تساءل الباحث في معهد
بروكينغز شادي حميد عن الإجراءات التي ستقوم بها
إدارة أوباما، بعد صدور أحكام إعدام جماعية على عناصر إسلامية.
وقال الباحث إن النظام
المصري الجديد، المدعوم من العسكر، يمكنه أن يدعي لنفسه سبقا جديدا في قائمة الأشياء الكبرى، وهي أكبر عملية حكم بالإعدام في تاريخ البلد الحديث.
ويقول في مقاله الذي نشره موقع "
بوليتكو" إن اضطهادا وقمعا يتم ارتكابهما منذ تسعة شهور من الانقلاب، تفوقا في حدتهما ليس على ما جرى في عهد الرئيسين محمد أنور السادات وحسني مبارك فحسب، بل على ما ارتكب في عهد جمال عبد الناصر كذلك، سواء كان ذلك في عدد الناشطين الذين قتلوا أم الذين اعتقلوا.
وتابع: "كل هذا ليس بغريب، ولكن الأكثر غرابة هو الحكم الأخير بإعدام 529 من مؤيدي الإخوان المسلمين، حيث جاء في توقيت غير جيد للإدارة الأمريكية".
ففي 12 آذار/ مارس، أعرب وزير الخارجية جون كيري عن أمله باستئناف المساعدات العسكرية والمالية لمصر قريبا "في الأيام القادمة". وهذا يقتضي من الخارجية تقديم شهادة "حسن سلوك" للكونغرس؛ بأن مصر حققت تقدما على طريق الديمقراطية.
وأشار الكاتب إلى أن كيري تعامل مع قَطْع الإدارة الجزئي للمساعدات في تشرين الأول/ أكتوبر؛ باعتباره مجرد مضايقة لا أكثر.
وأكد في تشرين الثاني/ نوفمبر لنظرائه المصريين أن "قضية المساعدات ليست إلا قضية صغيرة"، وقال إن "خريطة الطريق" المصرية تتحرك "في الاتجاه الذي كان الجميع يأمل أن تسير فيه"، وهو تصريح مثير للدهشة مع مرور الأيام -على ما يقول الكاتب-.
ولاحظ الكاتب -أيضا- الطريقة التي تعاملت فيها الخارجية مع حكم محكمة المنيا؛ ففي الوقت الذي عبرت فيه المتحدثة باسم الخارجية ماري هارف عن "الصدمة" من الحكم الذي "جانب المنطق"، فإنها تحدثت قبل ذلك عن الكلام المعروف حول "التحول الديمقراطي" الذي لم يكن.
ويرى الكاتب أن الكونغرس كان نوعا ما واعيا للنزعة الشمولية المصرية. ووضع مشروع القانون الشروط للشهادة، بعد أن حذف منها الشروط المتعلقة بالأمن القومي؛ ما يعني عدم تمكن الإدارة من تجاهل شروط الكونغرس كما فعلت في الأعوام الأخيرة من عهد مبارك. ورغم هذا فإن اللغة التي صدرت عن الكونغرس، والمتعلقة بمصر، ظلت ضعيفة وغامضة ويمكن تحويرها والتحايل عليها بسهولة، فقد أكدت اللغة أن مصر تتخذ "الخطوات الضرورية نحو التحول الديمقراطي".
وبحسب هذا الفهم، فإن الإدارة ستتمكن من الإشارة إلى خطوة أو خطوتين إيجابيتين اتخذتها الحكومة المصرية، بعيدا عن خطوات أخرى كثيرة اتخذها النظام الحاكم في مصر بالاتجاه المعاكس.
ويشير الكاتب هنا إلى أن الإدارة في مصادقتها على "خطوات مصر نحو الديمقراطية" ستكون انتهكت روح القانون، وكذا التعاليم الإرشادية لمشروع القرار الذي صاغه السناتور باتريك ليهي، وتكون صادقت على أكبر نظام اضطهادي في المنطقة، وقالت في الوقت نفسه إنه يتحرك نحو الديمقراطية؛ ما سيكون مثيرا للخجل.
ويضيف الكاتب أن تصريحات كيري المتعجلة عن قيام الجيش "بإعادة الديمقراطية"، أو أن "خطة الطريق تطبق في أحسن حالاتها"، أو أن الإخوان المسلمين "سرقوا الثورة"، هي تصريحات كما يقترح دائما تعبر عن رؤية شخصية، ولا يشاركه الرأي فيها مسؤولون في البيت الأبيض، ولا تعبر عن موقف رسمي.
وبعيدا عن اتساق تصريحات كيري، فإن المشكلة التي ستواجهها الإدارة هي في قيامها -بناءً على توجيهات وزير الخارجية- باستئناف الدعم السنوي لمصر؛ ما يعني أنها تقوم بالمصادقة، وبشكل واضح على تحول النظام باتجاه القمع.
ويتساءل حميد عما إذا كانت الولايات المتحدة تسير في الاتجاه الخطأ أم لا، فما هي الخطوات الصحيحة الواجب عليها اتباعها؟ وهنا يشير إلى مقال نشره مع زميله بيتر ماندافيل، وحددا فيه سلسلة من الخطوات الصعبة، ولكن الضرورية والواجب على الإدارة اتخاذها لتعديل موقفها من مصر.
وشملت هذه الخطوات تعليقا شاملا للمساعدة الأمريكية مترافقا مع إيصال رسالة واضحة للمصريين عبر الطرق السرية أو العلنية، حول ما هو المطلوب حتى يم استئناف المساعدة.
ويضيف أنه كلما انتظرت تعقدت الأمور أكثر، وسيكون من الصعوبة بمكان تحويل المسار. وهذا يعني ضيق الخيارات التي ستتوفر لدى الولايات المتحدة.
ويرى الكاتب أن قلة الخيارات ذات العلاقة بعدم دعم الولايات المتحدة المالي للسياسات القمعية للنظام المصري، عبر إجراءات ذات مصداقية؛ ما يعني أن النظام في مصر سيحاسب على أفعاله.
ويتابع: "لن يكون لإدارة أوباما أي نفوذ على النظام في مصر، طالما أن هذا يعرف أنه لن يعاقب على قتل وسجن وقمع معارضيه حسبما يريد. وأعطى الموقف الأمريكي الضعيف أعضاء النظام المصري الشعور بأنهم سيفلتون من مسؤولية الأعمال التي ارتكبوها، ولا يزالون يعتقدون بهذا. وهذا يفسر استمرارهم في القمع في الوقت الذي اقترح فيه استئناف المساعدات الأمريكية، وهو ما يشي بحس عدم الاهتمام أو الاحترام".
ويختم الكاتب بالقول، إن اتخاذ إجراءات رادعة ضد النظام المصري قد يكون فات أوانها أو تأخر كثيرا، وإن كانت الإدارة تنتظر القشة الأخيرة فيجب أن يكون حكم الإعدام الأخير تذكيرا لها بضرورة التحرك. والطريقة الوحيدة لإعادة النفوذ الأمريكي هي سد الفجوة بين ما تقوله الإدارة وما تفعله في الحقيقة. وكخطوة أولى، فإن على الإدارة الإعلان وبلغة صريحة وواضحة عن أن المساعدات التي علقت من السنة المالية السابقة لن يتم المصادقة عليها. فقد ظلت الإدارة تعول على قيام المصريين بالاستماع لصوت العقل ولنصيحة الأمريكيين، ويبدو في النهاية أنهم لا يريدون الاستماع حتى تعطيهم الإدارة السبب الذي يحملهم على هذا.. أي اتخاذ إجراءات صارمة معهم.