شابان على
دراجة نارية يرفضان التوقف في كمين للشرطة.
في أيام كالتي نعيشها من الطبيعي أن يتعامل أفراد الكمين مع الموقف بجدية.
هناك احتمالان، الاحتمال الأول أن هذين الشابين كآلاف مثلهما يملكان رخصة قيادة منتهية أو لا يملكان رخصة للدراجة وبناء عليه يخافان التوقف في الكمين، والاحتمال الثاني أنهما إرهابيان يحملان أسلحة أو قنابل.
في كل الأحوال يجب على الكمين إيقافهما واستطلاع الأمر، قد يطلق الضابط طلقات نارية في الهواء، قد يطلق النار بعدها على "الكاوتش"، قد يأمر سيارة الدورية بملاحقتهما، لكن أن يطلق النار عليهما بطريقة تقتلهما معًا فالأمر أكثر من خطير، وهناك أكثر من سبب أوصل الشرطة لهذا الحال.
ضباط الشرطة أصبحوا لا يخافون من تهمة القتل، فزملاؤهم قتلوا المئات في الثورة والآلاف بعدها ولم يمسس الأذى أطراف ثيابهم، ضباط الشرطة لا يتلقون تدريبا كافيًا يمكنهم من التعامل مع المواقف الطارئة ولا يعرفون في الغالب أين ستستقر الرصاصة بعد أن تُطلق من سلاحهم، بعض ضباط الشرطة مجرمين بكل ما تحمله الكلمة من معنى، العشرات منهم متهمون الآن بالرشوة والاغتصاب والقتل والإتجار في المخدرات، وبالتأكيد المئات من هؤلاء المجرمين مازالوا طلقاء.
يخيّروننا دائما بين القبول بتجبر رجال الشرطة وانتهاكهم كل القوانين وارتكابهم كل الجرائم، وبين الرضا بالانفلات الأمني ونشر البلطجية وقطاع الطرق في الشوارع، المشكلة إن البعض قبلوا بالفعل تجبر ضباط الشرطة وانتهاكهم القوانين، لكن الانفلات الأمني والبلطجية وقطاع الطرق لم يختفوا من الشوارع أيضا.
(فلاش باك)
في أغسطس الماضي قتلت الشرطة 4 أشخاص في الضبعة وأعلنت في بيان رسمي أنها قتلتهم بعد محاولتهم الهجوم على الكمين وحرق سيارة شرطة، ليتضح فيما بعد أن القتلى الأربعة مواطنون تصادف مرورهم بسيارة في موقع الحادث وقتلتهم الشرطة بالخطأ أثناء محاولتها ملاحقة مهاجمي الكمين.
وعندما تكشف الأمر وساد الغضب بين أبناء القبائل بسبب قتل أبرياء بالخطأ واتهامهم بالإرهاب بعد موتهم للتغطية على الجريمة، صدر قرار بمنع النشر في القضية.
***
وقف النقيب ضياء فتوح أمام قسم شرطة الطالبية محاولة
تفكيك قنبلة وضعها مجهولون أمام القسم.
بدأ في إزالة بعض أجزاء القنبلة وفجأة انفجرت فيه وأصابته بإصابات بالغة استشهد على إثرها فور نقله إلى المستشفى.
الداخلية قالت على لسان متحدثها الرسمي إن الحادث قضاء وقدر، وهو كذلك، لكن إذا كان الإشارة للقضاء والقدر كافية فلماذا قتلتم المئات في رابعة العدوية وبررتم ذلك بمقتل ضابط على يد أحد المعتصمين؟ لماذا لم تعتبروا موته قضاء وقدرا وتجنبوا بلادكم كل هذه الدماء؟!
نعم الحادث قضاء وقدر، ونعم ندعو بالرحمة لشهيد الواجب وبالصبر لأسرته ومحبيه، لكن هذا لا يمنع أن الحادث يشوبه تقصير كارثي يستدعي محاسبة المسؤول عنه تزامنا مع محاسبة من وضع القنبلة.
إذا كانت القنبلة انفجرت بالخطأ فهذا يعني أن الخبير الشهيد ارتكب خطأ ما أدى لذلك، وهذا يستدعي السؤال عن التدريبات التي تلقها وما إذا كانت الدولة أهلته بالشكل الكافي للقيام بهذه المهمة الخطيرة أم أن ميزانية وزارة الداخلية بالكاملة موجهة لشراء قنابل الغاز والهراوات وأدوات قمع المظاهرات.
وإذا كانت قد انفجرت عن بعد بواسطة أحد المتواجدين في المكان فهذه كارثة أكبر، أولا لأن هذا شيء متوقع ومن المفترض أن تكون هناك آلية ما للتعامل معه، وثانيا أن قوات الأمن لم تفرض كردونا على مسافة مناسبة وسمحت لمواطنين بالتواجد علي مسافة قريبة من موقع القنبلة، وهذا كشفه الفيديو الذي صّور الحادث، حيث كان عمال محطة البنزين يقفون على مسافة 5 أمتار من الخبير، وهو ما تسبب في إصابتهم في الحادث.
(فلاش باك)
في يونيو 2014 وقف انفجرت قنبلة في العقيد أحمد العشماوي الضابط بقسم المفرقعات بمديرية أمن القاهرة، وذلك أثناء محاولته تفكيكها أمام نادي هليوبوليس بمصر الجديدة، وأسفر الحادث أيضا لإصابة النقيب طارق عبد الوهاب وأفراد الشرطة أشرف السيد وأحمد عوض الله وجمعة محمد.
أظهرت لقطات الفيديو وقوف أفراد الشرطة دون داع بجوار القنبلة أثناء فحصها ومحاولة تفكيكها وعلى مسافة قريبة للغاية مما أدى لبتر أطراف بعضهم وإصابة آخرين بإصابات بالغة.
***
نحن أمام وزارة فاشلة، ووزير مازال في مكانه رغم عشرات التفجيرات التي طال بعضها مديريات أمنه وأقسام شرطته، كثير من الضباط لا يجيدون استخدام السلاح، وكثير منهم لهم في البدلة الميرية مآرب أخرى، وكثيرون مخلصون فعلا في أداء وظيفتهم لكنهم لم يتلقوا تدريبا كافيا للقيام بذلك، وبعضهم خارجون على القانون ومكانهم السجن.
إن كان في السلطة رجل رشيد فليترك الشرطة لدورها الذي وُجدت لأجله، وليسند إدارتها إلى قيادات مهنية تبتعد بها عن أوحال السياسة وتتفرغ لتأهيلها وتدريبها ورفع كفاءتها، وليكف الحاكم عن استخدامها كحارس شخصي يحميه من خصومه ويبطش بأعدائه.