"هذه هدية شكر لتأييد تواضروس للانقلاب".. هكذا عبر الرواد التواصل الاجتماعي عن سابقة هي الأولى من نوعها، حيث شهد الرئيس
المصري عبد الفتاح
السيسي قداس احتفالات عيد الميلاد في الكاتدرائية المرقسية وألقى كلمة مقتضبة، في خطوة اعتبرت صادمة ومفاجئة للجميع،
الأقباط والمسلمين على السواء.
وهو ما أعقبه مقارنات حادة على مواقع التواصل الاجتماعي لكلمتي السيسي في احتفال المولد النبوي بالأزهر واحتفاله بعيد الميلاد بالكاتدرائية، واصفين الزيارة بأنها هدية شكر لتواضروس عن دوره في تأييد الانقلاب العسكري.
ففي كلمة مقتضبة لم تستمر لخمس دقائق، وجّه السيسي التهنئة إلى الكنيسة والمشاركين قائلا: "كل سنة وأنتم طيبون"، مضيفا: "سنبني مصر معا". وتابع: "كان ضروريا أن أحضر لكي أقول لكم كل سنة وأنتم طيبون، وأرجو ألا أكون قطعت صلواتكم. أريد أن أقول إن مصر طوال آلاف السنيين علّمت الإنسانية. والعالم ينتظر مصر في ظل الأيام والظروف التي نحن نعيشها".
وقال السيسي الذي يبدو أنه لم يحضر أي كلمة لإلقائها: "هنبني بلدنا بإيد واحدة، وهنحب بعض كويس هنحب بعض بجد".
وقد قارن النشطاء بين هذه الكلمة المقتضبة في الكنيسة وبين قوله في احتفال المولد النبوي: "هناك نصوص وأفكار دينية قدست عبر مئات السنين لدرجة تعادي الدنيا كلها.. 1.6 مليار هيقتلوا 7 مليار عشان يعيشوا همّا، نحن نحتاج ثورة دينية... اللي أنا بتكلم فيه دلوقتي وأنت جواه مش هتقدر تكون حاسس بيه، لازم تخرج منه وتتفرج عليه بفكر مستنير، لا يمكن أن يكون هذا الفكر الديني المقدس المتضمن نصوصًا وأفكارًا تم تقديسها من مئات السنين، وأصبح الخروج عليها صعب لدرجة أنها تعادي الدنيا كلها".
وقال إن هناك حاجة لوجود "ثورة دينية فالأمة تمزق وتدمر، وتضيع بأيدينا".
وأكد العديد من رواد التواصل أن خطاب السيسي في المولد النبوي جرح مشاعر المسلمين، حيث اتهمهم بالجهل والتطرف، في حين تحدث عن سماحة المسيحية في القداس طبقا للنشطاء.
وقارن النشطاء بين قول السيسي في الأزهر: "هذا الفكر الذي تدمر به الأمة نفسها لا بد من التوقف عنده طويلا والثورة عليه".. وبين قوله في القداس الذي رأى أنه من الضروري أن يشارك "الإخوة الأقباط في احتفالاته: "علمتوا الدنيا كلها الانسانية".
وقارن الرواد أيضا بين حديثه في المولد النبوي عما سببه المسلمون من معاناه للعالم، منتقدًا فكر المسلمين، وقائلًا إن الإسلام به "نصوص وأفكار مقدسة دينية تعادي الدنيا كلها"، بينما قال خلال القداس إن "المصريين علموا العالم الإنسانية والحضارة".
وتلك هي المرة الأولى التي يقطع فيها البابا الصلوات بعد بدئها للترحيب بالسيسي، كما أنها المرة الأولى التي تتوقف فيها المراسم لإلقاء كلمة من أحد ما عدا البابا.
وجاءت المشاركة بشكل مفاجئ وغير معلن عنها، وتمت بعد بدء مراسم القدّاس، حيث تم قطع الصلاة خلال القدّاس للترحيب بالسيسي. وشهد حضور السيسي مساء الثلاثاء، هتافات حارة من رواد الكنيسة، مرديين: "بنحبك يا سيسي".
جدير بالذكر أن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بدأ بعد الانقلاب العسكري في الثالث من تموز/ يوليو، سلسلة من الرحلات من أجل تثبيت صورة الانقلاب وإظهار أن ما حدث في 30 حزيران/ يونيو، هو ثورة شعبية. فقد زار الإمارات والنرويج وفنلندا والنمسا، وكان خلالهما يحرص على إظهار صورة مشرقة لما بعد 30 يونيو وتصوير "السيسي" أنه منقذ وطني.
وكان تواضروس قد صرح سابقا في تعليق له على ثورات الربيع: "لم تكن ربيعا أو حتى خريفًا، وإنما شتاء عربيا مدبرا، حملته أيدٍ خبيثة إلى منطقتنا العربية، لتفتيت دولها إلى مجرد دويلات صغيرة لا حول لها ولا قوة".
وفي الوقت الذي يدعي فيه "تواضروس" اهتمامه بالحفاظ على حقوق الأقباط والسعي لتحقيق مطالبهم، قال في تصريح له مؤخرا: "حادث ماسبيرو كان خدعة من الإخوان ضد الجيش"، زاعما أن الإخوان هم من كانوا وراءه، وهو ما دعا مجموعة من النشطاء - منهم شباب مسيحيون - لتدشين هاشتاغ يكذبون فيه "البابا" بعنوان "متصدقش البابا".
وقبيل تلك التصريحات خرج تواضروس مادحا نظام مبارك في حوار له بصحيفة "الموندو" الإسبانية؛ معربًا عن تأييده لبراءة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك من تهمة قتل الثوار خلال أيام ثورة 25 يناير 2011، لافتًا إلى أنه حكم مصر على مدار ثلاثة عقود من السلام، حسب تعبيره.
وعلى الرغم من الدور البارز لتواضروس في الانقلاب وترويجه له داخليا وخارجيا، إلا أنه يصرح بتصريحات متضاربة، حيث قال منذ أيام إن الكنيسة لا تمارس سياسة وإنه لا يتحدث في الشأن السياسي.
يشار إلى أن السيسي وصل إلى السلطة عبر قيادته انقلابا عسكريا على حكم أول رئيس مدني منتخب (محمد مرسي)، في تموز/ يوليو 2013، وانتخابات وصفت بـ"المسرحية" لقيت دعما وترحيبا من الأقباط الذين أيدوا الانقلاب والسلطات الحالية.
ويعدّ السيسي أول شخص يصل إلى السلطة ويشارك في قدّاس الميلاد، كما أنه حضر القداس عدد من الوزراء والشخصيات العامة. وأبرز الحضور كانوا: اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، والدكتور خالد عبدالعزيز وزير الشباب، ومنير فخري عبد النور وزير الصناعة، والدكتور جلال سعيد محافظ القاهرة.
يذكر أن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر زار الكاتدرائية عام 1959 ليقدم التهنئة بجلوس البابا كيرلس السادس (195 – 1971) على عرش البابوية.