شهد الاثنين ما يمكن تسميته "مشاورات اللحظة الأخيرة" في محاولة لإنقاذ مؤتمر "
جنيف-2" حول الأزمة السورية، وخصوصا بعد دعوة الأمم المتحدة
إيران إلى المشاركة في المؤتمر؛ ما أثار حفيظة
المعارضة السورية والدول الغربية التي تدعمها.
وقبل يومين فقط من افتتاح المؤتمر في مدينة مونترو السويسرية برعاية الولايات المتحدة وروسيا والامم المتحدة، توعد الائتلاف الوطني السوري المعارض بمقاطعة "جنيف-2" إذا شاركت فيه إيران، بناء على دعوة المنظمة الأممية.
وقال المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري المعارض لؤي الصافي على "تويتر"، إن "الائتلاف يعلن أنه سيسحب مشاركته في مؤتمر "جنيف-2" طالما أن الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون لم يسحب دعوته لإيران" للمشاركة في المؤتمر.
وفي جهد أخير لانقاذ المؤتمر، صعدت الولايات المتحدة لهجتها، مطالبة باستبعاد طهران من المؤتمر، ومشترطة أن تؤيد الجمهورية الإسلامية "علنا" قيام عملية انتقالية في سوريا.
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سامنتا باور أمام مجلس الأمن: "إنه الحد الأدنى المطلوب للمشاركة في هذه العملية السلمية".
ولكن من دون بلوغ هذا الحد، أوضحت باور أن الهدف من المؤتمر الذي سيبدأ الأربعاء في مدينة مونترو السويسرية "تأليف حكومة انتقالية بموافقة متبادلة (بين النظام السوري والمعارضة) تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة تشمل ايضا الكيانات العسكرية والامنية".
وكانت باور تشير إلى "إعلان جنيف" الصادر في 30 حزيران/ يونيو 2012 الذي ينص على "تشكيل حكومة انتقالية، تتمتع بكافة السلطات التنفيذية عبر توافق مشترك"؛ ما يعني تقليص صلاحيات الرئيس السوري بشار
الأسد.
وعلى أثر الإعلان الأمريكي، أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة مارتن نسيركي الاثنين، أن بان كي مون يشعر بخيبة أمل حيال رفض ايران دعم عملية انتقالية في سوريا، وهو "يدرس خياراته".
وأضاف المتحدث أن "إيران رغم الضمانات الشفوية للأمين العام أدلت بتصريحات مخيبة"، مشيرة إلى أنها ترفض إعلان جنيف 1 (30 حزيران/ يونيو 2012) قاعدة للمفاوضات في
سويسرا.
وكانت إيران -أبرز حليف إقليمي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد- أعلنت في وقت سابق الاثنين مشاركتها في مؤتمر "جنيف-2"، لكنها رفضت الشرط المسبق بالموافقة على تشكيل حكومة انتقالية في هذا البلد.
بدوره، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من لاهاي أن على كل الدول المدعوة إلى مؤتمر "جنيف-2" أن "تقبل ببرنامجه؛ أي المرحلة السياسية الانتقالية" في سوريا.
فيما أعلن الاتحاد الأوروبي أن مؤتمر "جنيف-2" حول سوريا يجب أن يكون "خطوة أولى نحو عملية سياسية انتقالية".
ويأتي دور إيران في النزاع السوري بالتزامن مع بدء تطبيق الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي أبرم أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر بين إيران والقوى الكبرى.
وفي مقابل المواقف الأمريكية والفرنسية والأوروبية، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المعارضة السورية والغربيين من "خطأ لا يغتفر"، في حال غابت إيران عن المؤتمر.
وإن توصلت القوى الإقليمية مثل إيران والسعودية، والقوى الدولية مثل روسيا والولايات المتحدة، والمعارضة السورية في الساعات المقبلة إلى اتفاق، فإنه ينتظر وصول ممثلوهم الأربعاء إلى مونترو لافتتاح المؤتمر.
لكن المفاوضات بحد ذاتها بين حكومة الأسد والمعارضة يفترض أن تبدأ الجمعة في جنيف، إلا أن أهداف الفريقين تبدو إلى الآن على طرفي نقيض، ولا سيما مع إصرار المعارضة على أن هدفها الوحيد هو التخلص من الأسد.
كذلك فإن التصريحات الأخيرة للرئيس السوري ليس من شأنها إرضاء المعارضة.
ففي مقابلته الحصرية مع وكالة فرانس برس، رفض بشار الأسد تسليم رئاسة أي حكومة مقبلة للمعارضة.
وقال في هذا الصدد: "هذا يعتمد على من تمثل هذه المعارضة (...). أن نأتي برئيس وزراء من المعارضة وهو لا يمتلك الأكثرية (في البرلمان)، فهذا مناقض للمنطق السياسي في كل دول العالم"، مشيرا الى ان "الانتخابات (النيابية) المقبلة (...) ستحدد الحجم الحقيقي لقوى المعارضة المختلفة".
واعتبر أن معركة إسقاط الدولة السورية "فشلت"، لكن المعركة على الإرهاب مستمرة، وتحتاج الى "زمن طويل"، مشيرا إلى أن "القرار الأهم" الذي يمكن أن يخرج عن "جنيف-2"، المفترض أن يمهد الطريق لحل سياسي للنزاع الذي أسفر عن سقوط أكثر من 130 ألف قتيل منذ آذار/ مارس 2011، هو "مكافحة الارهاب".
إلا أن المطلب الرئيسي للمعارضة هو أن يؤدي مؤتمر "جنيف-2" إلى رحيل الأسد عن الحكم.
وأضاف الأسد الذي بدا مرتاحا ومبتسما: "بالنسبة إلي، لا أرى أي مانع من أن أترشح لهذا المنصب (الرئاسة)، أما بالنسبة إلى الرأي العام السوري، (...) إذا كانت هناك رغبة شعبية ومزاج شعبي عام ورأي عام يرغب بأن أترشح، فأنا لن أتردد ولا لثانية واحدة بأن أقوم بهذه الخطوة".
واستطرد: "بالمختصر، نستطيع أن نقول إن فرص الترشح هي فرص كبيرة".