يواصل أعضاء من اليمين المتطرف الإسرائيلي محاولاتهم لدخول المسجد
الأقصى في القدس الشرقية المحتلة الذي دخله أحدهم صباح الأحد، رغم تفاقم التوتر ودعوة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى "ضبط النفس"، في حين طالبت الجامعة العربية بـ"وقف الانتهاكات".
واندلعت اشتباكات جديدة ليل السبت الأحد بين شبان فلسطينيين وشرطة الاحتلال الإسرائيلية في أحياء مختلفة من
القدس المحتلة، بما في ذلك البلدة القديمة حيث يقع المسجد الأقصى، وجرت اعتقالات، في حين صادقت الحكومة على تشديد العقوبات على راشقي الحجارة لمدد تصل إلى السجن 20 عاما.
وطالبت الجامعة العربية الأحد المجتمع الدولي بـ "التحرك الجاد" لوقف "انتهاكات إسرائيل لحرمة المسجد الأقصى" بعد اقتحام نائب إسرائيلي يميني متطرف لباحة المسجد، في حين أكد العاهل الأردني أن بلاده ستواصل التصدي للممارسات الإسرائيلية "الأحادية"، على حد قوله.
وقالت المتحدثة باسم شرطة الاحتلال لوبا سمري، إنه تم اعتقال 17 فلسطينيا الجمعة والسبت في القدس، ليرتفع عدد المعتقلين إلى 111 فلسطينيا منذ 22 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وقال مصدر في شرطة الاحتلال إن 900 فلسطيني اعتقلوا في القدس خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.
وصادقت حكومة الاحتلال الأحد على مشروع قانون لتشديد العقوبات على الشبان الذين يقومون بإلقاء الحجارة، بحسب بيان صادر عن مكتب نتنياهو، قال إنه "سيتم زيادة بنود جديدة على قانون العقوبات، ما سيسمح بفرض عقوبات أقصاها السجن لمدة 20 عاما على من يرشق الحجارة أو أي غرض آخر على السيارات".
ونقل البيان عن نتنياهو قوله إن "إسرائيل تعمل بحزم ضد المخربين وراشقي الحجارة وضد هؤلاء الذين يلقون الزجاجات الحارقة والمفرقعات"، على حد تعبيره.
وبشأن الوضع في الحرم القدسي، كرر نتنياهو القول أنه "لن نقوم بتعديل ترتيبات العبادة والدخول إلى جبل الهيكل. نحن ملتزمون بالإبقاء على الوضع القائم لليهود والمسلمين والمسيحيين".
وأضاف أنه "من الضروري الآن تهدئة الوضع والتصرف بمسؤولية وضبط النفس (..) من السهل إشعال الكراهية الدينية ولكن من الصعب إطفاؤها"، مؤكدا أنه "تم إرسال هذه الرسالة بأوضح طريقة ممكنة" إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بالإضافة إلى نشطاء اليمين المتطرف الإسرائيلي.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية بيانا عن رئاسة السلطة الفلسطينية اعتبرت فيه كلام نتنياهو "خطوة في الاتجاه الصحيح".
وجاء في البيان أن هذا الكلام "خطوة في الاتجاه الصحيح، خاصة لما يمثله المسجد الأقصى المبارك من أهمية دينية للمسلمين، وضرورة استمرار العمل على خلق أجواء التهدئة".
واعتبرت الرئاسية الفلسطينية أن "هذه الانتهاكات والاستفزازات من المتطرفين ستؤدي إلى نتائج خطيرة ستنعكس على المنطقة بأسرها، وتؤجج حالة عدم الاستقرار والتوتر في فلسطين والمنطقة، وهذا ما لا نريده".
ويثير الوضع المتوتر والصدامات المتكررة في القدس الشرقية منذ أشهر مخاوف من اندلاع انتفاضة ثالثة.
وعلى الرغم من ذلك، فقد اقتحم النائب المتطرف موشيه فيغلين المسجد صباح الأحد، وقوبل باحتجاجات المرابطين.
واعتقلت شرطة الاحتلال الإسرائيلية خمسة ناشطين إسرائيليين من اليمين المتطرف. وقالت المتحدثة باسمها إن أحدهم حاول الصلاة في باحة المسجد، بينما اشتبك الأربعة الآخرون مع الشرطة عند محاولتهم دخول الباحة.
ودعا وزير الإسكان في حكومة الاحتلال أوري أريئيل من حزب البيت
اليهودي القومي المتطرف في حديث للإذاعة العامة إلى منح اليهود الإذن بالصلاة هناك. وقال: "يجب السماح لليهود بالصلاة في جبل الهيكل. يوجد مكان للجميع هناك".
وانتقد أريئيل أيضا رئيس وزراء الاحتلال الذي كرر عدة مرات في الأيام الأخيرة عدم رغبته في تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى.
وتزايد التوتر مساء الأربعاء مع محاولة قتل يهودا غليك أحد قادة اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يسعى منذ سنوات للسماح لليهود بالصلاة في باحة الأقصى التي طردته منها شرطة الاحتلال الإسرائيلية عدة مرات.
وأصيب غليك (48 عاما) بإطلاق النار من راكب دراجة نارية في القدس الغربية وحالته خطرة، لكن مستقرة.
وعمدت سلطات الاحتلال الإسرائيلية الخميس إلى إغلاق الأقصى أمام المصلين المسلمين في ضوء تصاعد التوتر في القدس الشرقية المحتلة إثر استشهاد الشاب الفلسطيني المتهم بمحاولة قتل غليك، قبل أن تعود عن قرارها في اليوم التالي.
وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله أن "الأردن سيستمر بالتصدي بشتى الوسائل للممارسات والسياسات الإسرائيلية الأحادية في القدس الشريف، والحفاظ على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، حتى يعود السلام إلى أرض السلام".
وبدورها، أكدت الجامعة العربية في بيان صدر عقب اجتماع طارئ لأعضائها على مستوى المندوبين الدائمين أن إسرائيل "تتحمل المسؤولية الكاملة إزاء هذه التداعيات الخطيرة وأثرت اعتداءاتها المستمرة على المدينة المقدسة وانتهاكاتها السافرة لحرمة المسجد الأقصى، وتبعات ذلك، على مسار عملية السلام برمتها وعلى الأمن والاستقرار في المنطقة".
وفي مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، قال نائب الأمين العام للجامعة أحمد بن حلي إن "إسرائيل وصلت إلى الخط الأحمر" في إشارة إلى المسجد الأقصى "ولا يمكن لأي طرف عربي أو إسلامي أو دولي أن يغض الطرف عن ضرورة وضع حد نهائي لهذه الممارسات التي تقوم بها سلطات الاحتلال".
وحذر بن حلي من أن "المساس بالقدس سيؤدي إلى نتائج لا ندرس مداها".
وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994 بإشراف المملكة الأردنية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس.
وتسمح شرطة الاحتلال بدخول سياح أجانب إلى الأقصى عبر باب المغاربة الذي تسيطر عليه، ما يفسح المجال للمتطرفين اليهود باقتحام المسجد الأقصى لممارسة شعائر دينية وإعلان أنهم ينوون بناء الهيكل مكانه.
والحرم القدسي الذي يضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين.
ويعد اليهود حائط المبكى الذي يقع أسفل باحة الأقصى آخر بقايا الهيكل الذي دمره الرومان في العام 70 وهو أقدس الأماكن لديهم، على حد مزاعمهم.