أعلنت مصادر مشتركة أردنية- إسرائيلية، أنه تم التوقيع على مشروع "تعاوني" بحثي زراعي فريد من نوعه جديد، يوم الثلاثاء الماضي، بين "المجلس الإقليمي-
تمار- في إسرائيل" والأغوار الجنوبية في الأردن. وهو ما تنظر إليه قطاعات واسعة من الأردنيين على أنه تطبيع مرفوض.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا المشروع - بحسب وجهة النظر الإسرائيلية- إلى خفض الأعداد الهائلة من ذباب المنازل الذي يعد مصدر إزعاج رهيب لسكان المنطقة في السنوات الأخيرة.
وبحسب الإصدار الصحفي لـ"جمعية أصدقاء الأرض في الشرق الأوسط" يوم الأربعاء 25 حزيران/ يونيو، فإن الدافع لمثل هذه المبادرة ناتج عن التجمعات الهائلة غير الطبيعية من الذباب التي أصبحت تشكل مشكلة حقيقية للسكان المقيمين على جانبي البحر الميت، ما يدفعهم إلى البقاء في منازلهم طوال معظم ساعات النهار خلال أشهر الصيف. ويعزو البيان الصحفي أسباب المشكلة إلى أساليب التسميد المستخدمة من قبل المزارعين الأردنيين التي توفر سبل التكاثر السريع للذباب المنزلي، على حد تعبيره.
وجاء في البيان، أنه بناء على الاتفاقية، فسيتم تنفيذ برامج تدريبية للمزارعين عبر الحدود الأردنية المحلية في سياق المشروع.
يذكر أن "جمعية أصدقاء الأرض في الشرق الأوسط (FoEME) " التي تملك فروعا لها في الأردن والكيان الإسرائيلي، هي الطرف المنفذ لمبادرة المشروع.
الأردنيون يناهضون التطبيع
وفي حديث خاص لصحيفة "عربي21" الإلكترونية مع رئيس اللجنة العليا لمجابهة التطبيع الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ حمزة منصور، قال إن صحفا أردنية نفت هذا التطبيع بين الجانب الإسرائيلي وبلديات
غور الأردن.
وأضاف أنه "على كل حال سواء حدث هذا الأمر أم لم يحدث، فنحن الأردنيون ندين هذا التطبيع الذي لا يخدم إلا المصالح الصهيونية ومطامع هذا العدو التوسعية".
ونبّه إلى أن "هذه المشاريع التطبيعية لا تصب إلا في صالح مشروع الكيان العنصري التوسعي، ليس على حساب الأراضي الفلسطينية فحسب، وإنما يشمل كذلك الأراضي العربية وعلى وبخاصة الأردنية".
وقدّم منصور من خلال "عربي21" التحية والتقدير "للمزارعين الأردنيين وشباب الأغوار الذين يقاومون كل محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني بكل ثبات، ويبذلون الجهود في الحفاظ على أراضيهم وعدم تدنيسها. كيف لا، وهم يعيشون في جوار أضرحة الصحابة ومناطق الفتوحات الإسلامية المقدسة؟".
وأثنى كذلك على مواقف رئيس اتحاد المزارعين التي وصفها بالمشرفة في
مقاومة التطبيع والدعوة إلى نبذه.
ومن ناحية أخرى ندّد منصور بـ "المطبعين والمتهافتين على موائد العدو الإسرائيلي الذين يعملون ضد الوطن ولصالح العدو، ويعاكسون إرادة الشعب الأردني الحريص على أراضيه ومقدساته والمناهض بطبعه لمثل هذه المحاولات المشبوهة".
حفل توقيع اتفاقية "التعاون المشترك"
يذكر أن البيان الصادر عن(FoEME)، كشف عن أن التوقيع على اتفاقية التطبيع الزراعي، تم في حفل أقيم الثلاثاء في "المجلس الإقليمي- تمار"، بمشاركة العمدة الإسرائيلي دوف لاتفينوف، ونظيره الأردني، وممثلين عن "جمعية ثمار التعاونية الزراعية الأردنية" و"أصدقاء الأرض في الشرق الأوسط" الذين أطلقوا مشروع التعاون عبر الحدود.
ووفقا للاتفاقية التي وقعت –بحسب البيان- بين "المجلس الإقليمي– تمار- في إسرائيل" وبين المجالس المحلية المجاورة لغور الأردن الجنوبي، في الأردن، وبوساطة "أصدقاء الأرض في الشرق الأوسط"، فإن المزارعين الإسرائيليين سوف يقومون بمساعدة المزارعين الأردنيين، من خلال التدريب الزراعي وتوفير الموارد والمعرفة لتحسين ربحية واستدامة القطاع الزراعي المحلي.
وورد في البيان أيضا – في معرض تبادل الخطابات البروتوكولية في حفل التطبيع- أن جدعون برومبيرغ، مدير FoEME الإسرائيلي، قال إن "هذا المشروع فريد من نوعه، وتم إنشاؤه من خلال التقارب النادر في المصالح، نتيجة التشارك في المشاكل الزراعية الاقتصادية المحلية ومصادر إزعاج المجتمعات في المنطقة، ونظرا للحاجة المشتركة إلى حل مشاكل السكان. والمشروع هو عبارة عن جسر للتعاون المحلي الذي لا ينبغي الاستهانة به في هذه الأيام. ونحن نأمل أن مزرعة نموذجية يمكن أن تكون أساسا لخلق تواصل مستمر بين صناع القرار الأردنيين والإسرائيليين، وإحداث قفزة إلى الأمام في العلاقات بين الجانبين، على الصعيدين المحلي والإقليمي"، على حد تعبيره.
وفي المقابل، أثنى مدير FoEME الأردني، منقذ مهيار، على التحرك نحو التوقيع على مذكرة التفاهم. وعلق قائلا: "هذا التعاون سينعكس إيجابا على القطاع الزراعي الأردني، حيث أن المزرعة النموذجية سوف تكون بمثابة مركز لتبادل المعرفة عبر الحدود من أجل حل المشاكل البيئية العالقة". وأضاف أن "المزرعة النموذجية ستكون أيضا بمثابة مركز لتدريب المزارعين المحليين للسماح بتبادل أفضل الممارسات الزراعية التي من شأنها تحسين الاستدامة الربحية للقطاع الزراعي المحلي"، بحسب ما جاء في البيان.
وبدوره، لفت دوف لاتفينوف، عمدة "المجلس الإقليمي- تمار" إلى أن "هذا المشروع هو واحد من العديد من أوجه التعاون التي نفعلها مع جيراننا وأصدقائنا في الأردن. ويشير هذا النشاط إلى رغبة في المساهمة المتبادلة بين الطرفين، ونحن نأمل في أن يكون هذا بمثابة الضوء الأخضر للتعاون على المستوى الوطني في المستقبل. وأعتقد أيضا أن هذا المشروع سيشكل مساهمة كبيرة وملحوظة في تحسين إنتاج المحاصيل بين سكان المنطقة - الإسرائيليين والأردنيين على حد سواء".