انقضت ثلاثة أيام على حادثة اغتيال "
إسرائيل" لعدد من قيادات وكوادر
حزب الله اللبناني في مدينة القنيطرة بالجولان السوري المحتل، ولم ينقض حتى الآن الجدل بشأن الخطوة التي من الممكن أن يقدم عليها الحزب ردا على ما اعتبره مراقبون ضربة هي الأقسى مما تلقاه منذ سنوات.
وينقسم الرأي العام اللبناني عند التعاطي مع هذا الجدل إلى ثلاثة أقسام؛ الأول يتخذ موقفا معارضا للحزب وتدخله في
سوريا، وهذا يشكك في قدرة الحزب على الرد، وفريق آخر يؤكد حتمية الرد ولو بعد حين، وهؤلاء يمثلون جمهور الحزب ومؤيدي القوى المتحالفة معه، وفريق ثالث يبدي عدم اكتراثه بما حصل، بل إنه يعتقد أن الرد سيكون بمثابة "مغامرة جديدة ستنكعس سلبا على مصير لبنان".
قرار ليس بيد الحزب
ويرى الخبير العسكري اللبناني والعميد المتقاعد نزار عبد القادر أن لبنان كدولة في المقام الأول ليس طرفا بما جرى في القنيطرة "فحزب الله تدخّل في سوريا ضد إرداة المجتمع والدولة في لبنان".
وعن احتمالية الرد لدى حزب الله على عملية الاغتيال يرى العميد عبد القادر في حديث لـ"عربي21" أن "حزب الله من الناحية العسكرية "قادر على أن يرد ولكن السؤال: أين؟ إذا كان في سوريا فالقرار ليس بيد حزب الله أو إيران بل إنه قرار سيادي سوري يتعلق مباشرة بما يريده بشار الأسد".
ويضيف: "أي رد لحزب الله انطلاقا من الأراضي السورية سيقابل يرد فعل قاس جدا من إسرائيل التي ستعتبر أن النظام السوري أجاز للحزب إعادة فتح جبهة الجولان، وستحمله المسؤولية وستقوم دون شك باستهداف مراكز حساسة جدا لإضعافه أو العمل على إسقاطه".
ويستدرك بالقول: "الرد من الأراضي السورية إذا حدث، فسيكون بشار الأسد حينها قد قرر خوض مغامرة وارتكاب حماقة ستترتب عليها مخاطرة كبيرة ستصل إلى أن تقوم إسرائيل بضرب النظام في دمشق نفسها أو بمساعدة الجماعات المسلحة كجبهة النصرة من أجل التدرج شمال وشرقا باتجاه دمشق".
رد محدود
وردا على سؤال بشأن قدرة الحزب على الرد عبر الأراضي اللبنانية يرى عبد القادر أن الحزب يمكن أن يرد دون استشارة أي أحد، سواء من مزارع شبعا أم عبر الخط الأزرق"، غير أنه يؤكد أن "الحزب يدرك أن أي عملية رد عبر الخط الأزرق ستؤدي إلى فتح حرب لن تكون في صالحه وصالح الشيعة في جنوب لبنان".
ويرجح عبد القادر أن يكون الرد في حال حصل "محدودا من قبيل كمين في مزارع شبعا كما حصل قبل أشهر، أو من خلال قصف صاروخي محدود لن يكون بالقيمة الميدانية أو المعنوية للضربة القاسية التي تعرض لها الحزب في القنيطرة".
الظروف تغيرت
غير أن متابعين يرون من جهتهم أن الظروف الإقليمية والتغيرات التي طرأت عليها ستؤثر سلبا على مقدرة الحزب على الرد، وهو ما يخلص إليه الكاتب والإعلامي أوّاب المصري، الذي ذكّر بأن حزب الله ردّ بإطلاق صواريخ الكاتيوشا للمرة الأولى على مستوطنات إسرائيلية قريبة من الحدود بعد ساعات من اغتيال أمينها العام عباس الموسوي عام 1992.
ويوضّح المصري في حديثه لـ"عربي21" ما يرمي إليه بالقول: "الوضع في السنوات الأخيرة تغير، ولم تعد المعادلة قائمة كما كانت عليه سابقا، فوضع حزب الله اليوم يختلف بعدما غرق في اللعبة الإقليمية".
ويرى المصري أن أي خطوة لحزب الله "سيكون لها انعكاسات ربما لا تطاله فقط، بل إنها تطال جهات وأطرافا أخرى، وهذا يعني أن أي خطوة قد يقدم عليها الحزب بالرد على إسرائيل يجب أن تكون بالتنسيق مع الأطراف الأخرى التي قد تتضرر من رد الحزب".
قرار صعب
ويلفت المصري إلى صعوبة قرار لدى حزب الله بالتصعيد، غير أن هذا "لا يعني أن حزب الله لن يرد، لكن حسابات الرد ليست بالسهولة التي يعتقدها البعض، ولا يظنن أحد أنه سيشهد ردا مزلزلا في الأيام القادمة، اللهم إلا إذا كانت طهران اتخذت قرارا بقلب الطاولة على الجميع".
ويشير المصري إلى عامل آخر يؤخذ بالحسبان عند الحديث عن رد حزب الله على اغتيال عناصره، وهو "العجز الواضح لحزب الله في إدارة المعركة مع إسرائيل"، إذ إنه "ومنذ عدوان العام 2006، ارتكبت إسرائيل العديد من العمليات الأمنية والنوعية التي استهدفت مسؤولين وقادة من الحزب أبرزهم
عماد مغنية. ورغم تهديدات الحزب المتكررة بأنه سينتقم ويثأر لمقتل قادته فإن شيئا من ذلك لم يحصل بعد نجاح إسرائيل في إحباط عدد من العمليات التي كانت تستهدف مصالحها في الخارج".