عند نهاية السلسلة الجبلية الشرقية وقريباً جدّاً من بلدة مصياف السورية، يقبع معمل البحوث العلمية الذي كان تابعاً لمعامل الدفاع في
سوريا، والذي يعمل فيه "م.ج" منذ قرابة الست سنوات، لكن فيما بعد أصبح هذا المصنع الحربي تابعاً للبحوث العلمية، وطرأت تغييرات كبيرة على المعمل وآلية العمل والتعامل مع موظفيه. كما تحدث العامل عن حصول "الدولة الإسلامية" على متفجرات من هذا المعمل وقد افتضح الأمر لاحقا.
يقول"م.ج" في حديث لـ"عربي21": "تضاعفت رواتبنا وأصبح العمل أدق، وتم استبدال الخبراء المشرفين على العمل من السوريين بإيرانيين، كما أن المنتجات تغيّرت، فقد كانت مدافع حربية سيئة الصنع، وكان الفساد مستشرياً في هذا المعمل".
يضيف: "تغيّرت المنتجات الحربيّة وتعددت وأصبح العمل أكثر دقّةً، كما أصبح لدينا مزيداً من الحوافز والمكافآت، بدءاً من تسهيلات شراء السيارة والبيت بواسطة البنك التجاري السوري".
وحول نوعيّة المنتجات التي يتم صنعها الآن وهل تستخدم في الحرب الجارية داخل سوريا، توقف "م.ج" قليلاً قبل أم يبدأ حديثه حول مهندس من مدينة بانياس ومن الطائفة المسيحيّة، رفض ذكر اسمه، بأنه هو من ابتكر
البراميل المتفجرة، وهو من كان صاحب جميع أفكار تطويرها المستمر.
يقول "م.ج": "بدأ المهندس فكرة البراميل كحشوات متفجرة يدخل في تركيبها الديناميت بشكل رئيسي وصاعق بدائي"، مبينا أن البرميل صنع تلبيةً لمتطلبات قنبلة ذات تدمير واسع وبأبسط الإمكانيات، كما أن إضافات تدخل على هذا المنتج بشكل دائم، فقد صممت مروحة تزرع في مؤخرة البرميل لجعل اصطدامه بالأرض على رأسه حتميّاً، كما أنّ نوع المتفجرات في تغيّر دائم.
يضيف: "لقد حدث انفجار في المعمل منذ قرابة العام نجم عن خطأ في تركيب إحدى المتفجرات، ونجم عنه وفاة أكثر من خمسة أشخاص. كما أنّه يجري الآن العمل على تكوين فريق متخصص لتركيب منفجرات دقيقة الصنع لحشوها في البرميل، وهذا الفريق مكوّن من خريجي كليّة الكيمياء. فقد التحق بهذا المعمل عشرات الخريجين الجامعيين كموظفين في المعمل في الشهر الماضي، كما أنّ طبيعة عملهم في غاية السريّة حتى بالنسبة لعمال المعمل الباقين".
وعند سؤاله عن طريقة إمداد هذا المعمل بالمواد الأولية، يبيّن أنه "قد يأتي خبراء من إيران مع سفنهم عبر البحر، ومن ثم يأتون عبر طريق بانياس - القدموس - مصياف. ويدلل على هذا بأنّه عندما تكون هناك شحنات مهمّة أو شخصيّات مهمّة تتجه للمعمل فإنّ مروحيّةً تقوم باستطلاع هذا الطريق وما حوله رغم الحواجز الممتدة على هذا الطريق، كم أنّ وتيرة هذه الشحنات غير منتظم وأنّه يتباعد بين النصف شهر والشهرين".
وبالنسبة لولاء عمّال هذا المعمل للنظام، يقول "م.ج": إن "معظم العاملين يعرفون الآن مدى دجل النظام، كما أن الجميع يعرف أنّ الإيرانيين هم الذين يتحكمون بمقدرات البلد جميعها، وهم لفترةٍ قريبة كانوا يظنون أنّهم سيستغلون إيران في هذه "الأزمة" كما تنظيم الدولة، الذي زودها المعمل بشحنات من الديناميت افتضح أمرها بين جميع العاملين، وذلك قبل أربعة أشهر".
يتابع: "صدمنا بهشاشة النظام، ومدى الغموض الذي يلف مستقبل كل واحد فينا، فنحن نعلم جيّداً أنّ إيران ستبيع كل ما هو صالح للبيع بدءاً من النظام وانتهاءً بنا، ذلك أنّ الإيرانيين لم يعودوا مضطرين كثيراً لمحاباتنا، وهم يكشفون عن وجههم الحقيقي يوماً بعد يوم، والخوف هو الدافع الوحيد الذي يبقينا نعمل ما نعمله" حسب قوله.