ألقى الأمن
اللبناني القبض على عناصر تابعة لحزب البعث الاشتراكي في منطقة البقاع، متهما إياهم بتسليم معارضيين سوريين إلى قوات النظام السوري، ما جدد الجدل في الأوساط السياسية والقانونية إزاء ما يتعرض له معارضو النظام السوري في لبنان من استهداف، سواء من الدولة اللبنانية بشكل مباشر أو من خلال تنظيمات ومجموعات مسلحة موالية للنظام.
وكانت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني أوقفت عشرة عناصر ينتمون لما يسمى بتنظيم "سرايا المقاومة" الموالي لحزب الله، بتهمة اختطاف معارضين سوريين وتسليمهم إلى النظام السوري.
وفي حين لم يصدر عن
حزب الله أو حلفائه أي تعليق رسمي على الحادثة؛ تولت وسائل إعلام مقربة منه المهمة، إذ حاولت صحيفة الأخبار المقربة من الحزب تبرير ما تقوم به "سرايا المقاومة" بالقول إن بعض عملياتها طالت مسلحين من الجيش الحر، مقربين من تنظيم القاعدة، أو ممن دخلوا البلاد بطريقة "غير شرعية".
وفتحت الحادثة ملفا مسكوتا عنه يتعلق باستهداف المعارضين السوريين في لبنان، حيث وجهت هيئات حقوقية ومنظمات أهلية اتهامات للدولة بالتغاضي عن ممارسات حلفاء النظام السوري في هذا السياق، الذي يصل في حالات أخرى إلى المشاركة المباشرة، كما يقول حقوقيون.
النيل من المعارضين السوريين
وكشف مدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان، المحامي نبيل الحلبي، عن ما قال إنها "سياسة ممنهجة في لبنان" تهدف للنيل من المعارضين للنظام السوري، مشيرا أن ما تقوم به "سرايا المقاومة" ليس جديدا.
وفي حديث خاص لـ"عربي21"، استشهد الحلبي بحالات كثيرة قامت بها مجموعات مسلحة موالية للنظام السوري باختطاف معارضين سوريين وتسليمهم للنظام في دمشق، كما حصل عندما "قام أحد الضباط من الأجهزة الأمنية اللبنانية المكلف بحماية السفارة السورية باختطاف معارضين سوريين وتسليمهم للنظام، بعدما استخدم لهذه الغاية سيارات الأجهزة الأمنية اللبنانية في 2011"، بحسب الحلبي.
وتحدث الحلبي عن حالات أخرى تتعلق بقيام عناصر لبنانية متحالفة مع النظام السوري وعناصر تابعة للجبهة الشعبية- القيادة العامة باختطاف نائب الرئيس السوري الأسبق شبلي العيسمي بالقرب من منزله في منطقة عالية ونقله إلى الأراضي السورية، كما قامت مجموعة كردية متحالفة مع النظام باختطاف أحد الناشطين الأكراد المعارضين للنظام في حي برج حمود وتسليمه إلى السفارة السورية.
سياسة ممنهجة
ويؤكد المحامي نبيل الحلبي أن ما شهده لبنان من حالات استهداف للمعارضين السوريين، "لا يمكن اعتبارها منعزلة عن عملية ممنهجة كان يُستخدم فيه سلاح الأمر الواقع في لبنان الذي يُعطي له امتيازات من قبل السلطة لعبور الحواجر الأمنية، بل وعبور الحدود دون أي رقيب او حسيب"، موجها الاتهام لأجهزة أمنية لم يسمها، قائلا إنها "أعطت امتيازات لأطراف مسلحة لاعتبارات عديدة".
وتساءل الحلبي في حالات أخرى عن دور مباشر لأجهزة أمنية أو للجيش، "الذي ينتشر على الحدود السورية اللبنانية، ويعتقل كل سوري يدخل البلاد بطريقة غير شرعية، فيما يسمح بدخول مسلحين ومعهم مختطفون إلى
سوريا، وهذا نسميه معايير مزدوجة تندرج تحت عنوان الغطاء لهذه التصرفات".
جرائم دون محاسبة
وعن مصير قضايا الاستهداف التي طالت معارضين للنظام السوري في لبنان، يقول الحلبي إننا "لا نستطيع أن نفصل تصرفات الأجهزة الأمنية عن سياسة الحكومة اللبنانية، بل وحتى عن تصرفات السلطة القضائية".
وأضاف أن "هناك جرائم ارتكبت ولم نرَ تحركا للقضاء لمحاسبة مرتكبيها، بالرغم من أن كل هذه الجرائم وصلت للإعلام والنيابات العامة، وطالما لا يوجد تحرك قضائي جدّي بحق هؤلاء فهذا يعني أن السلطة متواطئة، ولها مصلحة في هذه الجرائم".
تاريخ من الاستهداف
وشهد لبنان بحسب هيئات حقوقية حالات كثيرة لاختفاء أو اختطاف معارضين للنظام السوري منذ اندلاع الثورة، إذ يقول الحلبي فيها إنها "صعبة التوثيق"، مضيفا أن مؤسسته قامت بتوثيق العديد منها منذ العام 2011، بل وقبل اندلاع الثورة مستشهدا بحادثة اختطاف مسلحين لأربعة أشقاء من آل جاسم وتسليمهم للسفارة السورية في شهر شباط من العام ذاته.
وقال الحلبي بخصوص هذه الحادثة: "وثقنا ما جرى وسلمناه للأجهزة الأمنية، وتحديدا إلى فرع المعلومات الذي قام بنقلها للسلطات، وتشكلت لجنة تحقيق في الموضوع، لكنها لم تسفر عن شيء"، مضيفا "وثقنا العديد من انتهاكات حقوق الإنسان من ناحية تسليم السلطات المعارضين للنظام عن طريق جهاز الأمن العام، غير أن هناك حالات عديدة تصل للعشرات لم تصل إلى مسامعنا ولم نستطع توثيقها".
خطر أمني
وبشأن ما يمثله هذا الاستهداف للمعارضين على اللاجئين السوريين بشكل عام، يقول الحلبي إن الخطر الأمني هو الأشد على اللاجئ السوري، فعندما تتحدث عن تسليم معارضين للنظام فهذا يعني "أن هؤلاء معرضون بنسبة 90 بالمئة للتصفية".
وأشار الحلبي كذلك إلى أحداث أمنية يتعرض لها السوريون في مخيماتهم وأماكن تجمعاتهم، من خلال إطلاق النار عليهم، وشن حملات واعتقالات طالت مدنيين "بهدف التفتتيش عن إرهابيين محتملين، تعرض عدد منهم للتعذيب، بل إن منهم من قضى تحت التعذيب".