الصراع على رئاسة الوزراء في
العراق، سيكون شرارة أخرى ستدخل العراق في نفق جديد، ربما يكون أشد ظلاماً من الأنفاق السابقة التي أدخلت الحكومة البلاد فيها.
فالمالكي يعتبر وجوده في السلطة تحديا لا بد من التصدي له.. فبعد أن أكد
رئيس الوزراء العراقي نوري
المالكي أنه لن يتنازل أبداً عن الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة باعتباره ممثلا لكتلة دولة القانون التي فازت في الانتخابات الأخيرة، أضاف، في رسالة إلى العراقيين، بثها التلفزيون الرسمي أن انسحابه من أرض المعركة أمام الإرهابيين يعد تخاذلاً عن تحمل المسؤولية الشرعية والوطنية والأخلاقية. وعودة المالكي مدعومة بقوة من قبل إيران.
وفي يوم 5 نيسان/ إبريل 2014، ذكرت فضائية التغيير العراقية نقلاً عن مصدر بارز في ائتلاف المواطن برئاسة الزعيم عمار الحكيم، قوله إن "قاسم سليماني - الرجل القوي في الحرس الثوري الإيراني- الذي سيكون حاضراً في كل تفاصيل المفاوضات السرية بين القادة العراقيين لتشكيل الحكومة المقبلة، سيطرح سيناريوهات وسطية، منها أن يجري الاتفاق داخل التحالف الشيعي على بقاء المالكي رئيساً للحكومة مع احتفاظ تياري الحكيم ومقتدى الصدر بحق سحب الثقة منه في البرلمان لاحقاً، بالتحالف مع كتل سياسية أخرى مع ضمانات إيرانية بعدم الاعتراض إذا خالف المالكي بعض الالتزامات التي سيتم الاتفاق عليها بين القادة الشيعة قبل إعادة تكليف الأخير برئاسة الوزراء لولاية ثالثة".
وفي يوم 3 حزيران/ يونيو 2014، كشف مصدر مطلع على مفاوضات تشكيل الحكومة، أن التحالف الوطني توصل وبشكل نهائي إلى اتفاق يقضي بتولي نوري كامل المالكي رئاسة الحكومة باستثناء التيار الصدري الذي أبدى تحفظه على هذا الموضوع، وأن "كتلة الأحرار" الممثل السياسي للتيار الصدري أعلنت تحفظها على تولي المالكي رئاسة الحكومة، وأكدت أنها لن تصوت له داخل البرلمان، ولن تخرج عن التحالف الوطني حتى يبقى الكتلة الأكبر وأنها ستحترم قرار مكوناته، وأن الاتفاق نص بصيغته النهائية على تولي المالكي رئاسة الحكومة.
الإشكالية التي تعصف بالعراق اليوم هي موضوع الولاية الثالثة، هل يحق لرئيس الحكومة الحالية نوري المالكي أن يكون رئيساً للوزراء لولاية ثالثة أم لا؟! الجواب على هذا السؤال ربما يمكن أن يكون من جانبين: دستوري وواقعي.
أولاً: الجانب
الدستوري: المادة (77) من الدستور العراقي الحالي، تبين أنه يشترط في رئيس مجلس الوزراء ما يشترط في رئيس الجمهورية. وحينما نقرأ المواد المتعلقة بشروط رئيس الجمهورية، وهما المادتان (68) و(72)، نجد أن المادة (72) تذكر (أولاً) أنه تحدد ولاية رئيس الجمهورية بأربع سنوات، ويجوز إعادة انتخابه لولايةٍ ثانيةٍ فحسب. وهنا نجد أن المادة (72) أولاً، حددت ولاية رئيس الوزراء بولايتين؛ لأن المادة (77) أولاً ذكرت أنه يشترط في رئيس مجلس الوزراء ما يشترط في رئيس الجمهورية. وعليه لا أظن أن هذه المادة يمكن الالتفاف عليها، وتغيير مفهومها بسهولة، مثلما حصل في مصطلح الكتلة الأكبر في انتخابات عام 2010، والتي فسرتها المحكمة الاتحادية بأنها الكتلة، التي تتشكل بعد الانتخابات.
ثانياً: الجانب الواقعي؛ فهنالك رفض سياسي وشعبي واضح لعدم قبول المالكي لولاية ثالثة؛ لأن غالبية المعترضين يقولون ما الذي قدمه المالكي للعراقين على مدى السنوات الماضية؟! هل نجح في حفظ الأمن؟ هل عمل على ترميم الجبهة الداخلية؟! هل بنى دولة، وهل اهتم بتطوير الجيش، والاقتصاد والعلاقات العراقية الخارجية؟!
أسئلة كثيرة، والواقع يؤكد أن الرجل لم يحقق منها شيئا. وفي هذا الملف أكد ائتلاف متحدون يوم 6 يتموز/ يوليو 2014، أن تصريح رئيس الوزراء الأخير بشأن تمسكه بالسلطة سيجعل المشهد السياسي أكثر تعقيداً.
وفي ذات اليوم دعا رئيس الوزراء العراقي الأسبق أياد علاوي في مقابلة أجرتها معه رويترز في إسطنبول: "أعتقد أن الوقت حان كي يترك السيد المالكي الساحة، وإذا بقى فأعتقد أنه ستكون هناك مشكلات كبيرة في البلاد والكثير من المتاعب. وأعتقد أن العراق سيكون في طريقه للتفكك في نهاية الأمر إذا حدث هذا.
وهكذا فإن كل الاحتمالات قائمة بخصوص المستقبل العراقي الذي يكتنفه الكثير من الغموض، وأمامه العديد من العقبات، فهل سيضحي التحالف الوطني بالعراق أم بالمالكي؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.