دفعت الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، الحكومة
المصرية إلى محاولة خفض
موازنة العام المقبل، لتستهدف فيها خفض إجمالي دعم
الطاقة بنسب كبيرة، وهو ما يثير قلق كثيرين في الشارع المصري أو في أوساط الاقتصاديين.
وكانت الحكومة المصرية قد أعدت موازنة أولية بقيمة 800 مليار جنيه، لكن حكومة المهندس إبراهيم
محلب بدأت تتجه إلى التخلي عن سياسة الإنفاق التوسعي وتتجه إلى سياسة الانكماش وتقليص الإنفاق، لتصل في النهاية إلى الضغط على الموازنة العامة وتخفيضها من 800 مليار جنيه إلى 670 مليار جنيه فقط.
ووفقاً لما تداولته وسائل إعلام، فإن وزارة المالية المصرية أعدت موازنة ثانية للعام المالي المقبل 2014/ 2015 تتضمن إجراء تعديلات وإصلاحات اقتصادية، يبلغ إجمالي المصروفات بها نحو 670 مليار جنيه، وذلك مقابل موازنة أولى أعدتها قيمتها 800 مليار جنيه لم تتضمن أي إصلاحات اقتصادية.
وقال وزير المالية المصري هاني قدري، في تصريحات سابقة، إن بلاده تقوم بإعداد مشروعين للموازنة، أحدهما بدون إصلاحات، والأخرى بإصلاحات اقتصادية لا تمس محدودي الدخل، وستطرحهما للحوار المجتمعي.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور فاروق عبد الحي، إن الأزمات التي تواجهها الحكومة المصرية هي السبب الأول في الاتجاه لخفض قيمة الموازنة المقبلة، خاصة وأن السؤال المنطقي يطرح نفسه: من أين ستمول الحكومة حجم
العجز بين قيمة الموازنة العامة وبين واردات الدولة؟
ولفت إلى أن هناك أخطاء كثيرة وقعت فيها حكومات ما بعد ثورة يناير، وهي التوسع في الإنفاق العام على حساب الأجيال المقبلة، محذراً من أن التوسع في الموازنات العامة دون النظر في كيفية زيادة الناتج المحلي الإجمالي يعد من الأخطاء التي لن يغفرها التاريخ لهذه الحكومات.
وأشار إلى أن الحكومة الحالية مطالبة بالنظر في الإنفاق الحكومي وليس بالضغط على الإنفاق العام، لأن مصروفات الحكومة مرتفعة ويجب تقليصها، سواء كان ذلك في السيارات ومواكب الوزراء أم في فواتير الكهرباء والتليفونات، أم في البذخ في الإنفاق على المؤتمرات.. وكل هذه البنود يجب مراجعتها والنظر فيها وتقليص حجم مخصصاتها.
ويرجع اتجاه الحكومة إلى خفض حجم الموازنة إلى اعتماد عدد من الإصلاحات الخاصة بترشيد الإنفاق على دعم الطاقة، فضلا عن تطبيق إصلاحات ضريبية تزيد من حصيلة الإيرادات العامة للدولة.
ومن المتوقع أن تتضمن الموازنة الجديدة تخفيض جانب كبير من النفقات، وتشمل ترشيد دعم الطاقة من خلال تحريك تدريجي لأسعار المواد البترولية وتفعيل منظومة الكروت الذكية لتوزيع المنتجات البترولية، فضلا عن مراجعة قانون المشتريات الحكومية وقوانين الرقابة الداخلية لتقليل الفساد، وتطوير نظم إدارة الدين العام.
وسوف تخفض هذه الإجراءات حجم الإنفاق العام بما يساوي 4.3% من الناتج المحلي، وبجانب مساهمتها في تخفيض المصروفات، فإنها ستؤدي إلى زيادة الإيرادات، بما يؤدي إلى تراجع العجز.
وسجل العجز في مشروع الموازنة المصرية الجديدة الذي لا يشمل إصلاحات نحو 266 مليار جنيه، وتستهدف الحكومة خفضه إلى ما دون الـ 200 مليار جنيه.