لم تشفع له لحيته البيضاء ولا سني عمره التي تجاوزت الخمسة والسبعين عامًا، ولا حصانته البرلمانية كونه نائبًا بالمجلس التشريعي (البرلمان)
الفلسطيني، من أن تضعه
إسرائيل على لائحة المطلوبين لديها وتطارده منذ أكثر من ثلاثة شهور، ليسجّل كأكبر
المطاردين سناً للجيش الإسرائيلي، بحسب حقوقيون فلسطينيون.
وتطارد القوات الإسرائيلية
النائب عن حركة حماس بمدينة نابلس (شمال الضفة)، أحمد الحاج علي، بهدف اعتقاله، منذ أن بدأت عمليتها العسكرية بالضفة عقب اختفاء ومقتل ثلاثة مستوطنين في الخليل (جنوب) في 12 يونيو/ حزيران الماضي.
وفي 12 يونيو/ حزيران الماضي، اختفى ثلاثة مستوطنين قرب مستوطنة "غوش عتصيون"، شمالي مدينة الخليل قبل العثور على جثثهم أواخر الشهر نفسه، وحمّلت إسرائيل، حركة حماس المسؤولية عن خطف المستوطنين، وقتلهم، وهو اتهام رفضته الحركة، مرددة أنه ليس لديها صلة بالأمر.
وعقب اختفائهم مباشرة، شن الجيش الإسرائيلي حملة
اعتقالات واسعة بين الفلسطينيين في أنحاء متفرقة بالضفة الغربية، طالت مئات المواطنين، غالبيتهم من قيادات ونشطاء حركة حماس، إلى جانب أسرى محررين.
واقتحم الجيش الإسرائيلي منزل الناب الكائن في مخيم العين بمدينة نابلس 6 مرات بهدف اعتقاله، إلا أن النائب لم يكن متواجدًا بالبيت حينها، فيقوم الجنود الإسرائيليون بتحطيم محتويات المنزل وتهديد عائلته بأنه سيتم اغتياله ما لم يسلم نفسه، حسب ما قالته ابنته هبة للأناضول.
وتضيف هبة: "كانت الاقتحامات تجري بعد منتصف الليل، لكن الاقتحام الأخير الذي تم بداية شهر سبتمبر (أيلول) الجاري، كان في وضح النهار، حيث اقتحمت قوة عسكرية إسرائيلية منزل العائلة ولم يكن أبي متواجدًا بالمنزل، فقال الضابط لأمي حينها إن لم يسلم نفسه سوف نغتاله، وهذه ليست المرة الأولى التي يهددون باغتياله".
ويرفض النائب علي تسليم نفسه للجيش الإسرائيلي حسب هبة، مضيفة:"والدي يرفض تسليم نفسه كونه رجلاً مسنًا لا يقوى على تعب السجن ومشقته وذله، هو يعاني من أمراض الشيخوخة وبحاجة لعناية صحية ومتابعة يومية وغذاء خاص كونه يعاني من البروستات، إضافة لمعاناته من ضعف بالنظر وهو بحاجة لإجراء عملية جراحية بعينه، عدا عن آلام أسنانه وغيرها من الأمراض".
بعينين دامعتين وبكلمات اختنقت بغصة في قلبها تقول هبة: "حياتنا مليئة بالمعاناة، تكاد لا تمر مناسبة سعيدة إلا ونفتقد والدي فيها، أنا الآن حامل بابني الرابع، وأبنائي الثلاثة لم يرهم جدهم عند ولادتهم، حتى أن أحدهم جاء على الدنيا ولم يكن أبي يعلم أنني حامل به".
وتتابع: "لا تمضي لحظات إلا ونستذكر والدي الذي لا نعلم عنه شيء، أحفاده وأبناؤه الكل مشتاق له، نحن لا نراه ولا يأتي للبيت خشية اعتقاله".
وتلفت هبة إلى أن العائلة تستقبل عيد الأضحى بقلوب حزينة وقلقة على مصير والدها المطارد، كما كان حالها تماما في عيد الفطر الماضي، وتقول: "وضع البيت غير مستقر أبدًا، في كل يوم نتوقع أن يكون هناك اقتحام لجيش الاحتلال، كما أن والدتي لا تبقى بالمنزل خشية اقتحامه وهي متواجدة فيه لوحدها، خاصة وأنها مصابة بأمراض الضغط والسكري ومصابة بجلطتين".
وتمضى قائلة: "الاحتلال لا يراعي أي ظرف إنساني للعائلة، ففي إحدى المرات التي تم اقتحام المنزل بها، استجوب الضابط أمي وهي بحالة صحية صعبة جدا، وكان يهددها بأنه سيطلق النار على والدي إذا لم يسلم نفسه، مما تسبب بتدهور صحتها وكاد يغمى عليها".
وتشير ابنة النائب إلى أن السلطات الإسرائيلية استدعت عددا من أبناء وأحفاد وأنسباء النائب للتحقيق معهم عن مكان تواجده، مضيفة: "كان الضابط يقول لهم إن والدي رجل إرهابي ويجب أن يسلم نفسه وإلا سنغتاله".
بدورها، أعربت النائبة بالمجلس التشريعي عن حركة حماس بمدينة الخليل (جنوب)، سميرة الحلايقة، استنكارها "صمت المؤسسات الحقوقية والبرلمانات الدولية جراء ما يتعرض له النائب أحمد الحاج علي من ملاحقة وتهديد بالاغتيال".
وتضيف الحلايقة: "الاحتلال يستفرد بالنواب ويمارس انتهاكات مستمرة بحقهم كونه لا يوجد أي أحد يتبنى قضيتهم، حتى على مستوى السلطة الفلسطينية فهي لا تحرك ساكنا ولا حتى تخرج وتستنكر ما يتعرض له النواب الفلسطينون من اعتقال وملاحقة النائب علي".
وتعتقل إسرائيل في سجونها 29 نائبا فلسطينيا، كلهم من حركة حماس، عدا نائبين من حركتي فتح والجبهة الشعبية، حسب حلايقة.
وتشير حلايقة إلى أن "تهديد النائب علي بالاغتيال يعد سابقة خطيرة، ووصمة عار بوجه كل الهيئات والمؤسسات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، كونه رجلا مسنًا، ونائبًا بالمجلس التشريعي الفلسطيني، وفي هذا الأمر إدانة للبرلمانات بالعالم والبرلمانات العربية والسلطة الفلسطينية، وكأن النواب ليسوا من أبناء الشعب الفلسطيني، ولا أصحاب حق".
وتتابع قائلة: "حال النائب علي كحال النواب المعتقلين في سجون الاحتلال، الذين يعانون أوضاعًا قاسية، ومنهم من هو بحاجة لإجراء عمليات جراحية ومتابعة صحية عاجلة، كما أن العديد منهم من أمضى أكثر من 15 عاما داخل السجون، ولا أحد يدافع عنهم أو يسمع العالم قضيتهم".
وذكرت النائبة "أن "إسرائيل حاولت اغتيال نواب لا سيما خلال الحرب على قطاع غزة، منهم النائب عن حركة حماس خليل الحية، وهذه جريمة أخرى تضاف لسلسلة الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية بحق النواب الفلسطينيين".
وتنوّه الحلايقة إلى عجز النواب الفلسطينيين عن التحرك بشكل فاعل بقضية النائب بسبب مضايقات الاحتلال لهم، حسب قولها، قائلة: "كل ما نقوم به هي وقفات تضامنية وإرسال رسائل للبرلمانات العالمية والتواصل معهم، ليس بوسعنا فعل شيء ما لم نجد مؤسسات حقوقية وسلطة تدعمنا في هذا الاتجاه".
وكان النائب أحمد الحاج علي قد اعتقل 17 مرة تنقل خلالها في مختلف السجون الإسرائيلية، وأبعد لمرج الزهور في لبنان عام 1992 مع أكثر من 400 قيادي من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، كما يعد أحد وجوه الإصلاح والقيادات البارزة في مدينته وفي الضفة الغربية، حسب عائلته.