عقد مركز دراسات الدبلوماسية
الإيرانية ندوة عن تجربة
الإخوان المسلمين مع الديمقراطية والسلطة في
مصر بعد سقوط مبارك، شارك فيها عدد من المثقفين والأساتذة والدبلوماسيين الإيرانيين، كان أبرزهم سيد محمد صادق
خرازي الذي كان يشغل مناصب مهمة، منها معاون وزير الخارجية بعهد خاتمي وسفير إيران بباريس.
تحدث خرازي في بداية الندوة عن المجتمع المصري وتكوينه المذهبي والسياسي والفكري قائلا: "إن مجمل الأحداث التي جرت خلال الثلاث السنوات الماضية في مصر تحتاج لقراءة دقيقة عن الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي والمذهبي التي أوصلت مصر إلى هذه المرحلة".
وأضاف أن الانقلاب العسكري في مصر لم يصل لمرحلة النضج من حيث التغيير الاجتماعي والسياسي، وأن هذا الانقلاب قد فشل ليس فقط في دفع المجتمع المصري نحو الديمقراطية بل هيأ الأرضية لعودة النظام العلماني المعادي للإسلام، علاوة على أنه تم التضييق على التيارات الوطنية والإسلامية هناك .
وأشار إلى أن وضع الإخوان المسلمين اليوم أسوأ من وضعهم السابق، خاصة قبل سقوط مبارك ونجاح الثورة في مصر، بحيث أنه كانت لديهم مشروعية اجتماعية وسياسية في عهد مبارك، وكان لديهم نشاط سياسي اجتماعي مكثف وواضح سابقا.
ولفت خرازي إلى أنه بعد نجاح الثورة المصرية عام 2011، وصلت حركة الإخوان إلى السلطة فترة قصيرة جدا في مكان مولدها لأول مرة منذ تأسيسها. ولولا التعامل المتسرع ودخولهم في السلطة لما رأينا هذا العداء المتشكل للإخوان في مصر وبعض الدول العربية والإسلامية.
وتابع بأنه من أسباب فشل الإخوان هو عدم التجربة السياسية الديمقراطية للإخوان في السلطة، وعدم تواصلهم مع التيارات والتوجهات المصرية المؤثرة داخل المجتمع المصري، متوقعا أنه حتى عام آخر سوف يواجه الإخوان مشاكل وتحديات كبيرة جدا، لأن المساعدات السعودية و الإماراتية ستستمر لدعم
السيسي حتى هذه المرحلة!
ولفت إلى أن النظام العسكري اليوم، مطالب بتحسين ظروف العيش للشعب المصري بعد الانتخابات الرئاسية، في حين تحاول سلطات الانقلاب العسكرية إضفاء وجهة شرعية على الانقلاب أمام العالم.
واعتبر أن الدولة المصرية الحديثة ولدت من الانقلاب العسكري ودعم إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وسوف تواجه مصر والمنطقة ثلاثة تحديات مهمة بعد مجيء السيسي، من أهمها رجوع الحركات الإسلامية المتشددة في سيناء، وتحرك موجة جديدة من العمليات العسكرية داخل ومصر وخارجها للحركات الجهادية، وتوجه بعض المنتمين لحركة الإخوان المسلمين إلى العمل المسلح بدل الحراك السلمي في مواجهة الانقلاب.
وأشار الدبلوماسي الإيراني خرازي إلى علاقة إيران مع مصر في عهد الإخوان، منوها إلى أن مصر في عهد الإخوان هددت المصالح الإيرانية في المنطقة بدعمها على سبيل المثال الثورة المصرية والتيارات الإسلامية المعادية للشيعة وإيران في المنطقة. والتجربة أثبتت أن موقف التيارات السياسية في مصر سواء كانت إسلامية أم علمانية فموقفها المعادي لإيران والشيعة واحد ولم يتغير، على حد قوله.
وأكد أن إيران استثمرت الانقلاب العسكري في مصر وسقوط الشرعية هناك، واستطاعت بعد الانقلاب تغيير المعادلات السياسية الإقليمية لصالحها، كما قال خرازي.
وختم خرازي حديثه بالقول: "أقولها صراحة، إن مصر تعتبر أهم دولة عربية صاحبة نفوذ في المنطقة، ولكنها بعد الانقلاب فقدت هذا الدور والنفوذ لصالح إيران، وعلينا في إيران أن لا نتعجل بإعادة العلاقات الثنائية مع القاهرة بعد نجاح السيسي بالانتخابات الرئاسية، فنحن محتاجون للتعامل بصبر ودبلوماسية متأنية مع الوضع الحالي في مصر".