سيكون أحمد
حجي أول رأس تسقطها
فيضانات الأقاليم الجنوبية بعد قرار رئيس الحكومة
المغربية عبد الإله
بنكيران إعفاءه من مهامه على رأس وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب.
فيما يعتبر قرار بنكيران إعلانا أول على التعامل بحزم مع كبار المسؤولين العموميين الذين تسببت طريقة تدبيرهم في الوصول إلى النتيجة الكارثية الفيضانات.
قرار إعفاء أحمد حجي، من دار وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية، الذي يتوفر "عربي21" على نسخة منه، أصدره رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران مساء الاثنين، فاتح دجنبر، الذي قرر بالموازاة مع ذلك فتح باب الترشيح لخلافته على رأس المديرية.
ورغم أن قرار رئيس الحكومة لم يكشف أسباب الإعفاء، إلا أن مصادر مطلعة أكدت لـ"عربي21" أن "الفيضانات الأخيرة التي عرفتها بعض مدن الجنوب المغربي قد تكون سرعت من عملية إعفاء أحمد حجي من منصبه، خاصة بعد الاحتجاجات التي عرفتها عدد من المناطق المنكوبة".
وتابعت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن "فيضان واد أم الشعار" بمدينة گلميم، وتسبب في تدمير ما يسمى بـ"كورنيش گلميم" المقام في مجرى النهر، والذي غمرته مياه الفيضان، كانت السبب الحاسم في التعجيل بإعفاء المدير".
وشددت المصادر على أن "من مهام مدير وكالة التنمية الإشراف على إحداث فضاءات الترفيه، والتي كان من بينها "كورنيش گلميم"، الذي أقيم في مخالفة صريحة لكل قواعد البناء الوطنية والدولية على مجرى وادي أم الشعار الذي سبب فيضانه كارثة في المدينة".
من جهته اعتبر محمد طارق السباعي، رئيس الهيئة المغربية لحماية المال العام، أن "إعفاء مدير تنمية وكالة الجنوب جاء بعد إحساس الحكومة بالحرج الشديد بسبب الأوضاع الكارثية التي خلفتها الفيضانات التي ضربت الجنوب المغربي خلال الأسبوعين الأخيرين".
وتابع السباعي في تصريح لـ"عربي21"، "أن من الأخطاء الكارثية التي دفع الأبرياء ثمنا لها مسألة البناء في مجرى الوادي، بدعوى أن الواد منسي، وهي مسؤولية تقع على عاتق المجالس البلدية ووزارة الداخلية مطالبة بمحاسبة هؤلاء، كما أن مدير وكالة التنمية مساءل في حدود اختصاصه بموجب القانون".
وأوضح المتحدث ذاته "لقد كان على الحكومة أن تطبق القانون على المدير فور صدور تقارير المجلس الأعلى للحسابات، هيئة عليا للرقابة المالية في المغرب، وتقديمه للمحاكمة بفعل ما تضمنه التقرير من اختلالات، وليس انتظار الفاجعة للتحرك".
وتساءل السباعي عن "إمكانية تحويل أحمد حجي إلى مجرد كبش فداء، في وقت لم تستطع فيه الحكومة جر وزير التجهيز والنقل السابق كريم غلاب إلى المحاكمة"، مشددا على "أن وضع المدير أخف من وضع الوزير الذي أقر سلسلة سياسات أوصلت ندا إلى الكارثة".
وأضاف السباعي "لقد سبق وراسلنا وزير التجهيز والنقل، في سنة 2006 عن سلسلة أخطاء ارتكبها كانت سببا في ما وصلنا إليه، فمن جهة حول الوزير ميزانية الصيانة إلى استثمار، ثم قرر تقليص مدة الإنجاز بالنسبة للمشاريع، وهو ما يعد خطأ جسيما موجبا للمحاسبة".
واستند ابن كيران في قرار الإعفاء أحمد حجي على الفصلين 90 و92 من الدستور، والقانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، مشترطا أن يكون المرشح الجديد لشغل هذا المنصب ذا خبرة بالمهام الأساسية لوكالات الإنعاش والتنمية الجهوية، ووضع وتمويل وتتبع تنفيذ البرامج والمشاريع المتعلقة بتنمية تلك المناطق.
وبحسب قرار الإعفاء فقد اشترطت الحكومة أن يتوفر المدير الجديد على دراية جيدة بالاستراتيجيات والبرامج العمومية المتعلقة بمجالات التنمية، فضلا عن شرط التوفر على تجربة مهنية لا تقل عن عشر سنوات بإدارات الدولة، وتجربة التسيير لمدة أقلها خمس سنوات.
ميدانيا، تعرف عدد من المناطق المنكوبة احتجاجات قام بها المتضررون من الفيضانات، في مدن كلميم وبوزكارن وسيدي إفني وطانطان، بسبب ما يعتبره السكان تباطؤا من قبل السلطات العمومية في إنقاذ الناس، وتوفير مواد إغاثة لصالح المنكوبين.
وشهدت مختلف الأحياء في كلميم، كحي تركز والفيلة والحي الإداري، موجة من الاحتجاجات بعد تضرر أغلب المنازل والمحلات التجارية في هذه الأحياء، بسبب الفيضانات التي غمرت المدينة والنواحي، ورفع المحتجون شعارات منددة بالوضع الحالي لهذه الأحياء، ومطالبة من السلطات المحلية بالتعويض، بعدما انهارت مجموعة من المنازل نتيجة فيضان أودية تيرت وواد أم لعشار وواد صياد.
واستعملت عناصر الأمن في مدينة طنطان القوة من أجل إخراج مجموعة من المتضررين من الفيضانات الأخيرة التي شهدتها المدينة ونواحيها، الذين اقتحموا في وقت سابق، منازل تسمى بـ"ديور المخزن" في حي المسيرة، والتي تم بناؤها من أجل إيواء العائدين من مخيمات تيندوف.
وتعرف مدينة طنطان ندرة في المواد الأساسية بعد أن انقطعت الطرق الرابطة بينها وبين كلميم والسمار والعيون، حيث أكد مصدرنا أن أزيد من 500 شاحنة ما تزال عالقة على الحدود في مدخل طانطان في انتظار فتح الطريق الوطني رقم واحد الرابط بين مدينتي كلميم وطنطان.
أما في مدينة بوزكارن، وتزامنا مع زيارة وزير الداخلية محمد حصاد للمنطقة، فقد خرج عشرات المحتجين الأحد، مطالبين بتعويضهم عن الخسائر التي تسببت فيها الفيضانات التي تجاوزت 80 ملمترا بحسب توقعات مديرية الأرصاد الجوية خلال هذا الأسبوع.
وشهدت مدينة سيدي إفني بدورها العديد من الاحتجاجات، بعدما اجتاحتها الفيضانات، واستنكر المحتجون ما اعتبروه “استثناء المدينة” بالرغم من تضررها بشكل كبير من الفيضانات، شأنها في ذلك شأن مدن الجنوب.
هذا وتم تعيين أحمد حجي منذ فبراير 2003، مديرا لوكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب، ويعد خريجا لمدرسة المعادن بباريس بفرنسا، وقبل تعيينه كان على رأس الشركة الوطنية للتجهيز والبناء "سنيك" قبل أن تتم الإطاحة به من قبل رئيس الحكومة.
ويعد انهيار سد سيدي أحمد أوموسى بالجماعة القروية سيدي أحمد العروسي بالسمارة، آخر ملف تورط فيه أحمد حجي قبل الفيضانات الأخيرة حيث طالبت الجمعية الوطنية لمحاربة الفساد في المطالبة بإقالة مدير وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، محملة إياه المسؤولية عن انهيار السد.
ويضم المغرب أربع وكالات واحدة للجنوب وأخرى للشرق وثالثة للشمال ورابعة للغرب، أقدمها إنشاء وكالة تنمية أقاليم الشمال وتهدف هذه الهيئات إلى إقرار وبرمجة مشاريع تنموية متوازنة بين مدن وأقاليم كل جهة على حدة.
هذا وعاش المغرب على مدار أسبوعين متتاليين تساقطات مطرية كثيفة، تسببت في فيضانات بالجنوب المغربي، أودت في حصيلة أولية بحياة أكثر من أربعين إنسانا، ماتوا غرقا بعد أن هاجمت الوديان المدن والقرى، وعزلتها عن العالم، ليعلن المغرب عن عدة مدن منكوبة بسبب الفيضانات.