أثار المد الروسي في أوكرانيا بشكل غير مباشر سلسلة من النفقات العسكرية في
دول البلطيق التي تخشى المطامع الحدودية لموسكو بعد نصف قرن تحت الاحتلال السوفياتي.
ومن المؤكد أن قوات دول البلطيق لا امل لديها أمام الماكينة الحربية الروسية ، إلا أن المحلل الليتواني اليكسندراس ماتونيس، يرى أن الأمر يقتصر على صد الهجوم الأول والتعبير عن إرادة المقاومة في انتظار وصول التعزيزات الاطلسية.
وأوضح المحلل أن "في أسوا الأحوال، واذا تعرضت دول البلطيق لهجوم اطلق نظام انذار الاطلسي الدفاعي، يظل هناك وقت قبل ان يرد الحلفاء. ولا بد ان تتصدى بعض الدول على للهجوم الاول بوسائلها الدفاعية الخاصة".
وعمدت استونيا ولاتفيا وليتوانيا لشراء كميات كبيرة من العتاد وزادت في ميزانياتها العسكرية بعد ان ضمت
روسيا جزيرة
القرم، وقدمت دعمها للمتمردين الانفصاليين في شرق
اوكرانيا.
وقال رئيس الحكومة الاستونية تافي رويفاس هذا الاسبوع ان "الامن سيبقى كما هو خلال فترة طويلة، انه ليس غيمة صيف بل تغيير مناخي".
وقد انضمت بلدان البلطيق التي استعادت استقلالها في 1991، الى الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي في 2004 لتعزيز تجذرها في الغرب.
واعربت جميعها عن ارتياحها لضمانات الحلف الاطلسي الذي قال ان هجوما على احداها يعني هجوما على الحلف برمته.
وقال رويفاس خلال زيارة الى الولايات المتحدة حيث تباحث حول صفقات تسليح اخرى، ان "انتشار الحلف الاطلسي في منطقة البلطيق يجب ان يستمر ويزداد".
ولتكون افعالها مطابقة لاقوالها، قامت الدول الثلاث بزيادة نفقاتها العسكرية.
ووقع وزير الدفاع الاستوني سفين ميكسر في التاسع من كانون الاول/ديسمبر مع هولندا اكبر عقد عسكري في تاريخ بلاده ينص على شراء 44 آلية قتالية من طراز سي في 90 وستة دبابات من طراز ليوبارد مقابل 138 مليون يورو.
وكان اشترى قبل ذلك بشهر من الولايات المتحدة اربعين قاذفة صواريخ ارض-جو من طراز ستينغر مقابل اربعين مليون يورو.
وتحاول استونيا شراء مدافع ذات محركات ذاتية كما قال الناطق باسم وزارة الدفا انرديس سانغ لفرانس برس.
من جانبها اشترت الحكومة اللاتفية في اب/اغسطس 123 آلية قتالية من بريطانيا مقابل 48 مليون يورو وابرمت الشهر الماضي اتفاقا مع النروجحول شراء 800 نظام مضادة للدبابات من طراز كارل غوستاف ومئة شاحنة.
من جانبها التفتت ليتوانيا الى جارتها بولندا وطلبت منها نظام دفاع مضاد للجو من طراز "غروم" مقابل 34 مليون يورو وتنوي ايضا ان تنفق عشرين مليون اخرى لاقتناء صواريخ "جافلين" من الولايات المتحدة.
وهكذا وفي ظرف ستة اشهر انفقت هذه البلدان الثلاثة التي يتجاوز عدد سكانها بقليل ستة ملايين حوالى 300 مليون يورو على العتاد العسكري.
ورأت الخبير اللاتفية كريستينا رودزيت-ستيسكالا ان استونيا -من الاعضاء القلائل في الحلف الاطلسي التي تصل نفقاتها العسكرية الى عتبة اثنين في المئة من اجمالي ناتجها الداخلي- تنوي الزيادة فيها لتبلغ 2,05%، بينما لا تزال فيلنويس وريغا متأخرة كثيرا وراءها بحوالى 0,89% و0,91% لكنهما تريدان الوصول الى 1,1% و1% خلال 2015.
لكن كل هذه الجهود، بلغت النفقات العسكرية اجمالا في بلدان البلطيق 1,2 مليادر يورو خلال 2014، تبدو تافهة امام ستين مليار يورو (اي 3,4% من اجمالي الناتج الداخلي) التي تنفقها روسيا.
واشتدت مخاوف ليتوانيا ولاتفيا واستونيا مع تضاعف النشاط الروسي عند حدودها، اذ ان الطائرات الروسية تحلق بالقرب منها يوميا، وفي 6 و7 كانون الاول/ديسمبر اقلعت طائرات الحلف الاطلسي مرارا "لمرافقة" المقاتلات الروسية تحلق وقد قطعت تشغيل اجهزتها للاجابة.
ورفعت ليتوانيا مستوى تأهب قواتها في الثامن من كانون الاول/ديسمبر بعد مرور 22 بارجة حربية روسية في البلطيق من بينها سفينة حربية مدججة بالسلاح على مسافة خمسة كلم من مياهها الاقليمية.