أكد وزير
الاقتصاد السابق في حكومة غزة الدكتور علاء الرفاتي أن
تجميد "
إسرائيل" تحويل أموال المقاصة "جمع الضرائب" للسلطة الفلسطينية ليست المرة الأولى، وقال إن هذا الإجراء التعسفي يمثل خرقاً لاتفاقية باريس الاقتصادية بين السلطة و"إسرائيل"، وإنه سينعكس سلبا على مستوى أداء الاقتصاد الفلسطيني بكل جوانبه، في مجالات الإنتاج الاستثمار أو العمل المصرفي.
وقال الرفاتي في حديثه لـ"عربي21": "توقف حصول السلطة على تلك الأموال يعني توقف جزء كبير من أنشطتها، في مقدمتها تأخر حصول الموظفين على رواتبهم، وتوقف كثير من المصروفات الجارية".
وكانت الحكومة الإسرائيلية قررت تجميد تحويل أموال الضرائب عن الشهر الماضي، التي تقدر بـ 125 مليون دولار الى
السلطة الفلسطينية، طبقا لاتفاقية السلطة مع "إسرائيل"، حيث تقوم الأخيرة بجباية أموال الضرائب عن الواردات الفلسطينية، التي تشمل الضرائب الجمركية والقيمة المضافة، وتحصل على نسبة 3%، وتحول الباقي للسلطة، واعتبر صائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية ما قامت به "إسرائيل" بمثابة "قرصنة وجريمة حرب"، مؤكدا أن القرار الإسرائيلي سيدفعنا لاتخاذ قرار "بتحمل إسرائيل مسؤولياتها كسلطة احتلال"، وهو ما اعتبر تهديدا بحل السلطة الفلسطينية.
مشكلة دفع رواتب الموظفين
وقال الرفاتي إن الاحتلال من خلال هذا الأسلوب المتكرر بممارسة "الضغط" على السلطة الفلسطينية يستهدف "ثنيها عن أي مشروع سياسي"، مبينا أن هدف الاحتلال من اتفاقية أوسلو باريس الاقتصادية "إبقاء تبعية السلطة له"، مشيرا الى ضرورة العمل على "إعادة تقييم الاتفاقيات؛ لأنها تقيد السلطة، وتمنعها من اتخاذ قرار سياسي مستقل.
أما الخبير الاقتصادي عمر أبو شعبان فأكد أن تجميد الاحتلال للأموال له تداعيات مباشرة تتمثل "بعدم مقدرة السلطة الفلسطينية على دفع رواتب موظفيها"، ما يؤثر سلبا وبشكل واضح على الحركة الاقتصادية في السوق، وقال إن دفع رواتب الموظفين هي "إحدى أدوات الحراك الاقتصادي"، وتوقع "تدهور الحالة الاقتصادية في الضفة الغربية".
حرب اقتصادية وأسلوب عقاب
وحول تكرار هذا الإجراء من قبل الاحتلال طرح "أبو شعبان" سؤالا وصفه "بالاستراتيجي"، وهو "إلى متى تبقى السلطة رهينة لأموال المانحين والضرائب؟"، وقال: "يجب أن يكون هذا إنذار خطر تجاه فك التزام السلطة بالدول المانحة، وإحداث تنمية حقيقة"، مؤكدا أن قرار الاحتلال "حرب اقتصادية، وأسلوب عقاب".
ويرى أبو شعبان أن المخرج "تعزيز الاقتصاد الذاتي وتقليص المصاريف غير الضرورية، والبحث عن مصادر دخل أخرى"، معتبرا أن "تحسين الضرائب، واسترجاع بعض الأموال التي حصل عليها الفاسدون بالخارج، وتعزيز القدرات الذاتية للسلطة، من الممكن أن يمكن السلطة لتكون مستقلة بدرجة كبيرة، لكنها لن تصل درجة 100%".
مناورة بين السلطة و"إسرائيل"
ووصف الدكتور عادل سمارة الخبير الاقتصادي السياسي ما قامت به "إسرائيل" بأنه "قرصنة"، طبقا للقانون الدولي الذي من المفترض أن "يستفز الأسرة الدولية"، معتبرا ما يحصل هو "جزء من اللعبة بين السلطة الفلسطينية وسلطة الاحتلال الصهيوني".
وأكد سمارة في حديثه لـ"عربي21"، أن تلك الأموال والمساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية "هي من أجل الأمن والقمع، وليست للرواتب والتنمية"، ما سيضع الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية في "مأزق حقيقي"، وعلى السلطة الفلسطينية أن "تتحدى الأنظمة العربية وتطالبها بالتمويل والضغط على الكيان الصهيوني"، معتبرا أن ما يجري "مناورة" واذا ما نفذت "ستفجر أمور كبيرة وكثيرة وجديدة، وستكون محرجة للجميع".
الفجوة ستتسع
ويعتقد خبير الاقتصاد السياسي أن يحصل الآن في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو "انفصام متزايد بين ما يراه الناس ويحتاجونه، وبين ما تراه السلطة والقيادة الفلسطينية وتعمل عليه"، مؤكدا أن "الفجوة ستتسع"، وسيؤدي التصعيد "لخلل سياسي في أوساط الأراضي الفلسطينية المحتلة"، حسب "سمارة" الذي استبعد أن يكون هناك تصعيد حقيقي؛ لأنه "ليس من مصلحة "إسرائيل" ولا السلطة الفلسطينية أن تحدث انفجارات اجتماعية في الأراضي الفلسطينية.
مصيدة مخطط لها
واعتبر سمارة أن ما يحدث بمثابة "مصيدة مخطط لها"، تتمثل في اعتماد الفلسطينيين على الريع القادم من الخارج، لأن الحصول عليه مرتبط بالتزام الفلسطينيين بالاتفاقيات الدولية، مضيفا: "المسألة مرسومة وليست صدفة، وهي لعبة سياسية للاستمرار في تمرير مخطط اتفاق أوسلو، الذي يقضي بتهويد الضفة الغربية بشكل تدريجي"، وتمثل تلك الأموال ما نسبته 60% من إجمالي إيرادات السلطة الفلسطينية، و40% المتبقية هي عبارة عن مساعدات ومنح تقدمها الدول المانحة للسلطة، وتقدر قيمتها الشهرية 175 مليون دولار، وهي تشكل 80% من قيمة رواتب موظفي السلطة الفلسطينية.