بعد رحلة صيدٍ دامت أكثر من 12 ساعة في عمق 6 أميال بحرية، وصل الصياد الغزيّ خليل الهبيل، (54) عاماً، إلى ميناء
غزة البحريّ حيث ترسو قوارب
الصيادين، أوقف مركبه في مكانه، وتناول شباك الصيد خاصته المليئة بأنواع مختلفة من
الأسماك، ووضعها بـ"حذرٍ" على أرضية الميناء الإسمنتية.
وبدأ الصياد "الهبيل" بالتقاط الأسماك من شباك الصيد، وفرزها في صناديق بلاستيكية حسب أنواعها وأحجامها، لإرسالها حيث المكان المخصص لبيع الأسماك، والمُسمّى بـ"حسبة" السمك –سوق السمك-.
وبينما كان يمسك بأسماك "المليطة" و"السردينة" التي تتوفر أجود أنواعها في مسافة (6) أميال بحرية، قال: " بعد أكثر من عامين، سمحت لنا البحرية
الإسرائيلية بالوصول إلى مسافة (6) أميال، دون أن تعترضنا وتطلق نيران رشاشاتها وقذائفها تجاهنا".
وقضى الهبيل (25) عاماً، يعمل صياداً للسمك في بحر غزة، مشيراً إلى أن أولى أمنياته هي أن يُسمح لهم بالصيد في مساحة حرة، كبقية صيادي العالم، دون أن تحدّ إبحارهم حدودا رسمت على "أوراق".
وسمحت السلطات الإسرائيلية، الخميس المنصرم، للصيادين في قطاع غزة، بالدخول إلى مسافة 6 أميال بحرية بدلا من ثلاثة، وذلك تنفيذا لتفاهمات اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية مصرية.
وأول المعيقات التي تحول دون تأدية الهبيل أعماله بشكل كامل في عمق بحر غزة، هي ارتفاع أسعار الوقود الإسرائيلي إذ وصل سعر اللتر الواحد منه ما يقارب (2) دولار أمريكي، مشيراً إلى أن هدم الأنفاق التجارية بين قطاع غزة والجانب المصري، أثّر على قطاع الصيد بشكل كبير بسبب غياب الوقود "المصري" زهيد الثمن.
ويشكو الهبيل اليوم، من قلة كميات الأسماك التي تتوفر في مسافة (6) أميال بحرية، قائلاً:"كميات السمك في تلك المسافة ضئيلة، إذ يبحر كافة الصيادين إلى تلك المسافة للإصطياد، ويحظى كل واحد منهم بكمية قليلة من الأسماك".
ورغم تكبّده لخسائر مادية في حرب غزة التي استمرت لأكثر من (51) يوماً، بلغت حوالي ألف دولار أمريكي، إلا أنه يصرّ على مواصلة أعماله لإعالة أسرته المكونة من 12 شخصاً.
ويتمنى الهبيل أن تسمح إسرائيل للصيادين بالإبحار حتى 12 ميلا بحريا من الشاطئ، أي إلى حد المياه الإقليمية المتعارف عليه دوليا، حتّى يتسنى لهم صيد كميات وفيرة من الأنواع المختلفة من الأسماك.
وتابع:" نحلم بصيد أسماك الـ12ميلاً بحرياً، إذ تمتاز أنواعها بالجودة، وكبر حجمها، ولذّة مذاقها".
وتوصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، يوم الثلاثاء الماضي، إلى هدنة طويلة الأمد، برعاية مصرية، وهي الهدنة التي اعتبرتها فصائل المقاومة الفلسطينية في بيانات منفصلة "انتصار"، وأنها "حققت معظم مطالب المعركة مع إسرائيل"، ورحبت بها أطراف دولية وإقليمية.
وجاءت هذه الهدنة، بعد حرب شنتها إسرائيل على قطاع غزة في السابع من الشهر الماضي، واستمرت 51 يوماً، أسفرت عن مقتل 2145 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، فضلاً عن تدمير الآلاف من المنازل، بحسب إحصاءات فلسطينية رسمية.
وتتضمن الهدنة، بحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية، وقف إطلاق نار شامل ومتبادل بالتزامن مع فتح المعابر بين غزة وإسرائيل بما يحقق سرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثة ومستلزمات الإعمار للقطاع، الذي يقطنه نحو 1.9 مليون نسمة.
وفي حسبة السمك، أنعشت الكميات القليلة من الأسماك سوق "الحسبة" إذ غطت الأسماك، في الأيام الأولى من التهدئة، (90)% من احتياجات ذلك السوق.
ويرى جهاد بكر (54) عاماً أن حظر دخول البحر، الذي فرضه الجيش الإسرائيلي، خلال فترة الحرب على قطاع غزة، كانت السبب الرئيسي في تجمع الأسماك في مسافات 3 أميال وبحرية، و6 أميال.
ولفت إلى أن تلك الكميات، التي بدت "وفيرة" للصيادين كانت بسبب انقطاعهم عن الصيد، مؤكداً على أن كميات الأسماك تتوفر بذات الكمية في المسافة من 3-6 أميال بحرية.
ويتابع قائلاً:" الكميات الوفيرة من الأسماك تتواجد في مسافة 9-12 ميلاً بحرياً، لكن في مسافة 6 أميال، تعتمد على حجم الأسماك الراكدة غير النشطة".
ولفت إلى أنه بعد أسبوع من الصيد في تلك المسافة، ستخلو بشكل شبه كامل من الأسماك.
ويتمنى بكر أن تسمح البحرية الإسرائيلية للصيادين بالصيد في مسافة أبعد من (6) أميال بحرية، خلال تفاهمات التهدئة "طويلة الأمد".