رأى مختصون سياسيون فلسطينيون أن "عدم قدرة" الكيان
الإسرائيلي على تحقيق أهدافها من حربها على قطاع
غزة التي تواصلت على مدار 51 يوما، يمثل "نصرا حقيقيا" لفصائل
المقاومة الفلسطينية.
وقال هؤلاء المختصون في أحاديث منفصلة، إن اتفاق التهدئة الذي أعلن عنه مساء الثلاثاء، برعاية مصرية يحقق جزءا من مطالب الفصائل الفلسطينية، فيما يخلو تماما من المطالب الإسرائيلية التي كان أبرزها نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة مقابل إعادة إعمار ما دمرته الحرب.
ودخل اتفاق وقف إطلاق نار شامل بين "إسرائيل" والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، متزامن مع فتح المعابر بين القطاع و"إسرائيل"، وذلك بعد 51 يوما من الحرب على القطاع، وسط تكبيرات ومسيرات احتفالية في غزة.
وقال أحمد يوسف رئيس معهد بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات، إن "العدو الإسرائيلي لم يحقق شيئا من أهدافه في هذه المعركة في قطاع غزة، وهذا يعتبر هزيمة بالنسبة له، وصمود الشعب الفلسطيني الأسطوري رغم قدرات الجيش الإسرائيلي ينظر إليه على أنه صمود بنكهة
الانتصار".
وأضاف يوسف أن "أهل غزة أبلوا بلاء حسنا خلال 51 يوما من الحرب في صبرهم وصمودهم وثباتهم وقدرتهم على حماية الثغور وإيقاع خسائر في العدو رغم التفوق العسكري الإسرائيلي الكبير".
وتابع بأنه "كما انتصر شعب فيتنام بانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية وكان الانسحاب الفرنسي من الجزائر، كان الانتصار لقطاع غزة بعد هذا الصمود الأسطوري الذي يحمل نكهة الانتصار، وسيسجل التاريخ أن شعبنا قهر الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر ومنعه من تحقيق أهدافه في غزة".
ورأى أن "بقية المطالب الفلسطينية التي لم يتضمنها الاتفاق سيتم تحقيقها عاجلا أم آجلا، فمن يقرأ الشارع يدرك أن الحصار والضغط على الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يستمر طويلا وإلى الأبد".
وحول تبعات الحرب الإسرائيلية على غزة، قال الخبير السياسي إن "المستقبل سيكون لرفع كل مشاهد الحصار والتضييق التي كانت قائمة على الفلسطينيين، وهذه المعركة ستدفعنا لتعزيز وحدة شعبنا وأن يكون هناك حكومة واحدة قادرة على التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي بشكل أفضل".
واعتبر أن "الفلسطينيين سيملكون خيارات بمحاكمة إسرائيل على جرائم الحرب وانتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في غزة، وسيملكون ما يعطيهم الأمل بأن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن تستمر طويلا وستعيش في مأزق وستلاحقها قضايا جرائمها التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين".
من جانبه، رأى رئيس مركز أبحاث المستقبل إبراهيم المدهون أن الفصائل الفلسطينية انتصرت في معركتها مع إسرائيل بعد إفشالها للأخيرة من تحقيق أهدافها، وتمكنها من تحقيق معظم مطالبها المتمثلة برفع الحصار وفتح المعابر.
وقال المدهون إن "قوة كبيرة مثل إسرائيل حينما لا تنتصر فهي تهزم، والمقاومة المحاصرة حينما لا تهزم فهي تنتصر. هذه هي المعادلة الحقيقية التي تقاس فيها المعركة في غزة التي تواصلت على مدار 51 يوما".
ورأى المحلل السياسي الفلسطيني أن تمكن المقاومة الفلسطينية من قصف تل أبيب والبلدات المحاذية للقطاع بعشرات الصواريخ، حتى قبل لحظات من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ مساء اليوم، بجانب عشرات الصور الحديثة التي عرضتها المقاومة لإنفاقها تؤكد أنها "المقاومة انتصرت"، خاصة أن إسرائيل كانت قد وضعت في بداية حربها على القطاع في 7 تموز/ يوليو الماضي عدة أهداف، منها هدم الأنفاق ووقف إطلاق الصواريخ والقضاء على حركة حماس ونزع سلاحها.
واستطرد المدهون بأن "إسرائيل بعد قياس مدى تحقيقها لأهدافها، هُزمت في هذه المعركة، وحماس عززت وجودها وأثبتت قدرتها العسكرية والدول التي كانت تقاطعها واضطرت للتعامل معها، لذلك فهي انتصرت".
واعتبر أن أبرز نتائج الحرب الإسرائيلية على غزة "غياب قدرة الردع الإسرائيلية، وتعزيز مكانة حماس على الخارطة السياسية المحلية والإقليمية، وعودة القضية الفلسطينية إلى أجندة الدول العربية، والتأسيس إلى مرحلة جديدة لن تملك إسرائيل فيها حل كل مشاكلها باستخدام القوة العسكرية".
وفي السياق، قال حازم قاسم الكاتب السياسي في عدد من الصحف الفلسطينية إن اتفاق وقف إطلاق النار يمثل انتصارا للمقاومة الفلسطينية، فإسرائيل انحدرت أهداف عمليتها العسكرية من القضاء على "حماس" إلى مجرد الوصول لاتفاق سياسي معها، بالإضافة إلى أن أداء المقاومة الميداني ظل متماسكا وتصاعد في الأيام الأخيرة، وهو ما ينفي ادعاء نتنياهو بتوجيه ضربات مؤلمة للمقاومة.
وأضاف قاسم أن "حماس في الدقائق الأخيرة قتلت جنديا إسرائيليا عبر قذائف الهاون، وقبل ثوان من دخول التهدئة سقطت الصواريخ في تل أبيب وهذا دليل على أن إسرائيل فشلت أيضا بوقف إطلاق الصواريخ".
وأوضح أن "إسرائيل" فشلت في إجبار حماس على الاستسلام عسكريا وسياسيا، واضطرت للدخول في حرب استنزاف أسفرت عن إخلاء شبه كامل لعدد من البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة.
ورأى أن هذه الحرب كشفت لإسرائيل محدودية تأثير القوة العسكرية على الفلسطينيين، وتأكدت من أنه لا يمكن هزيمة "حماس" عسكريا.
وأعلنت مصر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وقال بيان عن الخارجية المصرية إنه "حفاظا على أرواح الأبرياء وحقنا للدماء واستنادا للمبادرة المصرية 2014 وتفاهات القاهرة 2012 دعت مصر الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى وقف إطلاق نار شامل ومتبادل بالتزامن مع فتح المعابر بين قطاع غزة و(إسرائيل) بما يحقق سرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثة ومستلزمات الأعمار".
وأضاف البيان أن "الاتفاق يشمل أيضا الصيد البحري انطلاقا من 6 ميل بحري واستمرار المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين بشأن الموضوعات الأخرى خلال شهر من بدء تثبيت وقف إطلاق النار".