ما من "كاميرا"، تتجول الآن في مدينة
رفح، جنوبي قطاع
غزة كي تلتقط صورا للموت هناك، وتتعثر بالدم النازف في كل زقاق وحي، وشارع، وبركام ما دمرته قنابل وقذائف القصف
الإسرائيلي.
وما من طريق آمن لسيارات الإسعاف، أو حتى طواقم الصليب الأحمر للمرور، وانتشال جثامين
الشهداء، الذين تم الإلقاء بالعشرات منهم في ثلاجات الخضار، وفق تأكيدات مسعفين أن الشهداء ينقلون إلى ثلاجات الخضار لحفظها من التحلل والعفن، فيما ينزف الجرحى على أرصفة الطرقات.
ووفق الإحصائيات الأولية الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، فإن حصيلة شهداء
العدوان الإسرائيلي على رفح منذ صباح أمس، وحتى صباح اليوم السبت إلى 101 شهيد وما يزيد عن 400 جريح في عدة
مجازر جراء سقوط عشرات القذائف وتنفيذ الغارات على السكان المدنيين.
ولا مقدرة لدى المستشفيات الصغيرة جدا في رفح على التعامل مع بشاعة العدوان الإسرائيلي، وشدته كما تقول سُهاد خضر، التي يختفي صوتها أمام اشتداد القصف.
وتعرض مستشفى أبو يوسف النجار (أكبر وأهم مستشفيات مدينة رفح) لقصف من المدفعية الإسرائيلية، ما اضطر إدارة المستشفى إلى إخلائه تماما، والامتناع عن نقل جرحى الغارات الإسرائيلية إليه "خشية من استهدافه مجددا".
وتقول خضر إنها تشاهد من شرفة بيتها جرحى ينزفون حتى الموت، وأنه في كل دقيقة تمر يزداد القصف بشاعة وعنفا.
ولا تستطيع سيارات الإسعاف الخروج من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بسبب كثافة الغارات الإسرائيلية التي تستهدفها منذ صباح أمس الجمعة.
ولا يمكن للصورة في رفح أن يتم اختصارها هذه المرة بكلمتين:" إنّها مجزرة"، فالأمر كما يقول أمجد أبو عيطة، أحد المحاصرين في مدينة رفح، أكبر من المجازر، والمحارق، وحتى جرائم الإبادة كما يقول لوكالة الأناضول.
ويأتي صوته مخنوقا وهو يُضيف: "لا يوجد مستشفيات، وضعنا الموتى في ثلاجات الخضار، الجثث تنتشر في كل مكان، والأرقام التي تخرج لا شيء أمام هول المصيبة تحت ركام البيوت، والأنقاض، محاصر أنا وعائلتي، لا ندري كيف نخرج، وماذا نفعل".
ونال القصف الإسرائيلي في رفح وفق أبو عيطة كل شيء ساكن، ومتحرك، فما من شجرة، ولا مستشفى، ولا دراجة، ولا شارع، ولا بيت إلا وناله القصف والتدمير.
ووصف أشرف القدرة، الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية، ما يجري في رفح بـ"جريمة الحرب".
وقال إنّ الطواقم الطبية عاجزة عن دخول مدينة رفح لإنقاذ المصابين.
وأضاف: "نطالب الجهات الدولية، بالتدخل لأجل توفير طرق آمنة للإسعافات، كي نرسل المصابين إلى المستشفيات الأخرى في مدينة خانيونس".
ودمر الجيش الإسرائيلي، مستشفى أبو يوسف النجار، كبرى مشافي مدينة رفح، وما تبقى من مستشفيات (الإماراتي، الكويتي)، لا يصلحان لاستقبال الجرحى، وإجراء عمليات جراحية للمصابين، فهما مخصصان للولادة.