كشف تقرير نشره موقع "ميدل إيست أي" عن حجم الدمار الذي سببته الحملة التي يقوم بها الجيش المصري في شمال سيناء.
وجاء في التقرير "في الوقت الذي تحضر فيه مصر لإحياء احتفالات يوم تحرير سيناء الجمعة، كشف تقرير خاص للموقع عن مقتل 300 شخصا معظمهم من المدنيين جراء الحملة الوحشية التي يخوضها الجيش المصري ضد المتمردين المسلحين".
وقدم التقرير شهادات مشفوعة بعدد من لقطات الفيديو والصور التي تظهر أن الجيش المصري استخدم مروحيات أباتشي والقصف المدفعي وراجمات الصواريخ في العملية المستمرة التي دمرت قرى بكاملها".
وتقول السلطات المصرية إن غالبية القتلى هم من "الإرهابيين" ممن لهم علاقة بالعمليات في المنطقة، لكن الشهادات التي جمعها الموقع تكشف عن أن القتلى هم من المدنيين الذين سقطوا جراء القصف المدفعي والغارات الجوية العشوائية.
وأكد أفراد عائلات لـ 280 شخصا قتلوا أن أبنائهم القتلى لم يكونوا على علاقة بنشاطات المتشددين ولم يكونوا مطلوبين للسلطات. كما يقول السكان المحليون أن حوالي 12 طفلا و 8 نساء قتلوا جراء عمليات الجيش. ويعترف السكان المحليون بوجود متشددين بين القتلى لكن عددهم قليل جدا.
وأشار التقرير إلى البيان الذي أصدره العقيد محمد الشحات الذي يدير عمليات الجيش في شمال سيناء لإحياء ذكرى تحرير سيناء وكشف النقاب عن مدى العمليات التي يقوم بها الجيش.
وبحسب العقيد الشحات فقد قام الجيش بـ 1380 عملية في سيناء وتم خلالها مصادرة 3957 قطعة سلاح، وتم تدمير 1600 نفق بين غزة ومصر مما دعا بالسلطات للإعلان أنها تسيطر بالكامل على المنطقة المضطربة. ومن أجل منع اضطرابات جديدة قال العقيد الشحات أن السلطات تخطط لإرسال 25 ألف جندي لتعزيز وجود الأمن في المنطقة، حيث يتوقع نشرها مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية في 26-27 أيار/ مايو المقبل.
ورغم أن الجماعات المسلحة موجودة في المنطقة وظلت شوكة في جسد نظام مبارك الذي أهمل المنطقة وسمح لأصحاب المال والمصالح بالسيطرة على أراضي الأهالي لأغراض الاستثمار بالسياحة، ومن المنطقة نبعت أول الهجمات المسلحة بعد انهيار نظام مبارك والإطاحة بالرئيس المنتحب محمد مرسي العام الماضي لكن سكان المنطقة يقولون إن الحكومة تقوم بممارسة عملية انتقامية مفتوحة ضد القرى.
وقامت القوات المسلحة وأجهزة الشرطة في الأسبوع الماضي بعمليات عسكرية اجتاحت فيها عدد من قرى شمال سيناء في منطقة الشيخ زويد ورفح واستخدمت فيها مروحيات الأباتشي والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ.
وأكدت مصادر عسكرية أنه نتج عن هذه العمليات تدمير عشرات البيوت وحرق أكثر من 70 بيت بسيط يملكها السكان الرحل كما ألقي القبض على أكثر من 80 شخصا.
ونقل التقرير عن أحد سكان المنطقة واسمه أبو محمد قوله "دخلت قوات الجيش فجر الخميس وقامت بعمليات بحث وتمشيط داخل غالبية بيوت القرية" المهدية.
وبحسب شهادته وبعد الانتهاء من عمليات التفتيش قامت المروحيات بالتحليق فوقها وأطلقت صواريخ على عدد من البيوت مخلفة وراءها دمارا أصاب البيوت والسيارات القريبة منها ولم يقدم الجيش أي تفسيرات عن سبب تدمير هذه البيوت.
وفي حادث منفصل جنوب مدينة العريش، وبعد إصابة جندي بجراح من شظايا عبوة ناسفة قام مسلح بإطلاق النار على رجال الشرطة والجنود الذين كانوا هدفا للهجوم. وبحسب الحاجّة سهام وهي من سكان المدينة فقد كان صوت الانفجار هائلا وهز البيوت وأرعب الأطفال.
تعتيم إجباري
ويلاحظ أن العمليات التي يقوم بها الجيش عادة ما ترفق بقطع لشبكات الهاتف النقال والهواتف الأرضية وشبكات الإنترنت لمدة تزيد عن 14 ساعة.
والتبرير الرسمي وراء هذه التصرفات هو أن الهواتف النقالة عادة ما تستخدم لتفجير العبوات الناسفة أو المصنعة محليا ضد وحدات الجيش. ولكن سكان المنطقة يعتقدون إنها جزء من عملية عقاب جماعي خاصة أن العبوات المصنعة محليا لا يتم تفجيرها من خلال الخطوط الأرضية أو شبكات الإنترنت.
وتهدد عمليات الجيش أيضا حياة سكان المنطقة الذين ينظر إليهم على أنهم مؤيدون للحكومة.
ففي الأسبوع الماضي قام مسلحون بإطلاق النار وقتل زعيم اسمه سمير أبو خرطل ينتمي لعشيرة تعيش في قبر عامر شرق العريش.
وقام المسلحون باعتراض سيارته أثناء مرورها من طريق الشيخ زويد- العريش، وقاموا بإمطار سيارته بالرصاص حيث نقل إلى مستشفى العريش العام فيما لاذ المهاجمون بالفرار. ولا يعتبر الحادث الأول من نوعه حيث تم قتل عدد من قادة العشائر الذين يدعمون الجيش والشرطة.
وفي وقت الهجوم على الزعيم القبلي كانت قوات الجيش ودباباته تدك العيادة الطبية في بلدة الفيتات التي تقع في جنوب مدينة الشيخ زويد، حيث قالت القوات المصرية إنها كانت تؤوي "إرهابيين". وأدى الحادث لإثارة غضب أحد أبناء القرية واسمه الشيخ سالم " أقرب مستشفى تبعد عنا 20 كيلومترا، وتم اعتقال عدد كبير من أبناء القرية في تلك العملية ولا نعرف ماذا حدث لهم منذ العملية".
وتقول الحكومة المؤقتة إنها تخوض "حربا على الإرهاب" لكن مشاعر الاستياء بين السكان المحليين عالية بسبب تدمير بيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم.
ومن المتوقع أن تزداد المخاطر اليومية التي تواجه السكان مع إعلان الحكومة الأمريكية يوم الأربعاء السماح ببيع مروحيات قتالية من نوع أباتشي للجيش المصري.
وأكد وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل عن شحن 10 طائرات لمصر لدعم عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة. ولا يشك المحللون في استخدام الجيش المصري الطائرات ضد السكان في سيناء.
وبحسب ميشيل دان، الخبيرة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية في شؤون الشرق الأوسط "هناك مخاطر كبيرة من استخدام هذه المروحيات لارتكاب انتهاكات خطيرة في مجال حقوق الإنسان".
وشاركت في الرأي مها عزام، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الخارجية – تشاتام هاوس- والتي قالت إن "استئناف بعض الدعم العسكري الأمريكي يثير القلق لأن الحكومة المصرية استهدفت المدنيين الأبرياء بشكل عام وليس في سيناء، وتقوم بشكل مستمر بانتهاك حقوق الإنسان".
ونقل "ميدل إيست آي" عن عزام قولها "الإشارات القادمة من واشنطن تشير إلى أن الولايات المتحدة تغض الطرف عن الوضع هناك في وقت تشهد فيه مصر عودة للديكتاتورية".