مدونات

السيسي وأردوغان.. شتّان بين الثرى والثريا

أردوغان
أردوغان

في حالة غريبة عميقة نادرة، تعجز كل المعاني عن وصفها.. حالة يأتي لنا فيها الفذّ أردوغان ببشارة لم تسعها قلوبنا؛ من حجم الفرح الذي تحمله بداخلها؛ ففوزه كان شيئا يشبه الفرج المرتقب، خيط من نور يخترق ظلمة قاسية لا حد لها.

أردوغان الذي حُرِمَ الشعب العربي من وجود شخصية مشابهة له في بلادهم، فتاقوا لأن يكون عندهم مثله، وتمنّوا له الوصول، ليس لأنه أردوغان فحسب؛ بل لأنه عمّق معنى الوَهب من أجل الوطن، والصمود في وجه المحن، والادعاءات، والكلمات الجارحة الناقدة، لأنه يؤمن أن الوطن يحتاج لمن يقدم له دون أن يلين لأي حاقد، واهن، مُدعٍ، آثم!

وفي مكان آخر على وجه هذه البسيطة، نرى ترشح السيسي للرئاسة كعتمة تغطي ما بقي في قلوب المصريين من أمل مرتقب! كهادم البناء بعد تعمير.

بين لحظة فرح ولحظة اندهاش واستنكار ورفض، يتصور مشهدٌ غريب!

المفارقة كبيرة، فأردوغان من مسح بيده على قلوب الناس بلمسة رفق، ودخل بيوتهم كالهالة الرقيقة التي تنفذ من جميع الحواجز لتستقر بالقلب تمنحه ما يحتاج، جديرٌ به أن يلقى قبولا بين شعبه، بل في شتى أنحاء الأرض! وجدير أيضا بالشعب العربي قبل التركي، أن يطلق "هاشتاغ"، "#فاز_أردوغان" ليتسابقوا بتهنئته، وتقديم الشكر لما فعله من أجل الشعوب في فلسطين وسوريا، ولوقفته مع كل من يحتاج له، وليس غريبا أن يحقق الهاشتاغ أعداد مشاركة رهيبة في يوم واحد، ويغزو صفحات التواصل الاجتماعي.

أما في "أم الدنيا" مصر.. يتصدر الظلم، والعدالة الغائبة، والموت المحتم لكل من يقول لا، لكل من رغب بالتعبير عما بداخله، داخل دائرة مغلقة لا يرى فيها سوى الانغلاق، يظهر لنا وجه السيسي.

في وطن نشبت بداخله النيران والقيامات، وارتُكبت فيه كل أنواع البشاعات، من قتل، وسحل، وسجن، وحرق، وضرب، وتكسير؛ على يد من يريد أن يبني مجده على رماد شعبه! جدير أيضا بشعبه أن يطلق "هاشتاغا" للتعبير عن رفضهم، واستنكارهم، واستهزائهم بترشحه بعنوان مُذِلٍ مقيت: "انتخبوا_العر.." ويحقق أرقاما عالية في "الفسيبوك"، و"تويتر"!..

هكذا القتلة دائما لا قضية لهم سوى ذواتهم، يوغلون في سبيلها في العرض والدم، لا بأس عندهم في أن يدمروا الإنسان والوطن من أجلهم.. من أجلهم فقط!

نبحث عن الإجابات المستحيلة داخل أسئلة مستعصية تحملها قلوب الكثيرين، ما الذي تفعله بشعبك وأرضك؟ ومن يشدّ أزرك؟ ما نهايتك ونهايتهم؟!

كل يوم يرحل بمصر نحو مجهول، يتعوّذ فيه شعبها من كل ظلم وجور، منذ أن اختلط القتل، والموت، واللاجدوى من الحياة، بالأمل الذي يحمل وجع المخاض الأخير!

كل يوم تتجرع مصر وأهلها فجيعة مختلفة عن سابقتها، ولكن اختلافها ظاهر للعيان، إذ تكون كأسياخ حديد تغزّ في الجسد من كل مكان. رائحة الموت التي تجول الجامعات والطرقات، تنفذ للأنوف حاملة مرارة الحياة، تبقى عالقة بالذاكرة تذكر في وطن كان الخراب هو الحقيقة الوحيدة المرئية فيه.

شباب مصر، جمرة حيّة داخل رماد كثيف، انتفضوا من أجل وطنهم، وأرادوا أن يزيحوا من كان سببا في تجرّع مصائبهم، ولكن إرادتنا في بعض الأحيان لم تصل لدرجاتها القصوى!

في مصر، وفي كل مكان على وجه الأرض، نقول كلمة واحدة كفيلة بتفصيل الموقف: الوطن يحتاجك واقفا على قدميك!.. حتى تأخذ ما تريد، حتى لا تموت مختنقا بالقهر، والبؤس، انهض لتنتزع حقك من ظالمك، تحتاج فقط أن تكون واقفا على قدميك بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لتجسد حقيقة حب الوطن والتضحية من أجله، حتى لا يدخل الموت إلى قلبك، ولا تخفت أنوار عينيك، ولا يغتال الشحوب بهيّ الحياة في وجهك، ولا تقف صفر اليدين والقلب والوجدان.. انهض!

فأمام هذا الحريق لا نملك شيئا آخر سوى المواجهة، حتى ولو حولتنا المواجهة إلى رماد.

ففي حين يزحف السيسي بثقل كبير بمصر نحو حتفها، يأتي أردوغان.. بوجه يملؤه نور استثنائي، يحمل في نفسه نوعا من المقاومة للتفاصيل المنهكة، يحاول جاهدا أن يرقى بنفسه، بشعبه، ووطنه.

ويبقى الفرق شاسعا بين الاثنين، وشتّان بين الثرى والثُريّا!!
التعليقات (1)
منال عبداللطيف
الأحد، 17-07-2016 05:23 ص
لا يملك اردوغان كل هذا الحب فى قلوب العرب خاصة وانه ينتمى لجماعة تختلف اختلافاً جوهرياً مع الايدولجيات الأكثر انتشاراً عندنا ولا تتوأم معها بالكلية لدرجة أن تبرير دخول رموز الدعوات كان أهم أحد اسبابه خشيتهم بتفرد حركة الإخوان بالسلطة باعتبارها غريم وليس شريك. لكن لماذا كل هذا الحب للرجل الذى لا علاقة بيننا وبينه وكل جهده المشكور والمنبوذ لا يعود علينا ولا على الأمة العربية بشيء سوى دس أنفه فيما لا يعنيه واستباحت آراضينا العراقية وقتل الاكراد العراقيين و السوريين السنة بكل اشكال القتل والدمار ناهيك على أن الانقلاب الفاشل لم يكن وراءه الجيش بل زعيم الإخوان وكبيرهم. فأن كان هذا الحب وراءه الدين فأن من حاول قلب نظامه من ذات جماعته والسبب الرئيس هو عدم إزالة العلمانية ومازال مصراً على ذلك و فى أخر بيان له تعمد وضع صورة اتاترك خلفه لتأكيد علمانية تركيا أمام العالم ناهيك عن علاقته بالناتو واسرائيل. ربما يفهم أحد أنني عندما اذكر الأمة العربية فأنا قومي وعلي إن اتجاوز تلك النعرة لكن الحقيقة أن من يكره العرب يكره الإسلام وانظروا إلى كل من يكره العرب ستجد كرهه لهم بسبب دينهم وليس بسبب عرقهم وفى المقابل من يكره العرب يحب اسرائيل مع علمه بأن الاصل العرقي واحد. لماذا إذاً كل هذا الحب؟ فى علم السياسة الاصدقاء ثلاثة هم صديقك وصديق صديقك وعدو عدوك. لكن ثمة فرق بين القاهرة وانقره فى الحب ومصر فوق الجميع. وعدوي من شعب مصر أفضل من أفضل صديق من خارجه. هل فهمتم ما اقصد. بلادي وإن جارت علي عزيزة.. وأهلي وإن ضنو علي كرام.
الأكثر قراءة اليوم