جثث لعناصر من قوات الشبيحة التابعة للنظام - فيسبوك
"كأي متشرّد كان يقضي حياته خارج قريته، بلا أحلام وبلا راحة"، هكذا كانت حياة "ن.ع" وفق ما يرويه رفيقه لـ"عربي21"، حيث كانت "تترنح بين عمل قاس وعمل زهيد، فيعود للقرية في إجازات قصيرة من عمله ليشعر خلالها ببعض من إنسانيته".
"م.م"، الذي روى قصة رفيقه لـ"عربي21" متزوج في بيت صغير ويعمل حطّابا الآن، وقال للصحيفة: "حين اندلعت الثورة السورية التقطت ميليشيا الدفاع الوطني والمعروفة بين السوريين باسم الشبيحة (ن.ع)، الذي راح يحلم بأن يقضي حياته كأي متطوع في الجيش يؤسس بيتا وعائلة، ويجد بعضا من وقته ليعتني بأرضه"، على حد قوله .
لم يكن "ن.ع" يسرق ولم يقتل، وفق شهادة صديقه، "بل كان يدافع عمّا يظنّ أنّه الوطن، حيث أنه كان مقتنعا أنّ ما ارتكبه النظام في كل أرجاء الوطن ليس جريمةٌ بحق الشعب، موضحا أن خدمته كانت على أحد الحواجز في مدينة طرطوس، ولم يكن يرى من فظائع النظام هناك، ولكن "ما إن اشتدّ الصراع حتّى اختلطت عليه الأمور، وراح يخلط بين الإرهاب والثورة".
ونقل صديقه عنه قوله: "مو رايحة إلا على الفقير"، لكنّه كان يأمل في قرارة نفسه أنّ الحال سيتغيّر، وأنّه سيأخذ قسطا من الراحة، بعد سنين عمره التي قضاها متنقلا بين واهبي الأرزاق.
جاء الدور على "ن.ع" ليحارب في المناطق الساخنة، فارتبك كثيرا، لكن حان وقت القرار الحقيقي بالنسبة له، فقد أعاد التفكير في جدوى القتال في صفوف النظام بسبب ما رآه من ممارسات وأفعال بشعة.
ووضع "ن.ع" نصب عينيه القتال مع رفاقه، ضد ما يعتقد بأنه "إرهاب" وراح يقاتل في مورك بحماة، لكن لم يطل به المقام هناك حتّى أصابته الريبة، وبدأ يفكّر مليّا في ترك ميليشيا "الدفاع الوطني"، وفضّل العودة لحياة التشرّد، وفق صديقه.
وأضاف أن "ن.ع" اتخذ قراره وراجع قيادته ليسلّم سلاحه هو ومجموعة من أصدقائه، فطلبوا منهم أن يذهبوا لمهمة واحدة فقط، ومن ثم ليستقيلوا، فوافقوا تحت الضغط وذهبوا، ولم يعد "ن.ع" بعد أن قتلته رصاصةٌ في الرأس، كان أولئك الذين يودون ترك الميليشيا في المقدّمة أي "الطعم"، ونجا منهم القليل، وتحدثوا كيف تم تركهم أياما لوحدهم ينتظرون، وحين هاجمتهم الفصائل المعارضة لم تأتي المساندة من جيش "الدفاع الوطني"، وإنقاذ "الطعم" بل بهدف التقدّم على الأرض، و"حدث ما حدث".
وقال "م.م" إن رفاق "ن.ع" المتبقين تركوا ميليشيا "الدفاع الوطني"، أما هو فقد بقي منزله غير المكتمل في القرية لغاية الآن شاهدا على شقائه، حيث لقي مصرعه بعمر الخامسة والثلاثين، بسبب سياسة النظام المتبعة مع الفقراء "العلويين"، وضغطه الدائم عليهم ليبقوا بين يديه كيفما يشاء.