حرم قرار الحكومة في ميانيمار (بورما) طرد منظمة
أطباء بلا حدود حوالي 750.000 مسلم ينتمون لأقلية
الروهينغا من العناية الصحية، حيث كان أبناؤها يعتمدون على الخدمات التي تقدمهاتلك المنظمة الدولية التي تعتبر المزود الرئيس لخدمات الإغاثة الطبية في المنطقة.
وقررت الحكومة في رانغون وقف كل نشاطات المنظمة قبل أسبوعين بعد اتهام مسؤولين في الحكومة أطباء المنظمة بتفضيل
المسلمين في العناية الطبية على بقية الأقليات الأخرى مثل أقلية راكين البوذية.
ويقول عمال إغاثة إن الحكومة تحاول من خلال إغلاق عيادات أطباء بلا حدود التأكد من وجود قلة من الأطباء الأجانب ممن يشهدون أعمال العنف في فترة إحصاء قريبة للسكان.
وأظهرت الأدلة وتقارير شفوية أن قرار الحكومة أدى إلى وفاة 150 مسلما منذ 28 شباط/فبراير بسبب غياب المساعدات الطبية، وهناك أكثر من 20 امرأة تعاني من حمل خطير. وكانت منظمة أطباء بلا حدود الملاذ الوحيد أمام الحوامل بوضع صعب للحصول على تحويل لمستشفيات الحكومة.
وعندما قررت الحكومة وقف نشاطات المنظمة الدولية،لم تقدم معلومات إضافية عن المدة الزمنية والوقت الذي ستسمح لها خلاله باستئناف نشاطاتها من جديد. لكن وزارة الصحة نشرت بيانا على لسان وزيرها دكتور سوي لوين نيين جاء فيه أن الحكومة ستأخذ على عاتقها تلبية احتياجات المجتمعات في إقليم راكين، فيما قال متحدث باسم الرئيس ثين سين، إن الحكومة قامت بإرسال مساعدات طارئة وفريق للرد وزودته بثماني سيارات إسعاف بعد إغلاق عيادات منظمة أطباء بلا حدود.
كل ذلك مع أن الخدمات الصحية في ميانيمار تعتبر الأكثر بدائية في آسيا. وفي ظل القيود التي تقيد حركة المسلمين في إقليم راكين ودخولهم وخروجهم من قراهم، فإن إغلاق عيادات أطباء بلا حدود سيترك أثرا خطيرا على السكان حسبما يقول أطباء.
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن منظمة أطباء بلا حدود كانت أكبر المؤسسات التي تقدم خدمات في مدن مثل منوغداو وبثيدونغ، حيث كانت تقدم خدماتها لأكثر من 500.000شخص معظمهم من الروهينغا. وهناك 200.000، من بينهم الكثير من الروهينغا الذي شردوا عن مناطقهم وحشروا في معسكرات حول عاصمة الإقليم سيتوي كانوا يحصلون على خدمات المنظمة أيضا.
وفي حي أونغ مينغالا المسلم قال المرضى الذين يعانون من مرض السل، وهو مرض شائع في المنطقة، إنه لم يبق لديهم إلا القليل من الأدوية التي يتناولونها لعلاجه. ويحظر على الروهينغا الذين يعيشون في الحي مغادرته، حيث يحاط بالأسيجة ونقاط الأمن وضباط الشرطة.
وتنقل عن مقلان (30 عاما) قوله "لأن أطباء بلا حدود لم يعودوا موجودين في راكين، لا أعرف كيف سأحصل على الدواء عندما ينتهي ما عندي". وعبّر مقلان عن أمله بعودة الأطباء سريعا.
وعبّر آخر، وهو شفيع الله وعمل مع أطباء بلا حدود في حي أونع مينغلا عن قلقه على المرضى الذين يعانون من السل والملاريا ومرض نقص المناعة "فهؤلاء المرضى كانوا يحصلون على المساعدة من أطباء بلا حدود منذ عدة سنوات".
وفي شمال راكين حيث فتحت المنظمة خمس عيادات دائمة وعشرين متنقلة، يعاني 20% من الناس من سوء التغذية. وقد تم إغلاق مركز للتغذية المكثفة لهم بقرار حكومي.
وتشير الصحيفة إلى أن الحكومات الغربية والأمم المتحدة مترددة في إزعاج الحكومة في ميانيمار التي بدأت مشروعا للإصلاح الاقتصادي والسياسي. واختارت الدول المانحة "الدبلوماسية الهادئة" بدلا من النقد العلني لطريقة معاملة الحكومة لمسلمي الروهينغا.
لكن قرار رانغون وقف عمليات المنظمة أثار قلقا عاما، وقال مارك كاتس، مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية في ميانيمار "نحن قلقون بشدة" و"نعقد نقاشات مع الحكومة بطريقة تسمح باستئناف العمليات في أقرب فرصة ممكنة".
وقال نائب مدير الصحة دكتور سوي لوين نيين إن الحكومة يمكن أن تقبل مساعدات طبية لعلاج السل ومرض نقص المناعة من أطباء بلا حدود،وكيف ستوزع هذه المساعدات يظل غير واضح.
ورغم أن المنظمات الدولية الأخرى مثل الصليب الأحمر الدولي التي تدعم المراكز الصحية الحكومية سمح لها بمواصلة عملياتها في سيتوي وماروك يو، إلا أن أطباء بلا حدود تظل أكبر مزود للخدمات الصحية في إقليم راكين.
واستهدفت الحكومة المنظمة لأنها قدمت العناية الطبية لـ 22 مسلما بعد قيام قوات الأمن بمداهمة قرية دو تشي يار تان في كانون الثاني/ يناير،حيث قالت الأمم المتحدة إن 40 شخصا قتلوا أثناء ليلة من العنف.
ونفت الحكومة وقوع قتلى، وأرسلت وفدا رئاسيا للقرية للتحقيق ولم يعثر الفريق على أدلة عن وقوع قتلى. وكانت اللجنة هي الثالثة التي أرسلت للتحقيق وتطابقت نتائجها مع التحقيقين السابقين.
وانتقدت الحكومة أطباء بلا حدود، وقالت إنها تعتمد على الروهينغا في مساعدتها وتقدم مساعادات طبية تحبذهم. وبحسب التعليمات المعمول بها في إقليم راكين يحظر على الروهينغا زيارة المؤسسات الطبية التي تديرها الدولة.
وتدافع منظمة أطباء بلا حدود عن نفسها بالقول إنها قدمت العلاج لسكان راكين منذ عام 1994 ولم تميز بين اثنية وأخرى. ويقول عمال الإغاثة الطبية الأجانب إن سكان راكين البوذيين يستطيعون الحصول على خدمات الحكومة المحرمة على المسلمين.
ويتوقع أن تزداد المشاعر المعادية للمسلمين بعد وصول أحد الوعاظ المتشددين البوذيين واسمه أشين ويراثو،وشبّه المسلمين بالكلاب، في زيارة تستمر 5 أيام.
وقال ويراثو في خطبة له في المعبد الرئيس في سيتوي يوم الأربعاء إنه لو سمح للديمقراطية الغربية بالتأثير على ميانيمار،فسكان راكين سيصبحون وبأعداد كبيرة مسلمين وسيختفي البوذيون.
ويبدو أن الزيارة تتزامن مع الإحصاء الوطني، وهو الأول في ميانيمار منذ 30 عاما، وسيعقد في الفترة ما بين 30 آذار/ مارسو10 نيسان/إبريل. ومن المتوقع أن تزيد درجة التوتر في راكين في هذه الفترة التي يجري فيها الإحصاء الذي تموله بريطانيا والأمم المتحدة.
وهدد السياسيون في راكين بمنع المسلمين الروهينغا من تعريف أنفسهم كروهينغا،ربما لأنهم لو قاموا بذلك فإن عددهم سيصبح أكثر من العدد الحالي المقدر بـ 1.4 مليون نسمة من النسبة الإجمالية للسكان، وهي 60 مليونا.