اللعبة الأخيرة في "جبال قنديل"

حزب "الشعوب الديمقراطية"، وعصابة "جبال قنديل" يلعبون بالنيران، فهذه العصابة المعروف عنها علاقاتها الداخلية والخارجية مع أجهزة استخبارات أجنبية، تواصل تكتيكاتها التي تريد من ورائها تدمير مسيرة السلام الداخلي في تركيا.

ففي الوقت الذي لم تنتهِ فيه تبعات الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد يومي 6 و7 أكتوبر، التي تلطخت بالدماء وراح ضحيتها 40 شخصا، وفي الوقت الذي لم تجف فيه بعد دماء الجنود الأتراك الذين قتلوا غدرا في "بينغول" و"ديار بكر" و"يوكسك أوفا"، نجد الطرفين المذكورين يسكبون على النيران بنزيناً، بدعوتهم للخروج في مسيرات، السبت 1 نوفمبر، لنصرة "كوباني". وثمة ديناميكيات مختلفة في المشهد. فإذا أضفنا إلى ذلك معادلة القوى العظمى، يمكننا القول إن عصابة "جبال قنديل" غير القادرة على أخذ ضمان من تلك القوى، لن تستطيع بما تفعله أن تؤدي إلى حدوث أزمات.

من الجدير بالذكر أن ثمة وعود جديدة قُدمت لـ"جبال قنديل"، في خضم تلك الأحداث التي بدأت بما شهدته البلاد يومي 6 و7 أكتوبر، مروراً بإلقاء الأسلحة الأمريكية على "كوباني"، ختاما بعزوف منظمة "بي كا كا-حزب العمال الكردستاني"، وحزب "الاتحاد الديمقراطي"، عن محاربة النظام السوري القاتل. ولنلقي معاً نظرة على خلفية التطورات الأخيرة: 

حينما عاد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، من جولة خارجية الأسبوع الماضي، أدلى بعدة تصريحات ملفتة للانتباه، إذا قال: "المؤامرة في الداخل، مؤامرة. وربما هناك منطق آخر، وعقل أكبر، يقفان خلف من يدبرون المؤامرات والمكائد. لكن المؤامرات التي تحاك على حدودنا، ليست عادية، وليست بسيطة، وليست مصادفة".

وإذا وضعنا بين قوسين كلمات "العقل الأكبر ومناخ الفوضى"، ستبدو لنا حقيقة مفادها: أن العقل الأكبر المدبر هو نيويورك، لندن، برلين وتل أبيب. فهذه الدول تقوم بإعادة تشكيل الشرق الأوسط من جديد، لكن وهي تعد الخطط لذلك، رأت أن الاتفاق التركي الكردي الذي سيتحقق من خلال مسيرة السلام التي تنفذها تركيا الجديدة، سيفسد عليهم خططهم ومكائدهم.

والسؤال الآن، ماذا يفعل هؤلاء؟ الجواب: يسعون لتدمير مسيرة السلام الداخلي، ويستخدمون عصابة "جبال قنديل" في ذلك. ومن الواضح وضوح الشمس، أن بعض الدول قد قدمت وعوداً جديدة لتلك العصابة التي تركت "عبد الله أوجلان" في موقف صعب، وتتصرف بشكل يقلل من تأثيره. 

وكما تعلمون، فإن "جميل بايق" رئيس المجلس التنفيذ لمنظمة "بي كا كا"، يعيش منذ سنوات في أحضان أجهزة الاستخبارات الأجنبية، له يد في إسرائيل، وأخرى في أوروبا... وله علاقة وثيقة مع جواسيس أمريكا وبريطانيا.. وثمة مجموعة يُطلق عليها إسم "مجموعة أنقرة"، والتي تضم "دوران قالقان"، و"مصطفى قاراصو"، و"علي حيد قايطان"، و"رضا آلطون"، هؤلاء جميعا يتعاونون مع أوروبا العميقة وألمانيا وفرنسا. أما "باهوز أردال"، فتربية وتنشئة "حافظ الأسد".
 
لماذا تُرك "قارايلان" ؟ 

ثمة موضوع آخر، أُريد أن أُخبركم به، في فترة من الفترات تم إلقاء القبض على "مراد قارايلان" – الرجل الثاني في منظمة "بي كا كا"- في إيران ثم أُطلق سراحه فيما بعد. فما السر في ذلك، وماذا حدث هنالك؟ ولماذا وكيف حلت "بي كا كا" فرعها حزب الحياة الحرة في كردستان  (PJAK)، الذي كان يقوم به ضد إيران؟.. ومن ثم علينا ألا نستبعد إيران التي تقف بكل قوتها خلف نظام الأسد القاتل، من جملة العقول المدبرة التي تقف وراء من يدرون المكائد لتركيا من الأكراد. ومع هذا فإن تركيا تمد يد الصداقة لإيران. 

وفي هذا الشأن أريد أن أُلفت انتباهكم لمقال نشره "طه أوزخان" كبير مستشاري رئيس الوزراء "أحمد داود أوغلو"، في صحيفة "ستار" 30-10-2014، وسأقتبس من هذا المقال الجزء التالي:

"نحن في مواجهة عقل يلهث وراء المنطقة التي نجت على سطح سفينة سوريا التي تغرق. ولا يمكن للنهج المحبوس في فكرة تشكيل كانتونات في أجواء فقد فيها مئات الألاف من المواطنين أرواحهم، أن يسفر عن سياسة مؤسِسة، بغض النظر عن نتيجة الأزمة في كوباني."
 
النتيجة

مسيرة السلام التي بدأت منذ كانون الأول/ديسمبر 2012، لاقت دعماً شعبياً كبيراً بشكل لم نشهده في الماضي، وأدت إلى تأسيس أجواء الثقة بشكل كبير، لكن علينا أن ندرك أن هذه المسيرة تتجه صوب نقاط سيصعب تداركها، وذلك كلما استمرت عصابة "جبال قنديل" في تنفيذ فاشي لتكتيكات طورتها أصابع خارجية تثق فيها. ولابد أن نعرف في ظل معادلة الشرق الأوسط، أن الدول الاستعمارية لم ولن تكون لديها أي شفقة، لا قبل مئة عام، ولا اليوم.