كتب رسول توسون: في الأسبوع الماضي تم تفجير قنبلة أمام الفندق الذي نزلت فيه البعثة التركية في
الصومال. وفي ذات الأيام حدث انقلاب في اليمن التي تقع مقابل الصومال مباشرة، أدى إلى استقالة الحكومة ورئيس الجمهورية.
وفي كلا الحدثين هناك رسالة موجهة إلى
تركيا. أعتقد أن أحداث مقديشو كانت رسالة موجهة من الغرب، وأحداث اليمن كانت رسالة موجهة من الشرق. ولم يكن من الصدفة أن يكون توقيت كلا الحادثين قريباً من زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى المنطقة.
تركيا كانت قد بدأت بالاستثمار في القرن الأفريقي، ورحلة السيد
أردوغان إلى جيبوتي وإثيوبيا والصومال كانت تحمل رسالة مهمة إلى الغرب والشرق.
فتركيا بدأت بالانفتاح على
أفريقيا منذ عام 2005، وقامت برفع عدد سفاراتها في أفريقيا من 12 إلى 39، بعد أن كانت السفارات الأفريقية في أنقرة شبه منعدمة، ارتفع عددها إلى 31 ثم 39.
وتنظم الخطوط الجوية التركية رحلات إلى 40 مركزاً في 30 دولة أفريقية، وفي الوقت الذي ترسل فيه فرنسا رحلة واحدة أسبوعياً إلى جيبوتي، ترسل تركيا سبع رحلات، ويجري العمل على رفع عددها إلى 14 رحلة أسبوعياً، وهناك رحلات يومية إلى مقديشو.
النتيجة الطبيعية لكل هذا هي توسع النفوذ التركي في هذه المنطقة بشكل مستمر. فقيام الشعب الصومالي بوضع طفلين في حضن السيد الرئيس أحدهما يسمى "أردوغان"، والأخرى تسمى "أمينة" هو دليل صغير على تقدير هذا الشعب لتركيا.
إن قيام تركيا بفتح سفارة ببناء مبهر في مقديشو، في حين أن الدول المستعمرة للبلد نفسها لم تفتح فيها سفارات بعد، وقيام تركيا ببناء أضخم مستشفى في البلد ومنحه له، وبناء مطار حديث أمور تزعج البعض كثيرا.
ولا شك أن تقدم تركيا التي تشكل قوة في المنطقة خطوة في الطريق لتصبح قوة عالمية أمر يخيف الكثيرين.
ففي طريقها هذا لا تعتمد تركيا على التقرب الثقافي والنفوذ السياسي في هذه البلدان فقط، وإنما تحاول التقرب إليهم اقتصادياً أيضاً.
فقد تم رفع حجم التجارة بين تركيا والدول الأفريقية من 3 مليون في 2002 إلى 36 مليون دولار.
وبجانب هذا لا تكتفي تركيا بدعم الحكومات فقط، وإنما تقوم بدعم المدنيين أيضاً.
فالزيارة التي قامت بها إلى منطقة القرن الأفريقي لم تكن مجرد زيارة ناشفة، حيث إن تركيا تقوم بتمثيل العصيان والرفض لآمال الإمبريالية الغربية عن طريق مثل هذه الحملات.
المعارضة تقوم بنقد الحكومة بلا رحمة، ولكنها لا ترى أن تركيا هي علامة الديمقراطية التي تواجه الفقر والظلم في العالم الإسلامي، وأنها صوت إرادة الأمة.
لهذا تحمل تفجيرات مقديشو رسالة تقول لتركيا: "لا تأت لهذه المنطقة!"، و يحمل انقلاب صنعاء -الذي تدعمه دول الخليج وإيران- رسالة تقول لتركيا: "ابقي بعيدة عن هنا!".
ولكن برغم التفجير تحققت زيارة الصومال، وجرى بحث العلاقات بين البلدين. وبرغم الانقلابات لم يعد من الممكن القيام باللعب في المنطقة دون إشراك تركيا.
دعكم من الأحداث التي تحدث في جنوبنا، فالمسؤول عنها ليس تركيا. على العكس، فتركيا هي التي حذرت العالم من النقطة التي وصلوا إليها الآن.
حتى السيناتور الأمريكي "جون ماكين" أشار إلى أهمية هذه التحذيرات وقال: "كان علينا أن نستمع لـ"داود أوغلو"..."، ولم تتوقف معارضتنا عن النقد!
في المحصلة تركيا هي باب الأمل الوحيد للعالم المظلوم. فالشرق الأوسط أجمع يعيش معنا أحداث 28 شباط، ومثلما كان هذا التهديد سيستمر ألف سنة ،انتهى قبل مرور عشر سنوات، وتحققت إرادة الأمة، وستنتهي مشاكل الشرق الأوسط أيضاً عن قريب.
وكلما زاد الضيق كان هذا يعني أن الفرج اقترب أكثر.
(عن صحيفة ستار التركية، مترجم خصيصا لـ"عربي21"، 5 شباط/ فبراير 2015)