تشهد مدن
الضفة الغربية مهرجانات مركزية دعت إليها حركة
حماس، قالت إنها تأتي احتفالا بنصر المقاومة في
غزة وصمود أهل القطاع أمام العدوان الإسرائيلي نحو 50 يوما، وقد تميزت هذه الفعاليات بتمكن حماس من الحشد الجماهيري الذي وصفه المراقبون بأنه "ضخم"، خاصة في مدن الخليل ونابلس ورام الله.
وما لوحظ في هذه الاحتفالات غياب قيادات الحركة وأسماء لامعة فيها، بعد أن غيبتهم سجون الاحتلال الإسرائيلي، بينما ألقى قيادات وناطقون باسمها من غزة كلمات عبر الهاتف.
وكانت القوات الإسرائيلية اعتقلت العشرات من قادة وأعضاء "حماس" في الضفة الغربية قُبَيل رمضان الماضي، وبلغ عدد المعتقلين حوالي 1200 شخص، كما أنها شنت حملة مداهمة لمئات المنازل والمؤسسات في مختلف أرجاء الضفة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور رائد نعيرات، أن "غياب قيادة حركة حماس في مقدمة المهرجانات بفعل وجود القسم الأغلب منها بالسجون، يظهر أن تلك المهرجانات بلا قائد، وأنها جاءت بفعل ردة الفعل الجماهيرية لانتصار غزة".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن إتمام المصالحة بحاجة لعناوين من قيادات حركة حماس في الضفة الغربية لاستمرار الاتصال بها وهذا مفقود مع غياب قياداتها.
وتأتي أهمية فعاليات "حماس" هذه ومهرجاناتها بحسب مراقبين، بعد سنوات الانقسام التي أثرت على نشاطاتها في الضفة الغربية.
واعتبر نعيرات أن مهرجانات الحركة في الضفة الغربية تعتبر "قوة دفع فرضها
انتصار المقاومة في قطاع غزة وستكون جزءا من مخرجات الحرب ومحطة جديدة من محطات المرحلة الحالية، وسيكون لها ما بعدها في الضفة الغربية خاصة بعد ابتعاد نحو سبع سنوات عن العمل الجماهيري".
وأضاف: "لا شك أن الضفة الغربية أظهرت عودة للفعاليات الجماهيرية من مسيرات ومهرجانات يشارك فيها الآلاف، وهذا مؤشر على وجود لاعب جديد على الأرض غاب قسرا في سنوات سابقة، ما يساهم في بناء جبهة قوية في الضفة سيكون لها دور لا يستهان به في المرحلة المقبلة".
ونوه إلى أن الخطاب السياسي لحركة حماس في الضفة الغربية غلب عليه "الخطاب الوحدوي الموجه للشارع الفلسطيني وليس للداخل التنظيمي، ما يفسح المجال للبدء بإتمام فصول المصالحة الوطنية التي أعطتها المقاومة في غزة نفسا للاستمرار والمواصلة بسبب سيادة العقلية الوحدوية في الشارع في ظل نفس الانتصار".
بدوره يرى سائد أبو البها الناطق باسم حركة حماس في الضفة الغربية، أن "المقاومة في قطاع غزة ساعدت في عودة حركة حماس بقوة للفعل الميداني بالضفة، ويعد ذلك إحدى هدايا غزة للضفة من خلال عودة روح المقاومة في الشارع الضفاوي وإعادة اللحمة للشعب الفلسطيني وترسيخ مبدأ الشراكة".
وتابع في حديث لـ"عربي21"، بأن "مشاركة أهل الضفة الواسعة في مهرجانات الانتصار دليل التفاف حول خيار المقاومة التي وحدته بعكس خيار المفاوضات والتسوية، وهذا يدفع بمزيد من التفافهم نحو التحرر والاستقلال. صحيح أن هناك منغصات نأمل أن لا تكون بقرار سياسي، سواء استمرار الاعتقالات السياسية أم الاستدعاءات. وهناك اتصالات في هذا المجال لإنهاء تلك المنغصات وتذليل الصعاب لأنه لا يمكن القبول بالعودة للوراء بعد كل تلك التضحيات".
وأشار إلى، أن هناك توجها لدى "القوى الوطنية والإسلامية في الضفة للتوجه نحو ترسيخ الوحدة الوطنية على الأرض والبناء على إنجازات المقاومة ورفض العودة لظروف الانقسام والتفرق".
من جهته، قال المحلل السياسي صلاح حميدة لـ"عربي21"، إن حركة "حماس" من أكبر المستفيدين من هذه الحرب، وأوضح: "أصبحت أيقونتها، ومقاتلوها قدوة الفلسطينيين صغيرهم وكبيرهم، ووصل الجمهور الفلسطيني العادي إلى قناعة راسخة بعبثية طريق التسوية، ولذلك كان من الطبيعي أن يكون نشطاء حركة حماس من أكثر المتحمسين لقيادة هذا التوجه الشعبي، بل إن غالبيتهم مدفوعة من الجمهور الفلسطيني لتقوم بدورها، والشعب الفلسطيني أصبح ينظر لهم بتقدير واحترام كبير، ويبني عليهم آمالاً كبيرة، ولذلك تعتبر عودة نشاط الحركة بقوة في الضفة الغربية قضية مبررة ومتوقّعة ومطلوبة".
ورجح أن يكون هناك "احتضان شعبي، سيعطيها الدافعية والطاقة اللازمة للاستمرار، مع توقعات بتبادل مشرف للأسرى قد يبيض
السجون".
وتوصل الفلسطينيون والاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، إلى هدنة طويلة الأمد، برعاية مصرية، بعد أن شنت "إسرائيل" حربا على قطاع غزة في السابع من الشهر الماضي، واستمرت 51 يوما.
وخلال الحرب، فاوض الفلسطينيون لأول مرة بوفد موحد برئاسة القيادي في حركة فتح عزام الأحمد، وعضوية ماجد فرج رئيس المخابرات العامة، وعن حركة حماس موسى أبو مرزوق وخليل الحية وعزت الرشق ومحمد نصر وعماد العلمي، وعن حركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة وخالد البطش، وعن حزب الشعب بسام الصالحي، وعن الجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم، وعن الجبهة الشعبية ماهر الطاهر.