ينظر الكثير من
اليمنيين إلى بيان
مجلس الأمن الدولي، الذي صدر الجمعة، أنه لم يكن بالقدر الذي يتناسب مع سياق التطورات التي تشهدها البلاد، بينما ذهب آخرون إلى أنه حمل العصا بيد، والجزرة باليد الأخرى، من خلال الإبقاء على المساعي الهادفة لاحتواء الوضع المتأزم، يقابله التلويح بفرض عقوبات في حال فشل تلك المساعي.
وقال الكاتب والباحث السياسي اليمني عبدالفتاح البتول إن "بيان مجلس الأمن ليس فيه جديد، بل هو نسخة من رسالة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، إلى عبدالملك الحوثي، زعيم الحوثيين، قبل أيام".
وأضاف لــ"عربي 21" أن "البيان افتقر للغة القوية التي تتناسب وحجم الخطر الذي يشكله
الحوثيون على العاصمة
صنعاء، بل احتوى على لغة لينة وتعامل رومانسي مع جماعة نازية تمارس كل أنواع القتل والإجرام وتسعى إلى إسقاط الدولة؛ وبالتالي إدخال اليمن في دوامة الحرب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر، وفي كل الأحوال لا يمكن التعويل على مجلس الأمن الدولي في الحالة اليمنية".
غير أن البيان بحسب البتول "خلا من أي عقوبات مفروضة، واكتفى بالتلويح بالعقوبات، ودعوة الحوثيين في الوقت نفسه، إلى سحب مسلحيهم من محافظة عمران شمال العاصمة صنعاء، ووقف عملياتهم العسكرية في محافظة الجوف تقريبا شمال شرق صنعاء".
يذكر أن محافظة عمران سقطت بأيدي المسلحين الحوثيين في منتصف تموز/ يوليو الماضي.
واعتبر بيان مجلس الأمن الدولي بشأن التطورات في اليمن، أنه "خطاب استهلاكي مكرر سمعناه من قبل من بيانات المبعوث الأممي لليمن جمال بنعمر، ومن خطابات الرئيس اليمني
عبدربه هادي، الذي وضع نفسه في مربع الضعف، حتى صارت مواقفه تثير والريبة لدى اليمنيين".
وتوقع البتول أن "يتعامل الحوثيون بقدر كبير من الاستهانة والرفض مع البيان، بحجة رفض الوصاية الدولية، ولتبرير تحركاتهم التوسعية بقوة السلاح لفرض الأمر الواقع".
ودعا مجلس الأمن الجمعة، الحوثيين إلى سحب قواتهم من عمران وإعادتها إلى سيطرة الحكومة اليمنية، ووقف جميع الأعمال العدائية المسلحة ضد الحكومة اليمنية في الجوف، وإزالة المخيمات ورفع نقاط التفتيش التي وضعوها داخل صنعاء وحولها.
من جهته يرى الناشط والمستشار القانوني خالد الإنسي أن البيان "تضمن إدانة واضحة لحركة الحوثي، وهددها بإدراجها ضمن الجماعات الإرهابية، من خلال الربط بينها وبين تنظيم القاعدة، غير أنه أعطى السلطات اليمنية فرصة للوصول إلى تسوية سياسية".
وأضاف لــ"عربي 21 أن "الأيام القادمة، ستبين إن كان هدف بيان مجلس الأمن هو خلق توافق دولي قبل اتخاذ إجراءات عقابية ضد الحوثيين، أم تخدير موضعي لدفع الحوثيين نحو تحقيق المزيد من الأهداف الدولية والإقليمية، سيما المحلية".
وقال الإنسي إن "زعيم الحوثيين لا يُريد الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي، ولذلك لم يخرج على أتباعه للتعليق على بيان مجلس الأمن، الذي منح الرئيس اليمني القدرة على اتخاذ إجراءات رادعة في حالة قام الحوثيون بالتصعيد.
ويتحاشى القادة الحوثيون، التعليق على البيان الصادر من مجلس الأمن الدولي، والذي حمل طابعاً تحذيريا لهم.
وفي السياق ذاته أكد الباحث والاكاديمي نجيب غلاب أن " أن "مجلس الأمن بدى كالأعمى الذي يبحث عن حل للمعضلة اليمنية يحاول أن يلعب دور المحايد الباحث عن سلمية مشتعلة بالعنف". منوها إلى أنه "شرعن للتفاوض بين دولة وتمرد يحتاجه المخنوق بلعبة معقدة لينفي العرقلة".
ولفت في منشور له على "فيسبوك " إلى أن "الرسالة واضحة، وهي أن يستقيم الحوثي وتشعبات المصالح التي لم تتقن طبيعة التحول وعاجزة عن التأقلم الراقي، سعيا منه في الانتقال على مخطط ولادة الحوار ومخرجاته".
هذا وحث مجلس الأمن في بيانه الرئاسي جميع الأطراف في اليمن على التزام حل خلافاتهم عبر الحوار والمشاورات، ورفض أي أعمال عنف لتحقيق أهداف سياسية، والامتناع عن الاستفزازات، والالتزام الكامل بالقرارات 2014 (2011) و 2051 (2012) و2140 (2014) الخاصة باليمن.