س :
مصر مضلمة
ص : الإخوان اللي خربوا أبراج الكهربا
س : لأ مش كده
ص : مش أحسن منبقى زي
سوريا والعراق
س : هو ده
بدأ الخطاب الإعلامي والسياسي يتحول تدريجيا بعد فشله في تسويق مفهوم الإرهاب وأن الثوار يقومون بتخريب المنشئات العامة والخاصة، وعلي رأسها أبراج ومحولات الكهرباء حتي يزداد الناس ضجرا وسخطا علي الحكم، إلي مفهوم الرضاء بالواقع لأننا أفضل من سوريا والعراق.
خلال أكثر من عام وقبله بفترة بدأ خصيان السلطان وغلمان السلطة في الترويج لمفاهيم نازية فاشية تقول أن الحكم الموجود الذي كان علي رأسه الرئيس محمد مرسي سيقود البلد إلي حرب أهلية وإلي فتنة ويدمر الدولة ويسلخ الشعب عن هويته، التي لم يعرف حتي الآن ماهي هذه الهوية ولا ما هي القيم التي يستند عليها هذا الشعب.
صدر تجار القيم والثورة والإنسانية أفكار منحطة وبعيدة عن المنطق والواقع للعامة في الشارع، علي رأسها إهانة القيادات العسكرية والسلطة القضائية، والرموز الدينية والوطنية، والحفاظ علي السلام الاجتماعي وعدم التحول لأفغانستان جديدة والوقوع في براثن الإرهاب.
بعد أكثر من عام من وصول السيسي للحكم كقائد للانقلاب بزي عسكري أو بزي مدني، غرقت مصر في براثن الفوضى والفساد والانحطاط الإنساني، كان أكثر هذا التردي والتدني هو قبول وتبرير جرائم قتل وإبادة المسلمين وحرق مساجدهم وتعذيبهم في السجون ومصادرة ممتلكاتهم.
كل من دافعوا سابقا عن وقوع مصر تحت حكم فاشي خرست ألسنتهم وصمت أذانهم، إما كراهية للضحايا ومعظمهم من المسلمين الملتزمين، أو خوفا من بطش النظام الدموي الذي صنعوه.
بعضهم هؤلاء تحرك علي استحياء من خلال المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي بات مجلسا وحشيا يستخدم لقمع وإهانة الإنسان وكرامته تماما كالذين في السلطة، للسماح بنقل عدد من صبيان الانقلاب وصانعيه بدخول مستشفى خارج السجن بعد أن أعلنوا إضرابهم منذ أيام. هذا المجلس الوحشي نسي أن هناك نحو 40 ألف معتقل يعانون الهوان والتعذيب ويتعرضون لأبشع أنواع التنكيل بما فيه الاغتصاب دون أن يحرك ذلك لهم جفن، أو يهز لديهم شعرة من رحمة إذا كانوا يعرفون معناها.
خلال عام وشهرين تحولت مصر لمكان أشبه بالجحيم وأسوأ من سوريا والعراق بوجود عصابة فاجرة تحكم وتتحكم في مصيره، تقتل وتعذب وتصادر الحريات وتكمم الأفواه وتقضي بالظلم علي أبناء شعبها.
خلال عام باتت مصر غابة متوحشة يطغي فيه حثالاتها ويتحكمون في مصائر أصحاب القيم والضمائر.
ابتعدت خلال هذه الأشهر مصر عن الإنسانية وغابت عنها الرحمة.
سوريا والعراق لم تظلم كما أظلمت مصر وغابت عنها الكهرباء نتيجة الفساد والتردي والانحطاط الإنساني، أنت كمواطن عليك أن تقبل بهذا الوضع لأن مصر أحسن من سوريا والعراق.
عليك أيضا قبول قتل المتظاهرين والثوار وتعذيب واعتقال البنات واغتصابهن لأننا أحسن من سوريا والعراق.
و بما أننا في وضع أحسن من سوريا والعراق عليك قبول تزوير الانتخابات والاستماع لإعلام دموي إرهابي يحرض العامة بعضهم علي بعض ويخضعهم لبطش الحاكم وفجوره، بالإضافة إلي القبول بتكميم الأفواه وتغييب الآراء وقتل أصحابها وسجنهم بدون محاكمات.
و في هذه النعم التي هبطت مع الانقلاب علي مصر عليك القبول بارتفاع الأسعار وغياب الرقابة والشفافية وقبول الفساد وتضخمه وأن تصبح مصر الدولة الخامسة عالميا في مستوي البؤس، لأنك الآن أحسن من سوريا والعراق.
اقبل أيضا تعيين ابنة شقيق قائد الانقلاب براتب 14 جنيه شهريا في النيابة الإدارية بينما أنت نفسك كنت ترفض تعيين ابن محمد مرسي في وظيفة عادية ب 900 جنيه شهريا، حتي لا نكون مثل سوريا والعراق.
اقبل كذلك بالإفراج عن أحمد عز والحكم له بعدم دفع الغرامة وإعادة الأراضي المنهوبة بالمليارات لمن استولوا عليها وترك أصحاب الأعمال يستولون علي دعم الطاقة ويرفعون عليك الأسعار، المهم أنك لست في سوريا والعراق.
اقبل أن يقتل ابنك المجند علي يد ضابط في معسكر للأمن المركزي، أو معذبا بالكهرباء، أو مقتولا لأنك رفضت تزويج ابنة أختك لهذا الضابط، أو تموت أنت وأسرتك من التدافع أثناء زيارة قريب لكم في معهد عسكري، لكنك لست في سوريا والعراق وهذه نعمة كبيرة.
تبريرات السلطة الإرهابية وخصيانها باتت في منتهي الفجاجة والقبح، رغم أن كثير من الناس بدأ الاستفاقة من هذه البذاءات التي يتفوه بها النظام وإعلامه، وبات كثيرون يعرفون أن المشكلة الرئيسية تكمن في نظام إرهابي عسكري دموي تغلغل في الدولة منذ 62 عاما أصابها بالعطن والعفن وجعل كل مؤسساتها واجبة الهدم لإعادة البناء.