اتفق مراقبون فلسطينيون على أن فوز حزب "العدالة والتنمية" الذي يتزعمه رئيس الوزراء رجب طيب
أردوغان، في
الانتخابات المحلية في
تركيا، قد ينعكس بالإيجاب على قطاع غزة المحاصر إسرائيليا للعام الثامن على التوالي.
ورأوا أن تركيا بوزنها الإقليمي، والدولي، وعلاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل بإمكانها أن تكون "العنوان الأبرز"، في اتجاه تخفيف وطأة الحصار وانتشال قرابة مليوني مواطن، من كارثة إنسانية غير مسبوقة.
ويقول رامي عبدو، مدير المرصد "الأورو متوسطي" لحقوق الإنسان في قطاع غزة إنّ "العلاقة بين فلسطين وتركيا لم تكن يوما على قاعدة المصلحة، كما هو الحال مع كثير من الدول، بل كانت انتصارا لقيم العدالة، و(المظلومية)".
وأضاف:" تركيا دولة لها ثقلها، وعلاقاتها المميزة سياسيا واقتصاديا مع الدول العظمى، ستدفعها نحو أداور أكثر فعاليّة لإنعاش اقتصاد غزة الذي يعيش أسوأ أرقامه هذه الأيام."
وقد أظهرت النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات المحلية التركية التي جرت مساء الأحد تقدم حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، بنسبة 45.56% من إجمالي الأصوات.
وتوقع عبدو، أن تطّور تركيا من مواقفها الداعمة لقطاع غزة، والعمل على تفكيك حلقات الحصار الخانق.
ويخضع قطاع غزة لحصار فرضته إسرائيل منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية عام 2006 ، وشددته عقب سيطرة الحركة، على القطاع في صيف العام 2007.
ويعيش 1.8 مليون فلسطيني في قطاع غزة، واقعا اقتصاديا وإنسانيا صعبا، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي والمتزامن مع إغلاق الأنفاق الحدودية من قبل السلطات المصرية.
وترتفع معدلات البطالة والفقر، وفق وزارة الاقتصاد التابعة للحكومة المقالة في غزة إلى ما يزيد عن 39%.
ويرى "طلال عوكل"، الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية المحلية أنّ فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية في تركيا، ينعكس بشكل مباشر على القضية الفلسطينية.
ويضيف عوكل، في حديثٍ لوكالة "الأناضول" إن فوز حزب "أردوغان"، يشكل أهمية كبيرة، وخاصة لقطاع غزة المحاصر.
وتابع:" الدور الذي كان يلعبه حزب العدالة والتنمية، في نصرة ودعم الغزيين، سيتواصل، وقد يتطور إلى فك الحصار الذي تفرضه إسرائيل، من خلال دورها الوازن والفعّال في المنطقة".
وسيشّكل الفوز دعما أكبر لحركة حماس، التي تدير القطاع منذ عام 2007، فلو خسر حزب العدالة والتنمية، ستكون الحركة قد تلقت ضربة كبيرة وقوية، وفق عوكل.
واستدرك بالقول:" الحركة فقدت الكثير من الحلفاء مؤخرا، وفي مقدمتهم إيران، وسوريا، وتأثرت بعزل الرئيس المصري محمد مرسي، ولو خسر حزب العدالة في تركيا، فمن الطبيعي أن تزداد عزلتها".
وتعاني حركة حماس التي تتولى إدارة الحكم في قطاع غزة، من عزلة فرضتها متغيرات الوضع العربي والإقليمي، حيث فقدت مؤخرا حليفا قويا بعد عزل الجيش المصري بمشاركة قوى وشخصيات سياسية ودينية للرئيس السابق محمد مرسي في يوليو/تموز الماضي.
وأصدرت محكمة "الأمور المستعجلة"، بالقاهرة، في 4 مارس/آذار الجاري، حكما قابلا للطعن، بوقف نشاط حركة "حماس"، داخل مصر، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفظ علي مقراتها داخل بمصر.
وأعرب عوكل، عن أمله في أن تلعب تركيا دورا كبيرا، في إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، وأن تواصل الدور الذي قامت به طيلة الأعوام الماضية في دعم القضية الفلسطينية.
ويكنّ الفلسطينيون احتراما كبيرا لتركيا لمواقفها الداعمة لهم، بدءا من رفضها لحرب غزة (2008-2009)، ومرورا بتوبيخ رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان للرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس في مؤتمر دافوس نهاية شهر يناير/كانون ثاني2009، واتهامه بقتل الأطفال.
وزاد حادث استشهاد 9 متضامين أتراك كانوا على متن سفينة مافي مرمرة، على يد الجيش الإسرائيلي قبالة شاطئ غزة، خلال محاولتهم كسر حصار غزة، نهاية شهر مايو/أيار 2010، من شعبية تركيا لدى الفلسطينيين.
ولاقت الخطوات التركية تجاه إسرائيل في أعقاب حادث سفينة مرمرة، إعجاب الفلسطينيين، وخاصة عقب طرد السفير الإسرائيلي من تركيا، وتجميد العلاقات العسكرية مع إسرائيل، بداية سبتبمر/أيلول2011.
وكان لتركيا دورا كبيرا في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة المعروف باسم (حرب عمود السحاب في نوفمبر/تشرين ثاني 2012)، حيث زار وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو غزة، تحت وقع الغارات الإسرائيلية.
كما دعمت تركيا بشدة، مطلب السلطة الفلسطينية، برئاسة محمود عباس، في نيل صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة، نهاية نوفمبر/تشرين ثاني 2012.
ويرى المحلل السياسي، والكاتب الصحفي الفلسطيني مصطفى إبراهيم، أن تركيا قادرة على الضغط على إسرائيل، والتوصل إلى اتفاق يلزمها ولو على الأقل بتخفيف وطأة الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة.
وأضاف إبراهيم: " بعد عام 2010، زادت عدد الشاحنات المحملّة بالمواد الغذائية، ومستلزمات الحصار إلى القطاع، واليوم نحن أمام مشهد قد يتطور إلى ما هو أكثر، خاصة بفضل ما يتمتع به "أردوغان"، من علاقات دولية مميزة ووازنة".
وقبل عام 2010 لم تكن إسرائيل تسمح سوى بدخول 10 شاحنات، من معبر كرم أبو سالم وبعد منتصف العام 2010 بدأت إسرائيل بالتخفيف من وطأة الحصار، وزيادة عدد الواردات لتصل إلى مئات الشاحنات تحت ضغط دولي عقب قيام قواتها البحرية بالاعتداء على متضامني أسطول الحرية سفينة "مرمرة" التركية، في 31 مايو/أيار 2010، الأمر الذي أدى لمقتل 9 متضامنين أتراك.
وأكد إبراهيم أن تركيا ستشترط على إسرائيل فتح معابر قطاع غزة المغلّقة، وفك الحصار من أجل عودة العلاقات بشكل طبيعي بينهما.
وأغلقت إسرائيل أربعة معابر تجارية في منتصف يونيو/ حزيران 2007 عقب سيطرة حركة حماس على غزة، وإعلانها القطاع "كيانا معاديا".
ومع تشديدها للحصار، اعتمدت السلطات الإسرائيلية معبرين وحيدين فقط، مع قطاع غزة، إذ أبقت على معبر كرم أبو سالم، والواقع أقصى جنوب القطاع (بين مصر وغزة وإسرائيل) معبرًا تجاريًا وحيدًا، حصرت من خلاله إدخال البضائع المحدودة إلى القطاع، فيما أبقت على معبر بيت حانون (إيريز-شمال القطاع) كبوابة لتنقل فئات خاصة من الأفراد بين غزة والضفة الغربية وإسرائيل.
وأوضح إبراهيم، أنه لا يمكن أن تقبل تركيا إلا بفك الحصار، وستواصل مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، ونصرة ودعم قطاع غزة.
وكان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، قد أكد في تصريحات صحفية له، يوم الخميس الماضي على أن عودة العلاقات إلى طبيعتها بين تركيا وإسرائيل باتت "أقرب من أي وقت مضى بعد تقليص معظم الفجوات في المباحثات التي تستهدف تعويض ضحايا ومصابي سفينة مافي مرمرة".