على مدار ما يقرب من شهرين، دأب طلاب بجامعة صنعاء (حكومية)، على
الاحتجاج ضد وجود جماعة "
أنصار الله"، المعروفة إعلاميا باسم جماعة "الحوثي"، داخل الجامعة، وما يقولون إنه "ممارسة لسلطة أبوية تشبه جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، على الطلاب، ما يفسره البعض على أنه "محاولة" قد تساهم في "كسر" حاجز الخوف لدى
اليمنيين، إزاء التواجد المسلح للجماعة في عدة مدن.
إلا أن الجماعة التي سيطرت على صنعاء، في 21 أيلول/ سبتمبر، تقول إن تواجدها في الجامعة يأتي لضمان تسيير العملية التعليمية، وتأمين الطلاب والأساتذة.
طلاب
جامعة صنعاء بدأوا في تشرين أول/ أكتوبر الماضي، حراكا لـ"طرد" الحوثيين من الجامعة، تحت شعار "القلم ضد البندقية"، زاد زخمه في شهر تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي، ونظمت التظاهرات 3 مرات أسبوعيا في أيام السبت والاثنين والأربعاء، وسط تهديد بتصعيد الاحتجاجات لتصبح بشكل يومي، حسب مراسل "الأناضول".
ويقول طلاب بجامعة صنعاء إنهم يتعرضون لـ"مضايقات" من قبل مسلحي الحوثي، الذين يتحكمون في الأمن داخل الحرم الجامعي، متهمين إياهم بـ"تشكيل" ما يشبه "هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" تقوم بـ"ملاحقة الطلاب والطالبات بأفكار عتيقة، ووصل الأمر إلى حد الاعتداء على الطلاب".
ويرفع الحراك الطلابي في الجامعة أربعة مطالب، هي: "إنهاء التواجد المسلح والحفاظ على مدنية الجامعة"، و"التعاقد مع حرس مدني"، و"اجراء انتخابات اتحاد طلاب اليمن في أقرب وقت حتى تتشكل جهة شرعيه تمثل الطالب وتدافع عن حقوقه"، إضافة إلى "الالتزام بمجانية التعليم التي نص عليها الدستور والقانون".
كما تجاوزت مطالب الحراك الطلابي أسوار الجامعة، حيث شهدت، الخميس الماضي، مظاهرة طلابية حاشدة تطالب بإخراج المليشيات من المدن، حسب مراسل "الأناضول".
ويقول الطالب في كلية الاعلام، حسام ردمان، وهو الناطق باسم الحركة الاحتجاجية في الجامعة في حديث لوكالة "الأناضول": "حراكنا لم يكن طارئا على الساحة الوطنية، فقد اعتادت الجامعة على أن تكون المبادرة دوما نحو انعاش الحلم الجمعي بدولة مدنية في أحلك الأوقات السياسية وأكثرها جموداً".
ويضيف أن "طريقة ولادة الحراك الحالي كانت تلقائية، مستندة على ارث الحركة الطلابية التي قدحت نار انتفاضة 11 شباط/ فبراير 2011 ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح".
ويتابع: "نضالنا ضد وجود المليشيات لا يعود إلى أسباب حقوقية وحسب، على الرغم من أن المليشيات ضاعفت من انتهاكاتها بحق الطلاب، تحديدا الناشطين منهم، لكننا نعاني معهم من مشكلة قيمية حيث تتعارض قيمتا العلم والمدنية مع ما يصبو أولئك المسلحين إلى ممارسته من سلطة ثيوقراطية (دينية) ووصاية أبوية تحتكر موازين الفضيلة والرذيلة وفق معيارها الخاص".
وخلال الأيام الماضية، تداول طلاب جامعة صنعاء صور لطالبة في كلية التجارة، اشتكت من تهديد مسلحي الحوثي لها بـ"نزع ملابسها"، بسبب زيها المغاير الذي ترتديه ولا يشمل "العباءة الإسلامية السوداء"، مما أثار سخطا واسعا ضد
جماعة الحوثيين امتد إلى أوساط حقوقية ومدنية في اليمن، وسط مخاوف من تحول جماعة الحوثي إلى حركة طالبانية يمنية (على غرار طالبان الأفغانية).
بدوره، يقول مروان كامل، وهو طالب في كلية الاعلام، في حديث لـ"الأناضول": "يبدي الحوثيون تشبثاً كبيراً باستمرار سيطرتهم الأمنية على جامعة صنعاء، وعوضاً عن الاستجابة لمطالب التظاهرات الطلابية المستمرة التي تدعوهم للخروج من الحرم الجامعي، بدأوا بممارسة انتهاكات للحريات الشخصية للطلاب تحت دعاوي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا هو هدفها الرئيسي من السيطرة على الجامعة في المرحلة الأولى من التمكين قبل أن تتوجه للعمل في هدفها الثاني، وهو السيطرة على العملية التعليمية برمتها وأسلمتها".
ويرى كامل أن "الأخوف مما يحدث أو ما يوازيه خطورة، هو الصمت المريب لرئاسة الجامعة وأعضاء هيئة التدريس، وعدم اتخاذهم لأي اجراء حتى الآن، ورغم اعتقال طالب في كلية الاعلام وتهديد طالبة بحل بنطالها، والاعتداء على طالب في كلية الصيدلة (لم تُذكر أسماؤهم) وغيرها من الانتهاكات، تستمر رئاسة الجامعة في سكوتها، وتنصلها عن مسؤولياتها تجاه ما يحدث، وكأن بقاء الجامعة تحت رحمة مليشيات جهادية متطرفة هي إجازة تفرغ للبحث العلمي في بريطانيا".
وأعاد طلاب جامعة صنعاء الى أذهان اليمنيين البدايات الأولى لثورة شباط/ فبراير 2011 ضد النظام السابق، حيث كانوا السباقين فيها، كما انهالت الإشادات على حراكهم الحالي من مواطنين يمنيين، تحدثت إليهم "الأناضول"، ووصفوهم بـ"بارقة الأمل".
ويصف الكاتب في صحيفة الوحدوي اليمنية (خاصة)، أيمن نبيل، طلاب الجامعات بأنهم "الأمل الباقي بعد خيانة الطبقة السياسية لهذا البلد ولهذا الشعب"، مضيفا: "تقع عليهم الآن مهمة تاريخية قد لا يدرك كثيرون حجمها الحقيقي".
ويقول نبيل في حديث لـ"الأناضول": "مهمتهم الآن هي أن يقولوا "لا"، وأن يبدأو مشوار الطليعة المجتمعية لبناء دولة المواطنين من خلال مجابهتهم لكل الجماعات التي لا تعترف بمفاهيم الدولة والديمقراطية والمواطنة والحريات".
ولم يتسن الحصول على رد من جماعة "الحوثي"، على تلك الاتهامات، غير أن ما يسمى بـ"اللجان الثورية الطلابية" التابعة للجماعة، قالت في بيان صحفي، صدر الخميس الماضي، إنهم يقومون بمسؤوليتهم في "تأمين طلاب وأساتذة الجامعة، ولن يتخلوا عن واجبهم حرصاً منهم على الوطن وأهمية استمرار الدراسة الجامعية".
ولم يؤد الحراك الطلابي، واستمرار تواجد مسلحي الحوثي في الحرم الجامعي، إلى توقف الدراسة في كليات الجامعة الـ12، وأبرزها الإعلام والصيدلة، حتى اليوم.