في أشبه ما يكون بحقب العقود الوسطى من القرن الماضي، حيث
الاختفاء القسري، والسجون السرية، والصمت عن السؤال، اختفى المصورالصحفي الذي يعمل بموقع "مصرالعربية" عمرعبد المقصود، الذي لا ينتمي لأي حزب أو تيار، مع أخويه إبراهيم وأنس حيث اتهما مسبقا بحرق سيارات مواطنين
المصريين.
وبحسب محاميه، عمر القاضي، فقد اختفى عمر وأخواه عقب صدور قرارالمحكمة بتأييد قرار إخلاء سبيلهم، ورفض استئناف النياية بعد التجديد لهم عدة مرات عقب سلسلة من الإخلاءات على خلفية اعتقالهم واتهامهم بحرق سيارات مواطنين.
البداية كانت مع الشاب العشريني عمر عبد المقصود الذي التحق بالعمل في موقع "
مصر العربية" الإخباري بعد التنقل بين عدد من الصحف والإذاعات المحلية، وكان بصدد الزواج.
حرية المعتقلة دهب كانت سببا في اعتقال مصورها
تداولت وسائل الإعلام، في شباط/ فبراير من العام الماضي، قصة السيدة المعتقلة دهب التي اعتقلت وهي حامل في شهورها الأخيرة أثناء مرورها بإحدى التظاهرات، وتم الزج بها في الزنزانة، وأنجبت طفلتها الأولى "حرية" في إحدى المستشفيات، وهي مقيدة اليدين، عاجزة عن احتضان ابنتها.
وقرر قسم الفيديو في موقع "مصر العربية" إرسال كاميرا لتغطية حفلة "السبوع" التي ستقام للمولودة "حرية"، عند هذه النقطة تلتقط الصحفية آيات قطامش زميلته في الموقع طرف الحديث، وتقول لـ"عربي 21": "أسند الموقع أمر التصوير إلى المصور الشاب عمر عبد المقصود الذي كان في فترة تدريب، وتلاقينا في منزل دهب، وأثناء تغطيتنا للحفلة، داهمت قوات الأمن المكان، واعتقلت جميع المصورين والصحفيين الذين كانوا في المنزل، واقتادوهم إلى مركز الشرطة، وعقب ساعات من السؤال والاستجواب تم إخلاء سبيل الجميع باستثناء عمر، فلم يكن لديه أوراق ثبوتية، واتهموه بإنه مصور الجزيرة، وتم حبسه، والتجديد له أكثر من مرة قبل أن يخلى سبيله نهائيا".
الاعتداء والإهانة سمات أقسام الشرطة
للمرة الأولى، أرى دموع عمر في عينيه عقب إخلاء سبيله، عندما يتطرق الحديث إلى لحظات احتجازه في مركز الشرطة والاعتداء عليه، بحسب زميله الإذاعي وصديقه "إسلام".
وقال إسلام في حديثه لـ"عربي 21" : "لدى وصول عمر إلى غرفة الاحتجاز، تم الاعتداء عليه لفظيا، وبدنيا، وضرب على وجهه إمعانا في إذلاله، وبعد التواصل مع بعض القيادات الأمنية، تغير طريقة التعامل معه".
ويقرر عمر عدم العمل في التصوير الميداني أو السياسي، ويتجه إلى المجال الفني، تجنبا لإي مشاكل أخرى لا يطيقها، ولكن طالعه السيء أبى أن يتركه، وبعد نحو أقل من شهر من الإفراج عنه، قام زوار الفجر باعتقاله من منزل العائلة، واعتقلوه، هو وشقيقه إبراهيم (21 عاما) وأنس (15 عاما)، وتم توجيه لهم تهم حرق السيارات، وإنشاء "خلية إرهابية".
ومن جهتها، قالت زوجته الشابة "أمنية" لـ"عربي 21":" كنا على وشك دعوة الناس لحضور حفل الزفاف، ولكن المصائب كانت أسرع من الأفراح، واعتقل عمر وأنس وإبراهيم ظلما، وعدوانا، فهو شاب ليس له انتماء سياسي، ويخرج للجلوس في المقاهي مع أصدقائه، وكل ما يعنيه التفكير في تطوير أدائه في العمل".
رحلة تذيب لعمر وعذاب لأهله طيلة 5 أشهر
امتدت فترة اعتقال الشاب عمر إلى نحو خمسة أشهر، رافقتها صور أليمة من التعذيب له، ورحلة أليمة من العذاب لزوجته ووالديه اللذين ذاقا الأمرين بسبب تعنت الشرطة معهم، وعرقلة النيايبة لإجراءات التقاضي، وتعسفها الشديد معهم، دون مبرر.
وتقول أمنية: "قامت الشرطة بتعذيب عمر جسديا ونفسيا بضربه ضربا مبرحا على قدميه ويديه وظهره، حتى فقد القدرة في بعض الأحيان على الوقوف، وعلى إمساك الأشياء بيديه، وكان يتم السماح لنا بزيارات قصيرة".
وأضافت: "قامت الشرطة أيضا بتعذيب شقيقه الأصغر أنس بالكهرباء في وجهه أسفل عينيه، وفي أسفل جسده، بينما كان نصيب شقيقه الأوسط إبراهيم التعذيب بالسياط، وتعليقه من ذراعيه لفترات طويلة، وكانت تتم معاملتهم بوحشية، وقسوة، دون رادع من ضابط سجن أو مأمور".
وتابعت: "عندما ذهبنا لاستلامهم، أخبرنا مأمور مركز الشرطة أنه تم إخلاء سبيلهم، ولا نعلم وجهتهم، وألمح إلى جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) حيث الداخل مفقود".
خرق القانون والدستور دون حسيب أو رقيب
وفي خرق للقانون، استأنفت النيابة على قرار محكمة الجنايات بإخلاء سبيل الأشقاء، ونقلت القضية إلى محكمة أخرى من نفس الدرجة، بحسب والده عبد المقصود.
وتحولت حياة أسرة "المصور الصحفي" إلى مزيج من الرعب والخوف والإرهاق والتعب، وأصبحت الحياة نقمة عليهم جميعا، وفُقِد الأبناء الثلاثة في غياهب السجن، إلى المجهول.