خرج
الحوثيون بأعداد غفيرة إلى شوارع العاصمة
اليمنية صنعاء مستنكرين القرار الحكومي برفع أسعار مشتقات النفط، ويعتبر العديد من المراقبين والمحللين أن هذه المظاهرات المطلبية أتت كنوع من الذريعة تسنح للحوثيين أن يقوموا باستعراضهم للقوة.
وكان هذا تزامنا مع التحركات العسكرية التي قام بها الحوثيون نحو العاصمة منذ أسابيع خلت وسيطرتهم على عدد من المدن والقرى، في ما وصف "بسعي الحوثيين لتضييق الخناق على صنعاء" كما السيطرة على "طرق الإمداد ما بين العاصمة ومناطق مأرب الحيوية للاقتصاد اليمني ككل".
واستمر الوضع في التفاقم سياسيا وأمنيا إلى أن تم تداول خبر "انفراج" عبر مبادرة من اللجنة الوطنية الرئاسية، وهو اتفاق من عدة بنود لحل الأزمة ألا وهي:
- تشكيل حكومة وحدة وطنية عبر آلية محددة من أربعة بنود: إعلان رئيس الجمهورية [
عبد ربه منصور] في اجتماع اللقاء الوطني الموسع خلال أسبوع بتكليف من سيشكل الحكومة بالتشاور مع المكونات السياسية. ذلك على أن يختار ويعين وزراء الوزارات السيادية، أي الدفاع، الداخلية، الخارجية والمالية وعلى أن يشارك طرفا "المبادرة الخليجية" فضلا عن أطراف أخرى. أما في ما يخص الوزارات الأخرى يتم عرض مرشحين لكل وزارة، على أن يختار الرئيس وزيرا بالتشاور مع رئيس الوزراء المُكلف. ذلك على أن يقدم كل الأطراف مرشحيهم خلال فترة زمنية محددة من قبل رئيس الجمهورية مُسبقا.
- إصدار قرار رئاسي يعيد النظر في الكلفة المضافة على المحروقات بهدف إعادة تخفيض أسعار الديزل والبترول إلى 3400 ريال و3500 ريال.
- رفع الحد الأدنى للأجور.
- التزام الجميع بتنفيذ المقررات وفق آليات محددة زمنيا، كما استكمال المهام المتبقية لصياغة وإقرار دستور للبلاد والاستفتاء عليه.
- التزام المؤسسات الإعلامية العامة والخاصة والأطراف المشاركة بسياسة وخطاب إعلامي بناء، مع تكليف حكومة الوحدة الوطنية بوضع آليات لذلك.
- التزام الجميع بنبذ العنف والتطرف والأعمال المخلة بالأمن عبر إزالة أسباب التوتر من اعتصامات وتجمعات في العاصمة ومحيطها، كما استكمال انتشار القوات الحكومية في محافظة عمران ووقف المواجهات في الجوف
- دعوة لعبد الملك الحوثي وأنصار الله بتنفيذ ما ورد خاصة في البندين الأخيرين أعلاه.
وبالرغم من "مؤشرات الانفراج" التي تداولتها الصحف اليمنية صباح هذا اليوم، والتي انبثقت عن "مشروع مبادرة اللجنة الوطنية الرئاسية"، فإن ما يردنا من أنباء من صنعاء ومنطقتها يأتي مناقضا لما تم التداول به صحفيا. فما زال الحوثيون يتظاهرون في شوارع صنعاء الرئيسية بالرغم من استجابة الرئيس اليمني لمطالبهم الأساسية وكان أبرزها تشكيلة حكومية جديدة والعودة عن رفع أسعار المحروقات.
ومن هنا أفدنا بسعي من قبل حركة "
أنصار الشريعة"، التي تقاتل القوات الحكومية على عدة جبهات في عدة محافظات كما الحوثيين، لإنشاء "حلف مع عدد من وجهاء العشائر لمواجهة تمدد الحوثيين نحو العاصمة". حيث يعتبر هؤلاء أن "التحركات الشعبية التي يقوم بها الحوثيون تُخفي هدفا وحيدا ألا وهو السيطرة وبالقوة على مفاصل العاصمة والحكم في اليمن بإيعاز إيراني وتنفيذا لخطة مستوحاة من تجربة حزب الله في لبنان".
وتم التداول في الساعات الأخيرة بصور تُظهر عددا من قيادات "أنصار الشريعة" كنبيل الذهب ومأمون حاتم مع عدد من مشايخ القبائل والوجهاء في مناطق البيضاء ويافع، في سعي واضح لتحشيد القبائل في مواجهة الحوثيين.
وأثناء ذلك، تستمر المواجهات ما بين القوات الحكومية و"أنصار الشريعة" في حضرموت وغيرها، علما أنه ومنذ بضعة أسابيع اخترق التنظيم الحدود الشمالية مع المملكة العربية السعودية ضاربا معبرا حدوديا مع اليمن على جهتي الحدود وصولا إلى مدينة شرورة في عمق الأراضي السعودية حيث فجر مبنى تابعا للمباحث. وهذه الخطوة تُعتبر خرقا أمنيا كبيرا وفريدا من نوعه خصوصا عندما نعلم أن عدد المهاجمين لم يتعد العشرة، فضلا عن أن جُلهم من المُعتقلين السابقين والمعروفين بالإسم والشكل من قبل سلطات البلدين.
وتتوالى الإصدارات الترويجية عن "مؤسسة الملاحم" وهي الذراع الإعلامي لـ"تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية" والتي تظهر شدة المعارك مع القوات الحكومية في عدة مناطق يمنية كما تراخي القبضة الأمنية للسلطات، بالرغم من الحملات العسكرية المتكررة. فبات من الواضح أن هذا الواقع الأمني وتحركات الحوثيين الأخيرة في مناطق نفوذهم ونحو العاصمة صنعاء سيزيد الوضع تعقيدا وتصعيدا على شتى المستويات الأمنية منها والسياسية، وسيعمق الشرخ بين مكونات المجتمع اليمني جنوبا وشمالا.