أكد خبير في القانوني الدولي أن السلطة
الفلسطينية بإمكانها اللجوء لمحكمة
الجنايات الدولية لملاحقة
جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها
إسرائيل، بعدما حصلت على عضوية غير كاملة في الأمم المتحدة، معبرا عن استغرابه لتراجع السلطة عن سعيها للانضمام للمحكمة رغم أنها كانت بندا أساسيا في ملفها للعضوية في الأمم المتحدة، ووصف الأعذار التي تقدمها السلطة بأنها "واهية".
وقال الخبير في القانون الدولي سعد جبّار، في حديث مع "عربي21": "السلطة الفلسطينة لم يكن لديها الحق قبل ترفيع عضويتها من مراقب إلى وضع عضو غير كامل في الأمم المتحدة، لكن الوضع الجديد يؤهلها بالقانون الدولي لهذا الطلب، إضافة إلى ما أعلنه مدعي عام محكمة الجنايات الدولية"، مشيرا إلى أن من حق الفلسطينيين أيضا الانضمام لجميع المنظمات المتخصصة المتفرعة عن الأمم المتحدة مثل اليونسكو وغيرها.
وعبر جبار عن اعتقاده بأن صفقة ما تمت بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والإدارتين الأمريكية والإسرائيلية؛ تضمنت تمرير حصول الفلسطينيين على وضع عضو غير كامل بدلا من عضو مراقب، مقابل تخليهم عن طلب الانضمام لاتفاقية محكمة الجنايات الدولية.
وقال مستغربا: "رأيت ورقة في الملف (الخاص بالعضوية في الأمم المتحدة).. كنت رئيس الفريق الدولي الذي ساعد السلطة على طلب العضوية، في وقتها كان الاعتراض من قبل الإسرائيليين والأمريكيين منصبا على الخوف من احتمال انضمام الفلسطينيين لمحكمة الجنايات الدولية". وأضاف: "يبدو لي أن عباس عقد صفقة مع الأمريكيين والإسرائيليين.. في البداية كانت السلطة متحمسة.. رأيت في أحد الملفات أن السلطة الفلسطينية تطلب الدعم للانضمام" للمحكمة.
وتابع: "حتى لو كان هناك صفقة في الماضي، لماذا يسكتون الآن.. هذه فرصة لاستخدامها ورقة للضغط على الإسرائيليين".
واتهم جبار السلطة الفلسطينية بالازدواجية، وقال إنها "تقول شيئا وتفعل شيئا آخر" بشأن ملاحقة الجرائم الإسرائيلية، مذكّرا بتقرير غولدستون الدولي حول العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2009، حيث طلبت السلطة تأجيل نشره، كما حاولت عرقلة التحقيقات في وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات بحجة عدم إثارة غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أرئيل شارون وعرقلة المرحلة الانتقالية "التي لم تنته".
وكان جبار أيضا كبير محامي عائلة ياسر عرفات خلال التحقيق الذي فتحه القضاء الفرنسي في أسباب وفاته التي يعتقد أنها مرتبطة بالسم.
وحذر جبار من أن القائمين على السلطة الفلسطينية بهذا الخطاب "سيضيعون القضية.. فقد فقدوا خصائص المقاومة ولم يحصلوا على خصائص الدولة".
ورفض جبار المخاوف من احتمال أن يفتح الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية أمام ملاحقة الفلسطينيين أيضا أمام المحكمة. وقال: "هذا كلام فارغ.. ليذهب الطرفان إلى المحكمة". وتابع: "حماس لم تضرب إلا الأهداف العسكرية الإسرائيلية، والقتلى، باستثناء واحد أو اثنين، هم من العسكريين".
وكان المندوب الفلسطيني في مجلس حقوق الإنسان إبراهيم خرايشي قد صرح للتلفزيون الفلسطيني هذا الشهر؛ بأن انضمام الفلسطينيين لمحكمة الجنايات الدولية قد يضعهم في دائرة ملاحقة المحكمة، متحدثا عن الصواريخ التي تطلقها الفصائل الفلسطينية على إسرائيل، وذلك في سياق رده على الانتقادات حول عدم توجه السلطة لمحكمة الجنايات الدولية حتى الآن. وقال: "إن أي صاروخ يطلق على الأراضي الإسرائيلية هو بمثابة جريمة ضد الإنسانية سواء أصاب أو لم يصب" حسب تعبير خرايشي.
لكن جبار انتقد هذه التصريحات، ووصفها بأنها "تصريحات الانهزاميين" وأنها "أعذار واهية". وقال: "لماذا يخشى (عباس) المحكمة، فصلاحياتها تسري على الجرائم المرتكبة منذ تأسيسها فقط.. ومنذ تشكيل المحكمة هو في حالة سلام مع إسرائيل"، في إشارة منه إلى احتمال خشيته من الملاحقة على ما قام به ضد إسرائيل إسرائيل في السابق. وأضاف: "إذا كان الأمر يتعلق بحماس أو الجهاد الإسلامي، كما يقول، فليلاحقوهم أمام المحكمة.. علامَ يخاف؟".
وعاد جبار ليعبر عن اعتقاده بوجود صفقة مع الأمريكيين بعدم اللجوء للمحكمة تحت التهديد بقطع المساعدات، وتهديد الفلسطينيين بتحمل المسؤولية في حال لحق أي ضرر بالمصالح الأمريكية نتيجة موقفها المتوقع في مجلس الأمن.
وشدد جبار على ضرورة أن يقوم الفلسطينيون في غزة بتوثيق كل شيء، سواء على مستوى حفظ الجثث وتصويرها والأسماء والتوقيت، أو توثيق المباني التي تم قصفها بزعم وجود أنفاق تحتها، لتقديم كل ذلك لمحكمة الجنايات الدولية لاحقا.
كما أشار جبار إلى أن مجلس حقوق الإنسان يمكنه إحالة الأمر بعد التحقيق لمجلس الأمن، لكنه ذكّر بالفيتو الأمريكي المتوقع ضد أي قرار لإحالة القضية للمحكمة.