رفض رئيس
المخابرات السعودية الأسبق، الأمير
تركي الفيصل، عرضا تقدم به رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلي الأسبق، عاموس يدلين، لزيارة الكنيست وعرض مبادرة السلام، قائلا إن العواطف لا تفيد في بحث عملية السلام، كما دعا إلى تسليح المعارضة السورية وتأمين البلاد بحال سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، منعا لتكرار ما حصل بأفغانستان وفقا لـ "سي إن إن" العربية.
مواقف يدلين والفيصل جاءت على هامش مشاركتهما في مناظرة مباشرة نظمها مركز "جيرمن مارشال فند أوف يونايتد ستايتس" وبثها مباشرة الاثنين، وتناول خلالها الأمير تركي، الذي يرأس حاليا مجلس الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ويدلين الذي يدير معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، قضايا المنطقة وعملية السلام.
وحول عملية السلام قال يدلين إن الكثير من مشاكل المنطقة بما فيها "الفقر والبطالة والحروب الأهلية والصراعات المذهبية والقتل الدائر في سوريا" ليس لها أي علاقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مضيفا أن فرص السلام صعبة طالما أن القادة في الجانبين "لا يمكنها قيادة شعبيهما إلى ذلك" داعيا إلى النظر باتجاه ما وصفها بـ"الخطط البديلة التي تقرب بين الجانبين بانتظار فرصة أفضل."
ولدى سؤاله من قبل مدير الحوار، الصحفي ديفيد إغناتويس، الكاتب ومدير التحرير المساعد بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، حول مبادرة السلام السعودية التي تبنتها الجامعة العربية رد يدلين بالقول: "ليس لدينا مشكلة في مبادرة اتفاقية السلام السعودية ولكن المشكلة أنها تحولت إلى مبادرة ترغب الجامعة العربية بإملائها علينا."
من جانبه، اعتبر الأمير تركي الفيصل أن مجرد طرح المبادرة خطوة كبيرة إلى الأمام، خاصة وأن الدولة الأولى التي وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل، وهي مصر، تعرضت لقطيعة كاملة قبل عقود، كما كان العرب يرفضون استخدام اسم إسرائيل نفسه، ويكتفون بوصفها بـ"الكيان المزعوم."
وشكك الأمير تركي في صحة ما أدلى به الجنرال يادلين قائلا إن إسرائيل هي التي ترفض السير في خيارات السلام وتساءل: "لدينا اليوم مبادرة سلام للمرة الأولى.. فلماذا لا تقبل إسرائيل التفاوض مع لبنان مثلا أو حل قضايا اللاجئين والقدس وسواها."
وردا على مواقف الأمير قال عاموس إن معظم الإسرائيليين لا يعرفون بنود مبادرة السلام السعودية، وتوجه إلى الأمير بالقول: "أعرض عليك القدوم إلى القدس والصلاة في المسجد الأقصى والتحدث من الكنيست إلى الإسرائيليين الذين لا يعرفون بغالبيتهم المبادرة العربية."
وأثار العرض حفيظة الأمير تركي الذي رد بالقول: "لا يمكن أن أفكر بهذا العرض والجنرال يعرف ذلك، وأظن أن من المهم التفاوض بجدية وليس استخدام العواطف من أجل تحويل الانتباه عن القضايا المهمة وهي السلام، أما استخدام الدعوة لتصويري وكأني حجر عثرة فهذا مبالغ فيه.. الأمر منوط بالقيادة الإسرائيلية التي عليها إعلام شعبها بأهمية السلام."
وأردف قائلا: "القيادة الإسرائيلية كانت تقول لشبعها إنها لا تريد سوى أن يجلس العرب معها للسلام ولكن اليوم ترفض تلك المبادرة مع أنه ما من خطر عليها أمنيا لأنها تمتلك قنابل نووية - ربما ساهم الجنرال بنفسها في بنائها - والعرب ليسوا مجانين وهم يدركون تفوقها العسكري ولا يهددون بشن حروب بل بعقد السلام. أما دعوتي إلى الكنيست للتحدث قبل أن يشرح قادة إسرائيل لشعبهم أهمية السلام فهو يشبه القول بأن البيضة تسبق الدجاجة."
أما عاموس فنفى أن يكون قد استخدام العواطف بدعوته قائلا: "هذا ليس خطابا عاطفيا. إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستعد للذهاب إلى مكة أو جدة غدا. فعندما نرى زيارة شخصية من دولة محترمة إلى إسرائيل فسيحصل ما يكسر الجمود الذي نراه حاليا." وتوقع بحال عدم التوصل إلى اتفاق لبناء دولتين أن يتحقق الأمر فعليا على الأرض، رغم أن البعض قد يرى ذلك قرارا أحاديا من الجانب الإسرائيلي.
وحول الموقف من إيران قال عاموس إن طهران لا يفصلها عن بناء قنبلة نووية سوى أشهر معدودة، مبديا تشاؤمه حيال مسار المفاوضات معها، واعتبر أن ليست مصدر قلق لإسرائيل فحسب، بل للمنطقة برمتها، فهي تدعم بقاء الرئيس السوري، بشار الأسد وتتدخل في البحرين واليمن، مضيفا: "بلادي ستفعل كل ما بوسعها من أجل التأكد من عدم حصول إيران على السلاح النووي."
من جانبه، قال الأمير تركي الفيصل إن السعودية كانت تتمسك على الدوام في الجامعة العربية بالدعوة إلى منطقة خالية من سلاح الدمار الشامل بالشرق الأوسط، وتوجه إلى الجنرال الإسرائيلي بالقول "إسرائيل لديها هذه السلاح النووي وهذا أمر معروف."
وحول الوضع في سوريا قال الأمير السعودي إن الوضع فيها يشبه "الجرح الذي يحتاج إلى تنظيف" مقترحا إجراء عملية التنظيف تلك من خلال تسليح المعارضة، على أن يتدخل المجتمع الدولي في وقت لاحق ويدعم المعارضة لإعادة بناء الدولة والمساعدة على عدم وقوع السلاح بيد جماعات متطرفة تستغله لضرب الغرب كما جرى في أفغانستان بعد الحرب مع السوفيت.
وشدد الفيصل على أن المعارضة السورية تريد الحفاظ على هيكل الدولة، فهي لم تطالب بإسقاطها بل "تنظيفها من مرتكبي الجرائم" وحذر من مخاطر "إدارة الظهر" لسوريا، معتبرا أن ذلك سبق أن جرى في أفغانستان وأدى إلى ما أدى إليه، بينما قال عاموس إن هناك حاجة إلى "تحييد" الدعم الذي يصل إلى الأسد من الخارج.
وردا على أسئلة الحضور، قال الأمير تركي، ردا على سؤال حول حظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في المملكة إن القرار "لم يتخذ عشوائيا أو لمجرد الرغبة بالظهور بمظهر الداعم للحكومة المصرية" وإنما "بعد مراقبة ودراسة مستفيضة لنشاط الجماعة في المملكة، وليس خارجها فحسب."
وختم الأمير السعودي بإعادة التعقيب على الدعوة لزيارة القدس قائلا: "لدي طموح شخصي لإحلال السلا،م وهو تنفيذ حلم والدي الأخير بالصلاة مجددا في القدس، القبلة الأولى للمسلمين، وهو أمر لا يمكنني فعله الآن.. لكنني أحلم بالسفر من الرياض إلى القدس والصلاة في المسجد وزيارة أضرحة الأنبياء إبراهيم وموسى وهم كلهم من الأنبياء الذين ذكرهم القرآن ورؤية الأماكن التي حررها صلاح الدين من الصليبيين وتذوق البرتقال من يافا."
لمشاهدة المناظرة إضغط
هنا