حذر خبراء في شؤون الجماعات الإسلامية من استهداف تنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروف إعلاميا باسم "
داعش"، للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، حال تكثفت الضربات الجوية الأمريكية لمواقعه في
العراق.
وبدأت واشنطن "ضربات جوية" تقول إنها محدودة، يوم الجمعة الماضي، ضد أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق، بعد تهديده "المصالح الأمريكية وإقليم شمال العراق المستقر"، وكذلك "استهدافه للأقليات"، بحسب بيانات سابقة لمسؤولين أمريكيين يتصدرهم الرئيس باراك
أوباما.
ذلك التدخل، وقول الإداراة الأمريكية إنه "محدود"، يثير مخاوف من تمدد التنظيم خارج مسرح عملياته الحالي في شمال وشرق وغرب العراق، وشمال شرق سوريا، بحسب مجموعة المختصين الذين تحدثوا لوكالة الأناضول.
ورأى الخبراء أن "القلق الخليجي" الذي برز مؤخرا على لسان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، إنما هو "قلق مبرر" في ظل تعاظم قوة التنظيم، ونجاحه في السيطرة على مناطق واسعة بالعراق وسوريا، واستقطابه لمقاتلين من شتى الجنسيات العربية والأجنبية.
وكان العاهل السعودي الملك عبدالله بن العزيز قد وجه ثلاثة خطابات الشهر الحالي ركزت في مجملها على خطر التنظيمات المتشددة (دون أن يسميها).
ولم يستبعد الخبير الأردني المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، أن يشن تنظيم الدولة الإسلامية عمليات عسكرية ضد مصالح أمريكية خارج حدود مسرح عملياته الحالي، مع تزايد الضغط الأمريكي عليه.
أبو هنية أوضح في تصريحات خاصة أن هجوم التنظيم على مصالح أمريكية بالمنطقة، يبقى محتملا رغم الخلاف بينه وبين تنظيم القاعدة بشأن أولويات القتال، حيث أن هذا الفرع الذي تمرد على التنظيم المركزي، يرى أن "أولوية القتال يجب أن تتجه نحو العدو القريب، والمشروع الصفوي (الإيراني الشيعي) وحلفائه في العراق وسوريا".
في حين أن تنظيم القاعدة المركزي، والحديث لأبو هنية، "يعطي الأولوية لقتال الغرب وأمريكا".
وزاد أبو هنية أن "تعمق" الضربات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة حاليا ضد تنظيم الدولة الإسلامية، قد تدفعه لـ"إنشاء فرع للعمليات الخارجية".
ووصف الباحث الأردني القلق الذي ظهر في خطابات العاهل السعودي مؤخرا، بأنه "أقل من الحد المطلوب"، مبررا ذلك بـ"قوة التنظيم المكون من نحو 10 آلاف مقاتل عربي وأجنبي، بينهم 1500 مقاتل يحملون الجنسية السعودية، ونحو 1200 آخرين يحملون الجنسية الأردنية".
ووفق أبو هنية، فإن إطلاق الولايات المتحدة عملياتها العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية عقب اقترابه من أربيل، ناجم عن رغبة أمريكا في "حماية مصالحها النفطية هناك (كمصدر أساسي)، ونفوذها الأمني الظاهر في تلك المنطقة بجلاء".
واتفق الخبير الأردني المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، مروان شحادة، مع طرح أبو هنية في احتمالية توسيع تنظيم الدولة الإسلامية لنطاق عملياته في إطار رد محتمل على الضربات الأمريكية الموجهة له، دون أن يسمي حدودا جغرافية لهذا التوسع المفترض.
بيد أنه "شكك" في قدرة التنظيم على توجيه ضربات "موجعة" ضد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، كما استبعد زيادة العمليات العسكرية الأمريكية ضد التنظيم إلى ما هو أبعد من الضربات الحالية، وذلك حفاظا على مصالح واشنطن في العراق والمنطقة.
وفي ذلك، استشهد شحادة بتصريحات لوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، نقلها الصحفيون مؤخرا، وقال فيها إن بلاده "لا تدعم طائفة على حساب طائفة أخرى، ضمن نطاق عملياتها العسكرية"، ورأى الخبير الأردني أنها دليل على رغبة واشنطن في أن يبقى تدخلها "محدودا".
فيما استبعد الكاتب الصحفي العراقي، المقيم في الأردن، جاسم الشمري، استهداف كل المصالح الأمريكية في المنطقة على يد التنظيم، كرد فعل على الضربات الأمريكية، نتيجة لـ"انحصار" مسرح عملياته في سوريا والعراق.
ورأى الشمري أن "التعظيم من شأن تنظيم (داعش)، إنما هو سياسة اتبعتها حكومة (رئيس الوزراء نوري) المالكي لتحبط الثورة العراقية الشعبية ضد حكمه، حيث استخدم المالكي فزاعة التنظيم ليستجلب الدعم الأميركي والعربي ضمن محاولاته لقمع الثورة، وليبعث برسالة مفادها أن سقوطه يعني تمدد (داعش) في المنطقة".
وتصر قيادات سنية عراقية على أن ما تشهده البلاد من "تحرير" لبعض مناطقها من قوات الحكومة المركزية، "ثورة شعبية" ضد سياسات الحكومة "الطائفية والظالمة"، فيما تعتبرها بغداد "هجمات إرهابية".