فجرت البيانات المنسوبة لما يسمي بـ"
شباب الإخوان" بمصر، والتي تم تداولها علي مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية، جدلاً واسعاً داخل جماعة الإخوان المسلمين، حيث أعتبرها البعض بمثابة رفض صريح لبعض مواقف الجماعة، وغضب حقيقي لدى الشباب من قرارات القادة، ورأى آخرون أنها قد تكون محاولة من جهات أمنية لإحداث انشقاق داخل الجماعة.
ومؤخراً، صدر بيانان منسوبان لـ"شباب الإخوان"، أولهما أعلن مشاركتهم في "انتفاضة الشباب المسلم" خلافاً لموقف الجماعة الذي جاء ملتبساً في بدايته ثم رافضاً لمظاهرات 28 نوفمبر ومكتفياً بمظاهرات تحالف الشرعية، وقد تبنته بعض قيادات الصف الثاني من الجماعة مثل الدكتور جمال حشمت والدكتور يحيي حامد والدكتور رضا فهمي وآخرون. أما البيان الثاني فقد وجه 10 رسائل لشركاء ثورة يناير للتوحد وإسقاط "
الانقلاب".
من جهته، أكد علي خفاجي، أمين شباب حزب الحرية والعدالة بمحافظة الجيزة، أن البيان الأول والذي أعلن عن المشاركة في الانتفاضة التي دعت للقيام بثورة إسلامية خالصة، خرج بالفعل من مجموعة من شباب الإخوان.
وأضاف في تصريح لـ"عربي 21" أن هذا البيان كان يعبر عن غضب هؤلاء الشباب تجاه البيان الرسمي الصادر من الجماعة، والذي لم يكن مفهوماً أو واضحاً من المشاركة أو عدم المشاركة في فعاليات الانتفاضة، في حين رأى هؤلاء الشباب أنه من الأفضل تأييد هذه الخطوة الخاصة بمظاهرات 28 نوفمبر ليؤكدوا أنهم سيكونوا في الصفوف الأولى لها، ولذلك أصدروا بيانهم الذي لاقى ترحيباً كبيراً لدى مجموعة من شباب الإخوان.
وتابع خفاجي: "أما البيان الثاني، فأنا شخصيا ليست لدي أي معلومة عنه ولست معنيا به، ولا أعلم من هم الذين قاموا بصياغته، وحتي القيادات الشبابية داخل الإخوان والذين تواصلت معهم لا يعرفون مصدره وليست لهم به علاقة، فمعظم القيادات الشبابية لا تعرف عنه أي شيء، إلا أن مضمونه به جزء جيد، لكن به جزء آخر أرى فيه انبطاحاً غير مقبول، وهو لا يعبر عن جموع شباب الجماعة".
وعلق محمد سودان، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، على الأمر بقوله: "لا يوجد لجنة أو مؤسسة اسمها شباب الإخوان، لكنني أفهم أن بعض الشباب من الإخوان أو التحالف كاد يكفر بالسلمية، نتيجة الضغوط العالية التي يتعرضون لها، لكن بعد أن تم انتخاب العديد من الشباب في المكاتب الإدارية المختلفة بالمحافظات ومكتب الإرشاد، أعتقد أن الأمر تغير على الأرض وبدأوا يتفهمون معني استراتيجية السلمية الموجعة".
وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "من الطبيعي أن يكون هناك بعض الدسائس على الإخوان في هذه الفترة، وخاصة أن المخابرات بعد تبرئة مبارك تسعى لشق صف تحالف الشرعية، وشركاء ثورة 25 يناير، وكذلك شق صف الإخوان خاصة الشباب".
وحول موقف الجماعة رسمياً من هذه البيانات المتداولة، قال: "لا أصل لهذه البيانات في سجلات الجماعة، ولا شأن لمكتب الإرشاد ولا الجماعة بهذه البيانات، فليس هناك كيان باسم شباب "الإخوان" الذين هم ممثلون في كل مؤسسات وهياكل الجماعة، فالموقف الرسمي لا يعبر عنه إلا ما يصدر عن مكتب الإرشاد أو من يخوله بذلك مهما كان مسماه"، معبراً عن احترامهم لكل الفئات.
المحلل السياسي ورئيس الأكاديمية الدولية للدراسات الدكتور ممدوح المنير، أكد لـ"عربي21" أن نسبة الشباب كمكون أساسي في جماعة الإخوان تزيد عن 80%، و بالتالي لا يملك أحد حق التكلم باسمهم غير قيادات الجماعة المنتخبة، مضيفاً: "نسبة من هذه الرسائل، بل غالبها صناعة أمنية في إطار تصنيع قيادة جديدة للثورة، لذلك أرجو من شباب الإخوان الحذر منها، حتى لو كان محتواها رائعاً ومتوافقاً".
أما الباحث في شؤون الحركات الإسلامية رجب الباسل، قال لـ"عربي21": "هذه البيانات لها سوابق من قبل إبان ثورة يناير وكان هؤلاء الشباب معروفين فيما يعرف بمؤتمر شباب الإخوان عقب ثورة يناير، ولم تستوعبهم الجماعة حينها وخرج أغلبهم، فشباب ما بعد ثورة يناير كانوا يميلون للتحالف مع القوى التي شاركتهم الثورة وكانت في غالبيتها علمانية، وشباب ما بعد الانقلاب يطالب بالتحالف مع من يشاركهم الحراك ضد الانقلاب وهي في غالبيتها قوى إسلامية".
وحول رؤية البعض لهذا الأمر بأنه بمثابة مقدمة لانقسام وانشقاق بعض الشباب عن الجماعة، أكد "الباسل" أنه بغض النظر عن هذا التصور، إلا أن هذه البيانات إن صدقت وكان خلفها تيار شبابي فعليا فهي تعبر عن رؤية جديدة داخل الجماعة، ربما من المصلحة الاستماع لها وعدم تجاهلها أو توجيه الاتهام لها، كما حدث مع مجموعة الشباب السابقين سواء كان التعامل معهم بتصحيح بعض المفاهيم أو توضيح الرؤية حول بعض القرارات، وفي النهاية الحقيقة لا يحتكرها أحد، فربما تكون مع هؤلاء الشباب وقد تكون لدى القيادة.