كاد "س.م" يموت بانفجار قنبلة زرعت على باب مدرسة الأطفال التي يعمل بها حارساً، وذلك في القرية القريبة من مدينة
بانياس في محافظة طرطوس على الساحل السوري، لكن تنبه للقنبلة قبل انفجارها ليروي لـ"عربي21" الحادثة.
يقول "س.م": "لم تكن القنبلة فعلاً انتقاميّاًً لقتل أطفال المدرسة، بل كان انتقاماً مني لأنني رأيت
الشبيحة يقتلون "الحلبي" الذي جاء إلى قريتنا منذ عامين".
يبيّن "س.م" في حديث خاص لـ"عربي 21" أنه "قبل يوم واحد من رؤيتي للقنبلة على باب المدرسة، كنت عائداً من منزل أحد جيراني إلى بيتي مساء، عندما سمعت صوتاً مريباً قرب منزلي البعيد نسبيّاًً عن بيوت القرية، وكان هذا الصوت نواح وتوسل".
يضيف: "ركضت مسرعاً وتفاجأت بعشرة شبّان من قريتي يضربون بالعصي رجلاً لم تكن معالمه واضحة لكثرة الدماء على وجهه، وعندما سألتهم لماذا يفعلون ذلك، بدا الارتباك واضحاً على معالمهم، إذ كانوا يظنون أن أهل القرية جميعهم نيام ولن يسمع أحدٌ صوت هذا الرجل".
يتابع "س.م": "هددني أحد الشبان بالقتل إن همست بأي صوت، بينما تقدّم أحدهم ليضربني بالعصا على رأسي وأنا مذهول مما أراه. فهؤلاء الشبان أعرفهم جيّداًً، تقاسمت مع أغلبهم كأس متّة يوماً ما أو حديثاً عن الزراعة. لكنّ أشكالهم كانت تبدو غريبة، لذا عاودت السؤال عن الرجل الملقى على الأرض، فأتاني الجواب صادماً، بأنّه "م.ج"، صهر إحدى عائلات القرية وهو من سنيي من حلب، وقد أتى للسكن في القرية منذ عامين، وهذا الرجل يحظى باحترام كل أهل القرية وحبّهم رغم اختلاف طائفته. إنّه تماماً كواحد من رجال القرية الوقورين".
ويقول "س.م": "لقد بدأوا يكيلون الشتائم لهذا الرجل الذي لم يعد يصدر أي صوت، ويتهمونه بشتّى أنواع التهم المعتادة التي عوّدهم عليها نظام الأسد (إرهابي، مندس...)، ثم أمرني أحدهم بأن أنصرف، وهددني بالقتل إن صرّحت بما رأيت لأحد".
ويتابع: "في صباح اليوم التالي، ذهبت للمدرسة كعادتي قبل الجميع فأنا أعمل كمستخدم في هذه المدرسة القروية، لكن قبل أن أفتح باب المدرسة لمحت شيئاً لامعاً، فتوقفت وإذ بقنبلة موجود بالقرب من باب المدرسة، فما كان مني إلا أن استدعيت الشرطة فوراً لينزعوا القنبلة، وأخبرت الشرطة بكل ما جرى معي، الأمر الذي أدهش كل سكّان القرية".
ويؤكد "س.م": "سلمنا هؤلاء الشبان للشرطة، وفوجئ الجميع أنّهم قاموا بالقتل من أجل سرقة بضعة آلاف ليرة من هذا المسكين، وقاموا بتفخيخ باب المدرسة ليقتلوا الشاهد الوحيد على فعلتهم وليلصقوا مجمل الأعمال مع بعضها تحت مسمّى الإرهاب".
ويضيف: "صدمةٌ عامة اجتاحت كل المنطقة جراء هذا الفعل، فكم من الأرواح كانت ستزهق بسبب حفنة من المال، وهل أصبح
القتل اعتياديّاًً عند هؤلاء (الشبيحة) لهذه الدرجة".
يختتم "س.م" بقوله: "إن الجميع يعرف الآن من هم الإرهابيون، ومن هم أولئك الذين سيدمرون حياتنا، لكن ما الذي نستطيع فعله، فلديهم السلاح والنظام يدعهم وما لنا سوى السكوت، علّنا ننجو".