إذا كان القضاء قد برأ "
مبارك" من قتل المتظاهرين إبان ثورة يناير، فمن قتلهم إذاً؟ سؤال يتردد على ألسنة ملايين
المصريين الذين زادت حيرتهم بعد تبرئة المحكمة يوم السبت للرئيس المخلوع ووزير داخليته وكبار مساعديه من تلك التهمة.
وعقب الحكم ببراءة "مبارك" شنت وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب حملة -بدت ممنهجة إلى حد كبير- لاتهام الإخوان بالجريمة، كما سارعت شخصيات وكيانات سياسية ونشطاء بترديد نفس الاتهام، رغم أن الإخوان كانوا من أبرز المشاركين في ثورة يناير منذ أيامها الأولى.
وقضت محكمة جنايات القاهرة السبت ببراءة "مبارك" ونجليه "علاء" و"جمال"، ووزير داخليته "حبيب العادلي"، وستة من كبار مساعديه، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، من جميع التهم التي وجهت لهم وعلى رأسها قتل المتظاهرين السلميين والفساد المالي، في القضية التي اشتهرت إعلاميا باسم "محاكمة القرن".
وقال الإعلامي "أحمد موسى": "الجميع يعلم أن الإخوان هم القتلة، ويجب أن تحيلهم النيابة للمحاكمة وتفصح عما لديها من أدلة".
أما الإعلامية "لميس الحديدي" فقالت إنه "لا يجب السماح لجماعة الإخوان بالاستفادة من الحكم ببراءة "مبارك"، لأنهم بالأساس مدانين في قتل المتظاهرين، وثبت تورطهم في اقتحام السجون".
دعوى جديدة ضد الإخوان
من جانبه، قال الصحفي مصطفى بكري، المقرب من الجيش، إن "براءة مبارك تحمل في طياتها إدانة للإخوان لأنهم القتلة الحقيقيون"، مضيفا "يجب تحريك القضية ضد الإخوان وحماس فهم القتلة الحقيقيون لأبنائنا، لقد سعوا إلى الحكم بأي ثمن، وكان الثمن هو قتل شبابنا الثائر واقتحام السجون وحرق الأقسام، والدليل هو إرهاب وعنف الإخوان الحالي، الميليشيات التي قتلت أبناءنا بالأمس هي التي تقتل شعبنا اليوم".
وفي هذا السياق، لم يستبعد محمد الدماطي، محامي الرئيس محمد مرسي أن يتم توجيه الاتهام رسميا للرئيس وقيادات الجماعة بقتل المتظاهرين.
وأضاف الدماطي، في تصريح لوكالة الأناضول: "في ظل الخصومة السياسية مع الإخوان، وظهور بعض الأصوات الإعلامية التي حولت ثورة يناير إلى مؤامرة، وفي ظل شهادة الشهود التي اتهمت الإخوان باقتحام السجون إبان الثورة، لم يعد هذا الأمر مستبعدا".
وخلال جلسات المحاكمة في عدد من القضايا المتعلقة بقتل الثوار والتي عقدت بعد انقلاب يوليو 2013، أجمع المتهمون في تلك القضايا ودفاعهم، فضلا عن الشهود من ضباط الجيش والشرطة أن الإخوان هم من قتلوا المتظاهرين، حتى تشعل نار الغضب ضد النظام الحاكم وتحدث فوضى في البلاد لإسقاط الدولة ومن ثم الاستيلاء على الحكم.
وكانت محكمة سابقة قد أصدرت حكما في نفس القضية في أواخر عام 2012 بالسجن المؤبد لـ "مبارك" ونجليه و"العادلي"، قبل أن تلغي محكمة النقض هذا الحكم وتأمر بإعادة محاكمتهم من جديد أمام دائرة أخرى.
قتلوا المتظاهرين وطمسوا الأدلة
وبعد أن وقف النائب السابق "محمد أبو حامد" يوما في مجلس الشعب رافعا طلقة خرطوش كدليل على قتل الشرطة للمتظاهرين في أحداث محمد محمود، عاد ليؤكد عبر "تويتر" أن جماعة الإخوان هي من قتلت وخربت ودمرت طوال السنوات الأربع السابقة، وطالب بمحاكمة "هذه الجماعة الملعونة على كل ما ارتكب من جرائم".
وقال "يحيى قدري" نائب رئيس حزب الحركة الوطنية، الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق "أحمد شفيق"، إن الجميع في مصر يعلم أن الجناة الحقيقيين في تلك القضية هم الإخوان المسلمون وعناصر من حركة حماس".
وقال ضابط المخابرات السابق خالد عكاشة إن أصابع الاتهام تشير لتورط الإخوان وجناحها العسكري داخل مصر المعروفة باسم "الفرقة 95" وجناحها العسكري خارج مصر "كتائب القسام" وعناصر من "حزب الله" في قتل المتظاهرين.
وأضاف عكاشة، في تصريحات لقناة "العربية"، أن الإخوان هم الطرف المستفيد من قتل الثوار حتى لا ينسحب المتظاهرون من ميدان التحرير بعد خطاب "مبارك" العاطفي وهو ما دفعهم للتخطيط لموقعة الجمل وقتل الثوار لاستعداء الشعب ضد النظام وتأليب الثوار عليه مرة أخرى، مؤكدا أن الإخوان طمست الأدلة داخل الميدان بعد تنحي مبارك لإخفاء جرائمهم.