أكد السياسي اليساري
الإسرائيلي يوسي بيلين في معرض مناقشته لمستقبل المبادرة
السعودية للسلام، أن هذه المبادرة لم تمت بوفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولكن الكرة أصبحت في الملعب الإسرائيلي، متسائلا: هل سيكون في إسرائيل حكومة ترى في هذه المبادرة مصلحة حقيقية وتقوم بدفعها للأمام، علما بأنّ الملك الجديد لن يقوم بتقديم المبادرة مرة أخرى؟
وقي مقالته بصحيفة "إسرائيل اليوم"، الاثنين، قال بيلين، الذي يعتبر أحد أكبر مهندسي أوسلو، إن المبادرة التي أطلقتها السعودية في العام 2002، وتبنتها الجامعة العربية كلها لم تكن سعودية حقا.
ونوه إلى أن هذه المبادرة ولدت في أثناء مقابلة منحها ولي العهد السعودي في حينه، عبد الله بن عبد العزيز، لكاتب العمود في "نيويورك تايمز" توماس فريدمان، وكتبها وزير الخارجية الأردني في حينه مروان المعشر، الذي تولى قبل ذلك منصب سفير بلاده في إسرائيل.
وأشار إلى أنّ هذا الحدث جرى بعد بضعة أشهر من أحداث 11 أيلول. وكانت السعودية في حينه في عين العاصفة.
وبحسب بيلين، فقد وجهت أمريكا بقيادة الرئيس جورج بوش الابن أصبع الاتهام للديكتاتورية الشرعية (يقصد السعودية)، حيث كان اسم كبير من انتحاريي اليوم إياه من رعاياها، وطالبوا زعماءها بإصلاحات ديمقراطية.
ونوه إلى أن مطالب بوش للسعودية بالانفتاح الديمقراطي فاجأت الملك عبد الله، فهو يعتبر شخصا أكثر انفتاحا من الملك المريض، وقد علق الغرب الآمال بالتغيير عليه.
واستدرك بالقول، إن الإصلاحات التي فكر فيها الملك عبدالله ما كانت لتجعل مملكة العصور الوسطى في السعودية أي شيء يشبه الدولة الغربية الحديثة، ولم يكن شك لدى ولي العهد ابن الـ 77 عاما بأن الاستجابة للاندفاع الديمقراطي من جانب بوش ستكون نهاية الأسرة السعودية.
وأضاف أن فكرة قيادة خطوة تخترق الطريق في المجال السياسي، بدت بالذات لـعبد الله مخرجا معقولا من الانتقاد المتعاظم على نظامه، وعليه فقد كان مستعدا للفكرة غير المتوقعة لمشروع
السلام التي رسالتها الحقيقية ليست البنود المختلفة التي ليس فيها أي جديد حقيقي، بل هو مجرد الفكرة التي بموجبها يكون السلام بين إسرائيل وجيرانها من شأنه أن يحقق تطبيعا كاملا بين الدول العربية وإسرائيل.
ومقارنة بالوضع الذي حصل في 1978، حين قطعت كل الدول العربية تقريبا علاقاتها مع مصر، بعد أن وقعت مع إسرائيل على اتفاقات كامب ديفيد، وانتقلت عاصمة الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس، قالت الدول العربية هذه المرة العكس: التطبيع مقابل السلام.
وقال بيلين، إن إحدى الحجج التي يكررها اليمين في إسرائيل، كانت أن المشكلة المركزية لإسرائيل في مواجهة العالم العربي ليست، ولم تكن أبدا، النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، بل إنها عدم استعداد الدول العربية للاعتراف بها.
وأكد أن ما حصل في 2002 كان يفترض أن يوفر دليلا على أن الأمور ليست على هذا الحال، أو أن العالم العربي قد غير رأيه بالفعل، وهو مستعد لأن يفتح مع إسرائيل صفحة جديدة.
واستدرك بأن أرئيل شارون، الذي كان في حينه رئيس الوزراء ولم يتصور نفسه يلبي توقعات الجامعة العربية (التي تحدثت ضمن أمور أخرى: عن حدود 67، وتقسيم شرق القدس، وحل متفق عليه لمشكلة اللاجئين)، لم يلتقط المبادرة كغنيمة سانحة؛ واستمرت العمليات في حينه بكل شدتها، ولهذا فقد كان سهلا عليه، نسبيا، الاستخفاف بهذا التحول.
وشدد على أن الملك عبد الله اكتفى بأن أثبت للأمريكيين اعتداله؛ ولم يبذل أي جهد جدي، حتى عندما توج ملكا، ليدفع هذه المبادرة الهامة إلى الأمام.