كان بعيدا عن الإعــلام وكاميرات المصورين، بقي طويلا يعمل بهدوء من خلف الكواليس بدون ضجيج أو ظهور إعلامي، صورته لا تكاد تنشر في وسائل الإعلام، المحلية منها أم العربية.
يتهم بأنه يقف وراء كل ما يحدث من تغريب وتعطيل لبعض القرارات الملكية.
شبهه بعض شيوخ "السلفية " بالرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي.
الشخصية الأكثر جدلاً في المملكة العربية
السعودية، المواطن الذي استطاع الوصول إلى أعلى المراتب، ووصل إلى مواقع لم يصل إليها الكثير من أفراد الأسرة الحاكمة.
يعتقد البعض بأنه المحرك الأول للسياسة الداخلية والخارجية السعودية، وصاحب التأثير السحري على آراء الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.
ويقال بأنه قائد حكومة "الظل" السعودية، وبأنه يمتلك خيوط ومفاتيح البلاط الملكي السعودي، ويحسب له ألف حساب، سواء من المسؤولين في الدولة أم من أجنحة آل سعود المتباينة.
البعض يقول إنه يجد رضا كبيرا من أطياف شعبية تصفه بـ"المسؤول الرحيم".
كان من مهامه ترتيبات السلطة التنفيذية، لكن صلاحياته توسعت بحيث دخل في دائرة الأسرة الحاكمة و في "ديمقراطيتهم الخاصة" المسماة بـ"هيئة البيعة" كأمين عام لها، وهي بالمناسبة فكرته وهو يد الملك عبدالله فيها.
هو أحد أبناء عبد العزيز التويجري، الذي عايش ستة ملوك سعوديين، وصنع معهم الكثير من الإنجازات، من المؤسس للدولة السعودية الملك عبد العزيز الذي كلفه بإدارة ما كان يسمى حينها بـ"بيت المال" في مدينة المجمعة، مرورا بعهود الملوك سعود وفيصل وخالد، وحتى عهد الملك فهد الذي ساهم في عهده بتأسيس أنظمة الدولة المعمول بها حتى اليوم.
غير أن قصة حياة المؤرخ والأديب عبد العزيز التويجري للمنصب المذكور مع ملوك السعودية تتميز بالغموض الذي يصبغ دائما بالرضا ودلالاته مع أبناء التويجري القوة الصامتة في تاريخ مساندة الملوك السعوديين.
وكانت هذه الدلالات أكثر وضوحا من خلال رجل المحور في السعودية
خالد التويجري الابن، الابن الذي كان يفضل البقاء بعيدا وأن يعمل بصمت، فهو نادرا ما يتحدث علانية مع أنه متابع لكل تفاصيل الحياة في المملكة وخارجها إلى حد التركيز. لذلك فقد كانت مكانته ثابتة وغير قابلة للتشكيك داخل الأسرة الحاكمة.
يتخذه الإسلاميون في المجتمع السعودي المحافظ مرمى لانتقاداتهم واعتراضاتهم على أي تجديد أو محاولات تحديث في مفاصل الدولة وأنظمتها. ويوصف من قبل المتدينين بأنه رأس التغريبيين في السعودية وبأنه يريد إفساد المرأة السعودية عبر منحها بعض الحقوق، ويعتبره كثيرون قائد الجناح الليبرالي بالحكومة السعودية.
وهو رغم ذلك، يردد دائما أنه ليس إلا رجلاً من رجال الملك عبد الله بن عبد العزيز الكثر، وهو يتحرك وفقاً لما يأمره به الملك.
لذلك كان خروجه من موقعه أشبه بثورة أو انقلاب أو أمر لم يكن أحد يتوقعه.
وتحدث الكاتب البريطاني ديفيد هيرست في مقال له بصحيفة "هفينغتون بوست"، عن "انقلاب، داخل القصر الملكي السعودي خلال الساعات الأخيرة في حياة الملك عبد الله، أطاح برجل المؤامرات الخارجية بالقصر خالد التويجري رئيس الديوان الملكي".
ويؤكد هيرست أنه كان "انقلابا بمعنى الكلمة، حيث إنه أطيح بفكرة دخول الأمير متعب نجل الملك الراحل عبد الله إلى سلم الخلافة، وجيء بدلا منه بالأمير محمد بن نايف كنائب لولي العهد، وذلك باتفاق مع السدايرة".
السدايرة الأغنياء والأقوياء سياسيا والذين أضعفوا من قبل الملك الراحل عبد الله، عادوا من جديد وأحدثوا انقلابا داخل القصر، على حد تعبير الصحافة الغربية.
وتتحدث وسائل إعلام غربية بأن التويجري "كان لاعبا رئيسا في المؤامرات الخارجية، سواء في إفساد
الثورة المصرية، أم في تمويل بعض التنظيمات في سوريا في المراحل الأولى من الصراع، جنبا إلى جنب مع حليفه السابق الأمير بندر بن سلطان".
خالد بن عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري، المولود في المجمعة في سدير عام 1960، خريج جامعة الملك سعود بالرياض، قسم القانون، وكانت أول دفعة من خريجي القانون في السعودية.
وهو حاصل على الماجستير في العلوم السياسية من جامعة ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الماجستير في التشريع الجنائي الإسلامي من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
بدأ حياته العملية في القطاع الحكومي في الحرس الوطني باحثاً قانونياً، ثم تدرج في الترقيات حتى وصل لمنصب مستشار قانوني.
و عمل في مكتب الحرس الوطني في الولايات المتحدة، وانتقل إلى ملاك ديوان ولي عهد السعودية عام 1989 بمنصب نائب رئيس مركز الدراسات المتخصصة.
بعد ذلك عمل مستشاراً وسكرتيراً خاصاً للملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان وليا للعهد في ذلك الحين، وترقى إلى منصب نائب رئيس ديوان ولي العهد والسكرتير الخاص له.
ثم صدر الأمر بتعيينه رئيسا للديوان الملكي وسكرتيرا خاصا لخادم الحرمين الشريفين، وعين بالإضافة لأعماله أمينا عاما لـ"هيئة البيعة". وفي عام 2009 عين مشرفا على الحرس الملكي ورئيسا للجنة الدائمة. وفي عام 2011 تقرر دمج رئاسة مجلس الوزراء مع الديوان الملكي، وتعيين التويجري رئيساً لها بمرتبة وزير، بالإضافة إلى تعيينه سكرتيراً خاصاً لدى الملك عبد الله بن عبد العزيز.
منذ تسمية أول رئيس للديوان الملكي منتصف عشرينيات القرن الماضي كانت مهمة هذا الرئيس محددة، بإدارة شؤون مكتب الملك وتنفيذ قراراته ومتابعتها.
استمرت هذه المهام التنفيذية لرئيس الديوان بصورتها التقليدية التي تعود عليها الأمراء الأبناء والأحفاد لأكثر من ثمانية عقود حتى عام 2005، عندما أمر الملك بتعيين خالد التويجري.
استطاع التويجري الابن بذكائه وخلفيته القانونية والسياسية والعائلية أن يكسب ثقة العاهل السعودي بلا حدود، وأن يتجاوز وظيفته في تنفيذ القرارات إلى المشاركة في صنعها. ومن هنا نفهم السبب الحقيقي للمواقف العدائية لبعض الأمراء ضد ذلك المواطن الذي تجاوز حدوده – في نظر البعض- ليتحول إلى صاحب قرار في كثير من القضايا التي تخص الدولة والأسرة الحاكمة، ومن أبرزها وأخطرها القرار الملكي بتعيين الأمير مقرن وليا لولي العهد، ما يعني حرمانهم مستقبلا من الوصول إلى المناصب القيادية في الدولة.
وتحول القلق والغضب من نفوذ التويجري الذي كان يتداول داخل المجالس الخاصة، إلى العلن، وبصوت حاد عبر وسائل التواصل الجماهيري.
بل إن الاستهداف أخذ يتطور إلى درجة توجيه الاتهام بالتآمر والفساد واستغلال المنصب لأهداف شخصية.
كان الأمير خالد بن طلال أول من بدأ هجومه المعلن ضد التويجري من خلال "تغريداته" على "تويتر" دون تسميته صراحة، فكتب: "المرشد الأعلى يفتح ديوانا خاصا به في تويتر بدلا من الديوان الملكي.. تعويضا عن أمور المواطنين التي عطلها وكدسها طول هذه السنوات".
كان هذا تعليقا على أول قرار اتخذه
الملك سلمان بن عبد العزيز، حتى قبل أن يدفن الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، بإقالة التويجري من منصبه، ليكون هذا القرار الأكثر توقعا بأن ثمة إعادة لتصحيح مسار السياسية السعودية الخارجية، وإعادة قراءة المشهد السعودي داخل الأسرة الحاكمة وداخل السعودية وفي الخارج، وتحديدا في دول "الربيع العربي" التي تحولت إلى دول "الفوضى".
التويجري ، هل هو رجل من رجال الملك الكثر، أم إنه صانع مرحلة؟!
الرجل الآن، عرضة للتوقعات والاحتمالات، حتى وهو خارج المنصب.