احتفى مثقفون وشعراء بالمغرب مساء السبت في العاصمة الرباط بالشاعر
المغربي محمد
بنيس في أمسية ناقشوا خلالها آفاق الشعر الحديث، والقصيدة المعاصرة بالمغرب، والإسهامات التي قدمها هذا الشاعر المغربي في حركة التحديث الأدبية التي عرفها العالم العربي.
وفي تصريحات لوكالة الأناضول، قال بنيس إن تكريمه من قبل شعراء أصدقاء، وقراء "لحظة إنسانية مميزة"، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يتجاوز كونه تكريما، بل يعد أحد حلقات النقاش المعرفي بخصوص أعماله الشعرية.
واعتبر بنيس أن "المغرب الذي عُرف لعقود بتميزه على مستوى الانتاجات الفلسفية، حاضر بقوة في مجال الإبداع الأدبي، سواء على الصعيد المغاربي أم في الشرق العربي"، مضيفا أن "هناك أسماء مغربية أبدعت في الأدب والشعر، وتُرجمت أعمالها إلى لغات عدة من بينها اللغة التركية".
وولد محمد بنيس عام 1948 بمدينة فاس المغربية التي تابع فيها دراسته، ونال بجامعتها البكالوريس عام 1972، وانتقل بعدها إلى العاصمة الرباط، حيث حصل على شهادة الدكتوراة حول "الشعر العربي المعاصر" عام 1988، إلا أن علاقته بالشعر بدأت منذ وقت مبكرة، حيث كان نشر عدد من أعماله الشعربية بجريدة "العلم" المغربية عام 1968، وأصدر أول ديوان شعري له عام 1969 تحت عنوان "ما قبل الكلام".
وأجمع عدد من الشعراء بالمغرب الذين قدموا شهاداتهم بخصوص تجربة بنيس الشعرية، على الدور الذي لعبه هذا الشاعر في إخراج النص الشعري في المغرب من طابعه التقليدي، المحكوم بنمطية الصياغة والموضوع، ليفتح أمامه آفاق أخرى تبحث في مكونات الذات وأشواقها التواقة للحرية والثورة على المألوف العادي، ساعية لفهم أسباب
الحداثة المعطلة، وتجاوز لحظة الكبوة العربية، واستعادة المبادرة التاريخية لا في ميادين السياسة والاقتصاد فقط، بل مجلات الثقافة والمعرفة والإبداع.
وأسهم محمد بنيس بشكل لافت في حركية المشهد الثقافي المغربي والعربي منذ ثمانينات القرن الماضي، وانصب اهتمامه على إعادة الاعتبار إلى اللغة العربية كعامل لفظي يصوغ به الشاعر أحاسيسه ويشكل من خلاله رؤيته للواقع.
إلا أن بنيس ورغم الأهمية التي يوليها للعربية، فإنه حرص من خلال نصوصه الشعرية على تحريرها من شوائب تراثها، والنأي بها عن كل معتقد إيديولوجي، في محاولة لتحديث اللغة الشعرية دون انضباطها لنظام أو بنية محددة، تسمح للقصيدة بحرية أوسع وللقارئ بأفق أرحب.
وحصد بنيس عددا من الجوائز الأدبية اعترافا بعطائه الشعري، وإسهاماته في تحديث الشعر العربي، من بينها الجائزة المغاربية للثقافة بتونس، وجائزة عويس بالإمارات العربية المتحدة، وجائزة تيسبو العالمية للأدب بإيطاليا، كما تم تكريمه في فرنسا بمنحه وسام فارس الفنون والأدب عام 2002، فيما توج السنة الحالية بجائزة "ماكس جاكوب" الفرنسية، عن ديوانه الذي صدر مؤخرا "المكان الوثني" الذي تمت ترجمته للفرنسية.