تساءل المعلق سايمون جينكنز، عن الداعي للحديث عن تدخل
الغرب في دول وقصفها، ما يعني أنه لا يزال يعيش في عصر الإغريق وهوميروس.
وتساءل في مقال له بصحيفة الغارديان: "ماذا يجري؟ فحتى وقت قريب كانت
إيران محور الشر، ولم يكن وصفا أقسى على آيات الله ومن تحتهم، من (كل الخيارات مطروحة على الطاولة) لمعاقبة إيران". ويقول إن بريطانيا متضايقة مما يجري في العراق ولهذا فتح ويليام هيغ، وزير الخارجية الخط على طهران وقال: "طهران، هذا صديقك العزيز يتحدث" على حد قول الكاتب.
ويمضي بالقول، إن الأسبوع الماضي كان سيئا لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي حاز على ثناء الغرب بكونه مهندس البناء الأنجلو- أمريكي والمتهم الآن بتدمير الدولة. فالصحوات العراقية التي أنشئت بمبالغ كبيرة لمساعدة الأمريكيين والبريطانيين على الخروج من العراق، أصبحت تساعد المتمردين والغزاة. أما بشار الأسد، مجرم الحرب السوري فقد تحول، على الأقل في الوقت الحالي، إلى قوة استقرار ونظام.
و"في الوقت نفسه نشجب داعش لأنها قتلت بدم بارد جنودا عراقيين مستخدمة بنادق من نوع (إي كي-47)، ونقوم بمناقشة قصفهم بدم بارد مستخدمين طائرات (درون)، وكما قال مسؤول أمريكي سابق فإن درون تحتاج لمستوى إعدام قائم على الاستخبارات، حتى تكون مؤثرة".
ويمضي الكاتب بالقول إنه لا توجد أية ذرة أخلاقية لدى الغرب هذه الأيام، "فقد عاد
توني بلير هذا الأسبوع من القبر ولم يظهر أي اهتمام بالعدل أو العقل، أو حتى بالمصالح الوطنية"، فهو كما يقول الكاتب "ناكر مؤكد للكارثة" كونه مسؤولا عنها.
ويعلق الكاتب بأن الحضارة ربما تحقق قفزات هائلة، ولكن السياسة لا تزال تعيش في عصر
هوميروس، وتتسم بالكبرياء والولاء القبلي.
وهاجم الكاتب ويليام هيغ الذي قال إنه يعاني من مرض التشوش، فهو يجلس كل يوم في مكتبه ويشرب شايه متأملا في خريطة الإمبراطورية السابقة، متسائلا: "ماذا سنفعل في إيران أو العراق أو حتى الكونغو؟". فهيغ لا يستطيع التفريق بين "شي يريد حدوثه" وبين "شيء يجب أن ينفذ".
ويضيف: "كلنا نتمنى الخير للعراق، وهذا لا يعني أن نتصرف لتحقيق الخير له، ولا يجعلنا مذنبين لو لم نتحرك".
ويناقش الكاتب أن إنجاز أمر يفرض على الشخص واجبات. ففي حالة صدام حسين "تمنينا لو رحل"، وتخلصنا منه، ثم تمنينا حصول شيء جيد، فهذا التشوش يقع في قلب لا أخلاقية قرار غزو العراق.
ويناقش ما يقوله المعتذرون عن الغزو عندما يقولون إن الغزو كان ناجحا لكن ما حدث بعد ذلك كان فاشلا، ولكنهم لا يفهمون أن فعل الغزو وما بعده هما شيء واحد. فقد حدث قتل ودمار وانهيار للنظام والسلام العام وحروب قبلية "فقد أعمى نصر تاتشر في الفوكلاند بلير، وأراد تحقيق نصر مشابه له بدون التفكير بالنتائج".
ويستعيد الكاتب عشاء تناوله مع رجل في بغداد قبل عشرة أعوام، وهذا الرجل هو جاسوس بريطاني، "وكأي جاسوس على الجبهة لم يكن مهتما بالبرتوكلات الدبلوماسية، وكنت صعقت من زياراتي للبصرة والفلوجة، ولكنه حاول إقناعي بأنه كلما طال أمد الفوضى كلما زاد منظور وصول إيران للعراق كي تحمي الشيعة من السنة الفوضويين. والنتيجة المحتملة للحرب هي تقسيم العراق لثلاث محافظات مستقلة، كردية وسنية وشيعية".
وبعد 10 أعوام، و180 ألف جثة يبدو التكهن حقيقيا، "ولا تزال الحكومة البريطانية ترغب بعمل شيء في العراق. ولا يزالون يحلمون بحروب تبدأ عادة برمي بعض القذائف من الجو "لجعل شوارع لندن آمنة".
والآن يقول الكاتب، إن هيغ في نفس الكرسي مع إيران ويتناغم مع الحرس الثوري الإيراني الفاسد، "فهذه القوات هي نفسها التي قاتلها صدام حسين في الثمانينيات بدعم بريطاني، وظلت قائمة من خلال تعذيب المعارضة الإيرانية". ولكن الكوارث تصنع أصدقاء من الأعداء، فقد دعمت واشنطن رجال طالبان للإطاحة بروسيا عام 1989 وإخراجهم من أفغانستان، ثم عادت وأطاحت بهم في عام 2001. فمقولة "عدو عدوي صديقي" لا تزال قائمة.
ويقول الكاتب: "صحيح، أن الغرب لا يمكن لومه على ما جرى في مناطق جنوب غرب آسيا، وهذا هو الحال مع تركيا وإيران ومصر. لكن الغرب لم يكن قادرا على فهم أهمية حزب البعث والعلمانيين مثل ناصر الذين كانوا قادرين تحييد الإسلاميين. فقد قام البعثيون بوقف ما أطلق عليه المؤرخ برنارد لويس (أسباب جديدة للغضب، وأحلام للتحقيق، ووسائل للهجوم). وهاجمناهم كأعداء وحصلنا على آيات الله والقاعدة".
ويرى أن القادة الغربيين الخارجين من نصر
الحرب الباردة يجب تصنيفهم بأنهم "الكارثة" في
التاريخ الحديث لأنهم ارتكبوا هذا الخطأ.