مع بدء الاحتفالات بأعياد الميلاد، وتوجه المسيحيين في أنحاء العالم كافة نحو مهد السيد المسيح في
بيت لحم، يجد
المسيحيون في
فلسطين أنفسهم أمام تحديات عدة، أبرزها ممارسات الاحتلال التي تحاول عرقلة وصولهم إلى أماكنهم المقدسة، والهجرة إلى الخارج، والوضع الاقتصادي المتواضع.
الشاب يعقوب يوسف، كغيره من أبناء الطائفة المسيحية، يطوق إلى زيارة كنيسة القيامة في القدس، وفي حديثه لـ"عربي21" قال: "في الوقت الذي يروّج فيه الاحتلال
الإسرائيلي أن هناك حرية لأصحاب الديانات، فإنه يتخذ إجراءات تمنع المسيحيين من الوصول إلى الأماكن المقدسة، فالوصول إلى الناصرة والقدس يحتاج إلى تصاريح خاصة، وتكون ليوم أو يومين، وهي لا تسمح بالوصول إلى الأماكن المقدسة كلها، إضافة إلى الحواجز التي تعرقل وصولنا وترهقنا جسدياً ومادياً".
وأكدت وزيرة السياحة والآثار، رولا معايعة، لـ"عربي21"، أنه "على الرغم من كل العقبات التي مرت بها فلسطين من العدوان الإسرائيلي ومنغصاته، فإن مدينة بيت لحم تحتفل بأعياد الميلاد، بفعاليات مختلفة وبمراسم دينية ورسمية بهذه المناسبة، لإظهار قدرة الفلسطينيين على إدارة شؤونهم الدينية وإحياء المناسبات رغم ما يحيط بهم من ظروف".
وبدورها، قالت مديرة العلاقات العامة في بلدية بيت لحم، كارمن الغطاس، إن القسم الكبير من السائحين الذين حجزوا للقدوم إلى مدينة بيت لحم لقضاء أعياد الميلاد فيها، قرروا إلغاء حجوزاتهم بسبب الوضع الأمني، "على الرغم من أن الحجاج المسيحيين والمهتمين بالتراث والثقافة في العالم لديهم رغبة في زيارة المدينة المقدسة".
وأضافت في حديثها لـ"عربي21" أن الاحتلال يستهدف عزل مدينة بيت لحم والأماكن السياحة الفلسطينية من جدول زيارات السياح الأجانب، "ومن المعلوم أن 30 في المئة من السائحين الذين يصلون البلاد لديهم رغبة بزيارة مدينة بيت لحم، لكن شركات السياحة الإسرائيلية تعمل على رسم مسار يكون نصيب بيت لحم من 3-5 ساعات فقط، وبالتالي يكون النصيب الأكبر للأماكن الإسرائيلية".
وتشهد محافظة بيت لحم، كل عام احتفالات مميزة بأعياد الميلاد، وحضوراً شعبياً وأجنبياً لأبرز الفعاليات الخاصة، التي تنظم في ساحة كنيسة المهد.
وتابعت الغطاس بأن هناك ازدياداً في أعداد المهاجرين من الأسر المسيحية من بيت لحم للخارج، بسبب الوضع السياسي الذي انعكس على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، وفي ظل وجود عائلات لديها أقارب في الخارج، الأمر الذي سهّل لها الهجرة.
ومن جهته، قال النائب خالد طافش، إن الاحتلال بممارساته "القمعية" يستهدف الفلسطينيين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، بالاعتقال ومصادرة الأراضي، وحصار المدن بكتل استيطانية من الجهات كافة، مما يؤدي إلى هجرات، لكنها محدودة، وليست ظاهرة كبيرة يمكن الإشارة إليها بالأرقام الكبيرة.
وأضاف أن بعض الهجرات بالنسبة للمسيحيين تكون في صفوف الطلاب الذين يتوجهون للدراسة في الخارج، ولا يعودون للضفة، ويستقرون في الدول التي يدرسون فيها، خاصة أمريكا وأوروبا، بسبب القلاقل والتوتر السائد في بلادنا من ممارسات الاحتلال.
بدوره، قال "الشماس" فادي يعقوب أبو سعدي:"للأسف الاحتلال ينغص الفرحة ويمارس إجراءات تعكر الأجواء، التي تشمل القتل والإصابات، والحواجز، وعرقلة وصول أفواج السياح".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "مهما حاولنا الفرح إلا أننا نفتقده كثيراً، نحاول أن نفرح لكن الفرحة منقوصة دائماً في كل عيد، سواء عيد لإخواننا المسلمين، أو نحن المسيحيين، فيجعلوننا نعيش في ظروف صعبة، ليس في بيت لحم وحدها، وإنما في كل مدن فلسطين المحتلة، ونسعى لأن نوفر أدنى ما يمكن صنعه من أجواء الفرحة لأطفالنا".
يذكر أن الاحتلال يحاول الفصل بين المسيحيين وامتدادهم العربي، ففي شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، أصدر وزير الداخلية الإسرائيلي تعليمات بكتابة بطاقات المسيحيين في الداخل المحتل باللغة "الآرامية" بدلاً من العربية، بزعم أن المسيحيين الفلسطينيين ليسوا عرباً.
ولقي القرار في حينه موجة تنديد من شخصيات سياسية ودينية فلسطينية على رأسها مجلس الكنائس الكاثوليكي في فلسطين، وقد عدّوا ذلك مؤامرة إسرائيلية لسلخ المسيحيين عن قوميتهم وانتمائهم الفلسطيني.
وقالوا إن القرار يأتي كمحاولة ووسيلة أخرى للفصل بين العرب، بعد فشل محاولات ومخططات سابقة، أبرزها قرارات تجنيد الشبان المسيحيين، التي لاقت رفضاً واسعاً.