أجمعت تقارير محلية أردنية وأخرى دولية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي وافق السبت الماضي، على أن مستوى الحريات الصحفية في الأردن شهد تراجعا كبيرا، وعزا كثيرون السبب الرئيس في ذلك إلى التعديلات التي طرأت على
قانون المطبوعات والنشر، التي أقرت عام 2012، وأصبحت نافذة في حزيران/ يونيو العام الماضي.
من جهته، انتقد مركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن، تعديلات القانون، وقال المدير التنفيذي للمركز، نضال منصور، لصحيفة "
عربي21" إن التعديلات التي طالت الإعلام الإلكتروني تسببت بحجب 291 موقعا إلكترونيا، ما يعدّ انتهاكا صارخا للحريات الإعلامية.
وتابع بأن الاحتفال في اليوم العالمي لحرية الصحافة أعاد فتح هذا الملف، باعتباره سببا مهما في تراجع الحريات الصحفية في الأردن.
وطالب منصور الحكومة الأردنية بمراجعة سياساتها تجاه هذه التعديلات القانونية، داعيا إلى أن يتم وضع استراتيجيات واضحة وممارسات يمكن تطبيقها على أرض الواقع للتصورات القانونية، حتى يتم التقدم في مجال الحريات الصحفية.
وبيّن منصور أن تداعيات القانون الأبرز كانت على صعيد "الحريات وبيئة التشريعات"، خاصة بعد رفض محكمة العدل العليا للدعوى القضائية التي تقدم بها ناشرو مواقع إلكترونية طالبوا فيها بإبطال القانون.
وقال إن هناك قانونا ينظم العمل الصحفي، "ولكننا لا نرى ما يضمن تطبيقه"، حيث يعاني الصحفيون في الأردن من الحصول على المعلومة، إلى جانب انعدام الأمن الوظيفي، كما حصل مع 200 موظف في صحيفة "العرب اليوم" الذين تم تسريحهم، إلى جانب اعتصام صحافيي الرأي المطالبين بعدم تدخل الحكومة في عملهم، بالإضافة إلى الأزمة التي تعيشها صحيفة "الدستور" الأردنية.
وكان مركز حماية وحرية الصحفيين أصدر تقريرا حول الحريات الإعلامية بعنوان "العتمة الإلكترونية"، كشف فيه تراجع مؤشراتها، "ما يفصح عن حجم دور تعديلات قانون المطبوعات والنشر، التي أثرت على المواقع الإلكترونية ما ضمن هذا التراجع".
ويوثق الفصل الثاني من تقرير المركز والمخصص للشكاوى والانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون العام الماضي، "انتهاكات متنوعة تمس بحقوق الإعلاميين والحريات الإعلامية في الأردن وبلغت 384 انتهاكا".
ووافق تقرير آخر لدى
نقابة الصحفيين الأردنيين ما ذهب إليه منصور، وأظهر تراجعا لمؤشرات الحرية الصحفية في الأردن، وعزا نقيب الصحفيين طارق المومني ذلك إلى تعديلات قانون المطبوعات والنشر، وإحالة الصحفيين إلى محاكم أمن الدولة.
وطالب المومني في حديث مع صحيفة "
عربي21" بإيجاد قوانين شاملة لا تؤثر على حرية الصحافة الأردنية أو تحد من عملها، بل تدعمها وتقف إلى جانبها، إلى جانب قوانين تضمن عدم إحالة الصحفيين إلى محاكم أمن الدولة، إضافة إلى إنشاء مجلس للشكاوى، والحاجة إلى تشريعات إصلاحية، ووقف ملاحقة الصحفيين.
وفي تقرير للنقابة تحت عنوان "مقياس الحريات الصحفية والإعلامية"، أشارت إلى أن "مستوى الحريات الإعلامية تراجع، كما أدلى رؤساء التحرير ومدراء المؤسسات الإعلامية بذلك، وربما يعود ذلك لمجموعة من العوامل، يأتي في مقدمتها إنفاذ قانون المطبوعات والنشر، الذي ترتب عليه إغلاق عدد كبير من المواقع الإلكترونية، إضافة إلى الإغلاق المؤقت لصحيفة العرب اليوم، والذي ترتب عليه فصل عدد من العاملين في هذه الصحيفة".
وقالت النقابة في تقريرها، إن "حجب المواقع الإلكترونية بقرار إداري يقيد حرية التعبير، خلافا لالتزامات المملكة بموجب الدستور أولا، والاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص ثانيا".
استهجان حكومي
في المقابل، استهجن مدير دائرة المطبوعات والنشر (حكومية)، فايز الشوابكة، الانتقادات التي طالت تعديلات قانون المطبوعات والنشر، وقال لـ"
عربي21" إن القوانين الجديدة وتعديلاتها لم تحظر على الصحفيين نشر أي مادة بأي موضوع، مشيرا إلى المهلة التي أعطيت للصحافة الإلكترونية، وهي 90 يوما للتسجيل والترخيص.
وقال الشوابكة، إن القوانين التي تحد من حرية التعبير هي أن تضع في القانون نصوصا تمنع الخوض في العديد من القضايا، ولكن تعديلات القانون لم تشتمل على ذلك، بل قامت بتنظيم الصحافة الإلكترونية من خلال تسجيلها وترخيصها، واشتراط أن يكون لديها رئيس تحرير بما يتناسب مع العمل الصحفي في الأردن.
وأضاف أن المحافظة على المجتمع وحماية المواطن يحتمان أن يتم تنظيم العمل الصحفي بما لا يقيده، وأن تعدد وسائل الإعلام يحتاج إلى إثبات "موجودية".
ولفت الشوابكة إلى أن القوانين الجديدة والتعديلات التي طرأت "تضمن حرية الصحفيين" برأيه، "إلا أن يتم التفكير بإعادة النظر فيها من خلال القنوات الدستورية".
تراجع في حرية الصحافة
وكان تقرير صدر عن منظمة "فريدوم هاوس" الأمريكية، قال إن الأردن تراجع 10 مراكز ليحتل المركز 155 في حرية الصحافة، بعد أن كان يحتل المركز 145 في 2012.
وصنّف التقرير الأردن دولة الصحافةُ فيها "غير حرة"، إلى جانب 15 دولة عربية، وجاء في التقرير أن "حرية الصحافة في الأردن تعرّضت إلى أسوأ تراجع لها منذ عقد من الزمان عام 2013، حيث تعرّض صحفيون محليون لمضايقات وتهديدات واعتقال غير قانوني، وإلى التهجم الجسدي من قبل قوات الأمن ومعتدين مجهولين".
يشار إلى أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" انتقدت في وقت سابق تعديلات قانونية تطالب الصحافة الإلكترونية بالحصول على ترخيص، ما منح السلطات الأردنية حجب 291 موقعا إلكترونيا غير مرخصة. وقالت إن التعديلات تمثل قيودا جديدة على حرية التعبير في الأردن، بما يعارض المعايير الدولية.
وسنويا، يحتفل العالم في الثالث من أيار/ مايو باليوم العالمي لحرية الصحافة، حيث إنه يتم خلال هذا اليوم تعريف الجماهير بانتهاكات حق الحرية في التعبير، والتذكير بالعديد من الصحفيين الذين سجنوا أو لاقوا حتفهم في سبيل التغطية الصحفية.