل الأطراف اللبنانية الاتهامات، إذ يتهم تحالف 14 أذار سوريا وحزب الله بإغتيال الحريري وما تبع ذلك من أعمال عنف، فيما يتهم تحالف 8 أذار الطرف الآخر بالتعاون مع إسرائيل وأمريكا والغرب لتحقيق أهدافهما ضد المقاومة والممانعة.
وتهمس أطراف لبنانية بوجود تواطؤ إسرائيلي سوري في هذا الصدد، متهمة النظام السوري بإبلاغ إسرائيل عن مكان القيادي في حزب الله عماد مغنية الذي سبق أن قتل في دمشق لطمس دليل من شأنه كشف المتسببين بجريمة اغتيال الحريري .
ولا يستبعد لبنانيون أن تسفر المحاكمة عن مفاجآت، وهو الأمر الذي سيفضي بالضرورة عن موجة جديدة من الجدل وتبادل الإتهامات ،وفي هذا الصدد نقلت "الجريدة" الكويتية الأسبوع الماضي بأن الاستخبارات الإسرائيلية قدمت للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان معلومات موثقة وتسجيلات لقياديين في "حزب الله" تتعلق بضلوعهم في اغتيال الحريري ، منهم القيادي العسكري في الحزب عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق، ومصطفى بدرالدين، وحسان اللقيس الذي اغتيل في ظروف غامضة في ديسمبر الماضي، وآخرون.
وأشار مصدر الصحيفة إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية قدمت أيضاً للمحكمة، التي عقدت جلسة تمهيدية في لاهاي أمس وتستعد لعقد أولى جلساتها في 16 يناير الحالي، تسجيلات لمكالمات هاتفية خليوية وأرضية لهؤلاء القياديين، تؤكد أن مركز قيادة عملية الاغتيال كان في مكان ما بالضاحية الجنوبية لبيروت، لافتاً إلى أن مسؤولين سوريين كانوا على اتصال بغرفة العمليات هذه، وتلقوا لحظة بلحظة معلومات حول سير العملية.
وأوضح المصدر أنه بسبب التعقب الإسرائيلي لقياديي حزب الله، وتأكد الاستخبارات الإسرائيلية من أن هناك عملية كبيرة ستتم دون معرفة ما هي تلك العملية، قامت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية بتعقب القياديين الميدانيين لحزب الله فترة ليست قصيرة، وقامت بتصوير ورصد تحركاتهم بشكل متواصل، والتقطت هذه الطائرات صوراً واضحة للمتهم الرئيسي باغتيال الحريري مصطفى بدرالدين وقيادي ميداني آخر في حزب الله أثناء وجودهما أكثر من مرة قرب مسرح جريمة الاغتيال.
والمحكمة الخاصة بلبنان التي تأسست عام 2007 بقرار من مجلس الامن الدولي وبطلب من لبنان لمحاكمة المسؤولين عن هذا التفجير، ستبدأ جلساتها في غياب المتهمين الذين لا يزالون متوارين عن الانظار رغم صدور مذكرات توقيف دولية بحقهم.
وبحسب نص الاتهام فان مصطفى بدر الدين (52 عاما) وسليم عياش (50 عاما) وهما مسؤولان عسكريان في حزب الله، دبرا ونفذا الخطة التي ادت الى مقتل رئيس الوزراء الاسبق مع 22 شخصا اخرين بينهم منفذ الاعتداء في 14 شباط/فبراير 2005 في بيروت.
واصيب في التفجير ايضا 226 شخصا، اما العنصرين الامنيين حسين عنيسي (39 عاما) وأسد صبرا (37 عاما) فهما متهمان بتسجيل شريط فيديو مزيف تضمن تبني الجريمة باسم مجموعة وهمية اطلقت على نفسها "جماعة النصر والجهاد في بلاد الشام".
وقبل ساعات من ذلك، انفجرت شاحنة مفخخة على الواجهة البحرية لبيروت فيما كان الحريري عائدا الى منزله في سيارة مصفحة.
واستخدمت في الانفجار 2,5 طن من مادة تي ان تي، والادعاء الذي يعتزم استدعاء ثمانية شهود بعد بيانه الافتتاحي صباح الخميس والجمعة، يريد التمكن من اثبات جرم المتهمين عبر الاتصالات بين عدة هواتف نقالة تخصهم.
واعلن عن توجيه التهم الى شخص خامس هو حسن مرعي في 10 تشرين الاول/اكتوبر.
ويرفض حزب الله المحكمة ويعتبرها منحازة لاسرائيل والولايات المتحدة، وتسعى الى استهدافه، كما يؤكد ان لا علاقة له بالجريمة.
واعلن الامين العام للحزب حسن نصرالله بعد صدور القرار الاتهامي السابق انه لن يسلم عناصر الحزب المتوارين عن الانظار.
وتفاقمت حدة التوتر يشكل اضافي بعدما وقف حزب الله علنا الى جانب نظام الرئيس السوري بشار الاسد في النزاع الجاري في سوريا.
كما ازداد التوتر مع وقوع موجة جدديدة من التفجيرات في لبنان، يتوقع الخبراء ان تتفاقم تحت تاثير النزاع السوري.
واكد الحريري في الاونة الاخيرة ان المسؤولين عن اغتيال والده هم نفسهم المسؤولون عن اغتيال محمد شطح وزير المالية السابق الذي قتل في تفجير في 27 كانون الاول/ديسمبر 2013 وهو احد شخصيات قوى 14 اذار.
وبعد اغتيال الحريري في 2005، قتلت ثماني شخصيات سياسية واعلامية مناهضة لدمشق في عمليات تفجير واطلاق نار كان اخرها محمد شطح، كما قتلت ثلاث شخصيات امنية وعسكرية فيما شهدت البلاد عدة اعتداءات مرتبطة بالحرب في سوريا.