تعالت في الأيام الأخيرة أصوات بعض الأحزاب والقوى السياسية التي تطالب بتأجيل
الانتخابات البرلمانية بحجة عدم استعدادها لخوض المنافسة الآن، وحاجتها إلى مزيد من الوقت لإعداد قوائمها الانتخابية، وتكوين قواعد شعبية لها.
ورجحت مصادر حكومية
مصرية أن يتم
تأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة لأجل غير مسمى، بسبب "عدم الاستقرار الأمني"، فضلا عن عوامل سياسية وقانونية.
ومنذ ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، والأحزاب المدنية المصرية تردد في كل استحقاق انتخابي نفس المطالب بضرورة منحها مزيدا من الوقت للاستعداد للانتخابات.
وكان الجنرال عبد الفتاح
السيسي الذي وصل للرئاسة عبر الانقلاب على الحكم، قد أصدر قرارا جمهوريا في تموز/ يوليو الماضي بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، كما أعلن أن الانتخابات ستجرى قبل نهاية العام الحالي، لكنه لم يحدد موعدا محددا لها.
لكن التأخير في إصدار الرئاسة لقانون تقسيم الدوائر الانتخابية الذى سيحدد توزيع مقاعد البرلمان، تسبب في تزايد التوقعات باحتمالية تأجيل الانتخابات.
ومن بين أبرز المطالبين بتأجيل الانتخابات النائب السابق بمجلس الشعب المنحل، حمدي الفخراني، الذي رفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري تطالب بوقف الانتخابات البرلمانية المقبلة لمدة عام، بسبب تردي الحالة الأمنية، واحتمال وقوع حرب أهلية.
وقال الفخراني في دعواه، إن الحالة الأمنية في البلاد غير مستقرة، وإن جماعة الإخوان المسلمين ما زالت "تمارس العنف" على حد زعمه.
كما أنه هاجم الأحزاب التي تطالب بإجراء الانتخابات في موعدها التزاما بطريق الديمقراطية، ووصفهم بأنهم مجموعة من "الكذابين" وأحزاب ترغب في الحصول على "كعكة البرلمان"، مشيرا إلى أن أصحاب رؤوس الأموال يسعون إلى إجراء الانتخابات بشكل سريع، للسيطرة على البرلمان و"حماية ما نهبوه من ثروات الشعب".
ومنذ "ثورة يناير"، ومصر تعيش بلا برلمان، باستثناء مجلس الشعب الذي تم انتخابه في يناير 2012، وتم حله في حزيران/ يونيو من نفس العام، بقرار مثير للجدل من المحكمة الدستورية العليا، إبان حكم المجلس العسكري وقبل انتخاب الرئيس محمد مرسي بأسبوعين تقريبا.
ونقلت صحيفة "الشروق" المصرية عن مصادر مطلعة تأكيد تأجيل الانتخابات بسبب عدم إحراز الأحزاب والقوى السياسية المؤيدة للانقلاب أي تقدم على مستوى العمل الحزبي والميداني، فضلا عن إخفاقها في التوصل لتحالفات انتخابية يمكنها المنافسة على مقاعد البرلمان.
وكان السيسي قد أعلن أنه ملتزم بإجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده الدستور قبل نهاية العام الجاري.
وأضافت المصادر أن من العوامل التي تجعل موعد إجراء الانتخابات مجهولا أيضا، العامل الأمني، حيث تشهد البلاد تصعيدا في المظاهرات والاحتجاجات، فضلا عن استهداف قوات الجيش والشرطة.
وأوصت تقارير أمنية بعدم إجراء الانتخابات البرلمانية في الوقت الحالي، والانتظار لحين تهدئة الأوضاع، حتى يتسنى للأمن تأمين الانتخابات وما يسبقها من فعاليات انتخابية، كالمؤتمرات والندوات في المحافظات المختلفة.
كذلك، فإن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الذي ستجرى على أساسه الانتخابات لم يتم الإنتهاء منه حتى الآن، وزاد الأمر تعقيدا إعلان الحكومة إعادة ترسيم الحدود بين المحافظات واستحداث ثلاث محافظات جديدة.
مخالفة للدستور
ومن جهته، رد الرئيس السابق للجنة إعداد الدستور،
عمرو موسى، على هذه المطالبات قائلا إن "الدعوات المتتالية لتأجيل الانتخابات هي دعوات تعجب الخارج، لكنها تخرب الداخل، وهو أمر خطير".
وأشار موسى في بيان له وصل "عربي 21" نسخة منه إلى أن تأجيل الانتخابات يعني طعن الحركة السياسية التى بدأت مع ثورة 30 حزيران/ يونيو 2013، وتبلورت في 3 تموز/ يوليو الماضي، "تأييدا وتفويضا" للمشير السيسي حينها، ويعني أيضا المطالبة بإعادة النظر في المسيرة التي توافق عليها الشعب، على حد قوله.
وشدد على أنه لا يجب أن نخشى الديمقراطية، ومهما كانت التحفظات أو التوقعات الخاصة بالبرلمان القادم فإنها مسيرة سوف تصقل المجتمع السياسي المصري.
ومن جانبه، أكد رئيس حزب "الكرامة" محمد سامي، رفضه القاطع لتأجيل انتخابات مجلس النواب لما فيها من مخالفة للدستور الذي تم إقراره عام 2014، مشيرا إلى أن الدستور حدد موعد انعقاد الجلسة الأولى من البرلمان.
ودعا سامي في بيان له رئيس الجمهورية إلى سرعة إصدار قانون تقسيم الدوائر الانتخابية حتى يعرف المرشحون حدود الدوائر الانتخابية التي سيعملون من خلالها.
مستعدون لإجراء الانتخابات
في المقابل، أكد مصدر قضائي باللجنة العليا للانتخابات استعداد اللجنة لإجراء انتخابات البرلمان قبل نهاية العام الجاري، وفقا للموعد المحدد مسبقا، واستبعد تأجيلها إلى العام المقبل كما يردد بعض السياسيين.
وأوضح أن اللجنة تعقد اجتماعات دورية للإعداد لإجراء الانتخابات، مشيرا إلى أنه من المقترح أن تعلن اللجنة عن الدعوة للانتخابات البرلمانية في أيلول/ سبتمبر المقبل، على أن تبدأ بتلقي طلبات الترشح لمدة أسبوعين من 8 تشرين الأول/ أكتوبر حتى 21 من الشهر ذاته، وأن تفحص أوراق المرشحين وتصدر القائمة النهائية في الأسبوع الأخير من تشرين الأول/ أكتوبر، على أن يبدأ التصويت في الأسبوع الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر فى أولى مراحل الانتخابات، وأن تنتهي جميع إجراءات التصويت في مراحل الانتخابات الثلاث قبل نهاية كانون الأول/ ديسمبر المقبل، على أن تنعقد أولى جلسات البرلمان أوائل كانون الثاني/ يناير 2015.
من جانبه، نفى المتحدث باسم مجلس الوزراء، حسام قاويش، ما يتردد حول تأجيل انتخابات مجلس النواب حتى بداية العام المقبل.
وأضاف قاويش، في تصريحات صحفية الخميس الماضي، أن الحكومة لم تناقش هذا الموضوع مطلقا في الوقت الحالي، ولم تتلق أي مطالبات بتأجيل الانتخابات، مشددا على إلتزام الحكومة بما جاء في "خارطة المستقبل"، التي "ارتضاها الشعب المصري" لبناء مؤسسات الدولة، على حد قوله.