أثار إعلان القوات المسلحة، عن ابتكار
جهاز للكشف المبكر عن فيروسات
الكبد والإيدز وأنفلونزا الخنازير، وعلاج تلك الأمراض، لغطا كبيرا في
مصر، وشكك الكثيرون في مصداقية هذا الإنجاز العلمي.
وقال المتحدث العسكري على صفحته على فيس بوك: "إن الجهاز يكتشف تلك الفيروسات بدون الحاجة إلى أخذ عينة دم المريض، ويعطي نتائج فورية".
وأوضحت القوات المسلحة فى بيان لها "أنه تم إجراء جميع الدراسات والتجارب على النظام العلاجى الخاص بالجهاز، على الحيوانات والمرضى المتطوعين، وأن نسبة نجاحه تتجاوز 90%، مؤكدة عدم وجود آثار جانبية له، بل أنه يحسن الوظائف الحيوية للمريض".
لم يستوف الشروط
وتعليقا على هذا الكشف، قال دكتور محمد عز العرب، أستاذ الكبد والجهاز الهضمى رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد: "إن فكرة الجهاز تعتمد على التأثير على التركيب الجينى للفيروس، من خلال تمرير دم المريض على جهاز معين، حيث تقوم موجهات كهرومغناطيسية بعملية "تأين" للفيروس أيا كان نوعه، سواء فيروس إتش آي في المسبب لمرض
الإيدز أو فيروس سي المسبب لمرض الإلتهاب الكبدي الوبائي، أو حتى فيروس إتش 1 إن 1 المسبب لأنفلونزا الخنازير".
وشدد عز العرب في تصريحات خاصة لـ عربي 21، على أنه يجب أن يخضع هذا الجهاز الجديد للمراحل العلمية الثلاث، للتأكد من فاعليته وعدم وجود آثار جانبيه له، مشيرا إلى أن الجهاز تمت تجربته على 80 مريضا في مستشفى حميات العباسية بالقاهرة، لكن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لم تنشر نتائج هذه التجارب وأبقتها سرية".
وأشار إلى أن "المعتاد أن يتم الإعلان عن مثل تلك الاكتشافات في مؤتمرات علمية، وفقا للبروتوكولات المتبعة في هذا الشأن، وليس في مناسبة سياسية كما حدث يوم السبت، مطالبا بالتأكد من أمان وفعالية هذه التقنية الجديدة، من خلال عرضها على مراكز الكبد البحثية المعتمدة في مصر، بعد ان يتم مناقشة نتائجها مع أساتذة الكبد".
وفيما يعد تشكيكا واضحا في إعلان القوات المسلحة عن الجهاز الجديد، شدد دكتور عصام حجي المستشار العلمي لرئيس الجمهورية المؤقت، على ضرورة التزام المؤسسات العلمية المصرية بالمعايير الدولية للبحث العلمي والنشر والإنتاج، قبل إعلانها عن النتائج التي توصلت إليها.
وتابع "حجي" على صفحته على فيس بوك: "الرئيس عدلي منصور أمر بعرض النتائج المذكورة على لجان علمية متخصصة، ثم التواصل مع مؤسسات ومركز بحثية عالمية للتأكد من اكتمال وسلامة البحث وصحة النتائج، قبل أي تطبيق له، وأن الرئاسة تؤكد على الثوابت الراسخة للمدرسة العلمية المصرية، في حتمية مراعاة القواعد العلمية ومناهج البحث الحديثة، والمستويات العالمية المعاصرة في الإجازة والجودة".
وبسبب حملة
التشكيك التي انتشرت في الساعات الأخيرة حول هذه التقنية، عقدت القوات المسلحة مؤتمرا صحفيا مساء الأحد، حول الجهاز لشرح طريقة عمله والرد على التساؤلات حوله.
وخلال المؤتمر قال اللواء إبراهيم عبد العاطى، مخترع الجهاز: "إنه قادر على قهر الإيدز بنسبة 100% ،وقهر فيروس سى بنسبة تزيد عن 98 %، مؤكدا أنه لن يكون هناك مريضا بفيروس التهاب الكبد الوبائى فى مصر بعد اليوم،.
من جانبه قال اللواء طاهر عبد الله، رئيس الهيئة الهندسية: "إن الجهاز الجديد سيتم تشغيله في مستشفيات القوات المسلحة، اعتبارا من 30 يونيو المقبل".
كشف قديم
وبالبحث عن الموضوع، اكتشفنا أن القوات المسلحة كانت قد أعلنت في أبريل 2012 ، عن انتهائها من تصميم جهاز جديد يكتشف فيروس سي ويعالجه.
وعقدت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في ذلك الوقت، مؤتمرا قالت فيه إن الجهاز الجديد سوف يحقق ثورة في عالم الطب، لكن رغم مرور نحو عامين على هذا الإعلان، إلا أن هذا الجهاز لم ير النور، ولم يحقق أي نجاح علمي يذكر.
ونفت مصادر بوزارة الصحة، إصدار أي تصريحات للقوات المسلحة بشأن إنتاج دواء جديد لعلاج مرضى فيروس سي وإنفلونزا الخنازير والإيدز.
ونشرت جريدة الجارديان البريطانية، تقريرا الأحد أكدت فيه أن هذا الإكتشاف لا علاقة له بالمنطق ولا أساس علمي له.
بندلعه ونقوله يا فيفي
وأثار الإعلان عن هذا الجهاز موجة هائلة من
السخرية، على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث قال أحدهم "هيجيبوا المريض ويوقفوه قدام صورة السيسي، فيطلع شعاع من عين السيسي يقتل الفيروسات، ويتم شفاؤه دون الحاجة إلى أخذ عينة من دم المريض".
وقال آخر "لواء
الجيش بيقول انهم طوروا الجهاز ليكون ديجيتال!! أومال كانت النتائج بتطلع إزاي في الأول يا حيلتها؟! ... مكتوبة بالفحم على الصخر؟ إيه البهايم اللي بيحكمونا دول؟!
وقال ثالث "مش لما تتعالجو انتو الاول من الأمراض، ده انتوا اخركم كيس المكرونة ".
وربط نشطاء بين الإعلان عن هذا الجهاز الطبي، وبين ما كان العسكر يعلنونه من إنجازات علمية وهمية في الخمسينات والستينات، عن اختراع طائرة أسرع من الصوت مرتين، وعن صواريخ ذات قدرات خارقة، وبعدها بشهور كانت إسرائيل تحتل سيناء بالكامل وتدمر الجيش المصري دون مقاومة تذكر.
وعرض التليفزيون المصري تقريرا مصورا عن
العلاج الجديد، وظهر في الفيديو المذاع، أحد أطباء الجيش وهو يفحص مريضا بواسطة الجهاز، ويقول له: "تحاليلك زي الفل قدامي، وكان عندك إيدز وراح".
وتعجب كثيرون من هذا التسطيح في التعامل مع المرض، فقال أحدهم "بالبساطة دي؟ المرض اللي مدوخ البشرية كلها من 50 سنة الظابط بيقوله كان عندك ايدز وراح، كأن الراجل كان مصدع حبيتين وخد مسكن"، وتهكم أحدهم على الجهاز قائلا "ولسرعته في اكتشاف الفيروس تم تسميته فاست، وبندلعه وبنقوله يا فيفي".