عنفت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحية شديدة اللهجة الإدارة الأمريكية، وتعاونها مع الرئيس
المصري عبد الفتاح
السيسي، وكتبت عن ذلك تحت عنوان "تحريض ديكتاتورية مصر".
وجاء في الافتتاحية، أن "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان في أعلى درجات اختياله عندما استضاف رجال الأعمال والدبلوماسيين البارين في
شرم الشيخ، الذين حضروا مؤتمر الاستثمار نهاية الأسبوع الماضي. فقد كان يقصد من المناسبة، التي عقدت في البلدة المقامة على البحر الأحمر، إظهار أن أكبر دولة عربية من ناحية السكان قد تخلصت من الاضطرابات التي نتجت عن الثورة الشعبية عام 2011، التي وضعت مصر ولفترة قصيرة على المسار الديمقراطي، وأن مصر ما بعد الثورة أصبحت مفتوحة للاستثمار، كما أعلن المسؤولون المصريون بفخر".
وتضيف الصحيفة أنه "من خلال إرسال وزير الخارجية جون كيري للمؤتمر كانت إدارة الرئيس أوباما حريصة على إرسال رسالة دعم للحكومة المصرية، ونيتها جذب استثمارات أجنبية. وقد قال كيري للصحافيين: كيف نطور مصر في السنوات المقبلة، وكيف تنجح؟.. سيترك ذلك أثرا عميقا على المنطقة كلها".
تتفق الافتتاحية مع كيري في موقفه، وتقول: "إن وجود مصر مستقرة ومزدهرة هو بالتأكيد لصالح المنطقة والولايات المتحدة. ولكن من خلال دعم حكومة استبدادية دون مساءلة فإن الولايات المتحدة تتبنى سياسة خطيرة ولا تقوم على مبادئ".
وتبين الصحيفة أن "المسؤولين البارزين يتعاملون مع مصر كونها حليفا لا يمكن الاستغناء عنه في الحرب ضد تنظيم الدولة، وكذلك في أولويات السياسة الخارجية الأخرى في المنطقة، لكن من المحتمل أن يؤدي القمع الذي تمارسه الحكومة المصرية ضد أبناء الحركات الإسلامية، وبينهم المعتدلون الذين يشجبون استخدام العنف، إلى توسيع حالات التشدد في المجتمعات؛ بسبب عدم وجود طرق للتعبير عن صوتهم، وتحقيق أهدافهم، ونقل مظالمهم".
وتشير الافتتاحية إلى أنه "منذ وصول السيسي إلى السلطة في تموز/ يوليو 2013، بعد موجة من الاحتجاجات في البلاد ضد الرئيس محمد مرسي، وهو أول رئيس انتخب ديمقراطيا، فإنه بدا واضحا أن الحكومة المصرية ليست لديها نية لبناء مؤسسات ديمقراطية تتسامح مع الآراء المعارضة لها".
وتوضح الصحيفة أنه "تم تهديد المنظمات الداعية إلى الديمقراطية، أو أنها أجبرت على وقف عملها. فيما تم التحكم بالمؤسسات الإعلامية، ومنعت التظاهرات، وتم سجن معظم قادة الإخوان المسلمين، الحركة الإسلامية التي تحولت إلى قوة سياسية سائدة في البلد، بعد احتجاجات الربيع العربي".
وتفيد الافتتاحية بأنه "في الوقت الذي عبر فيه المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم حول هذه التوجهات بلغة نمطية، إلا أنهم لا يزالون يقدمون لمصر مساعدات بقيمة 1.3 مليار دولار سنويا، ولم يتخذوا سوى خطوات متواضعة لربط الدعم بتحسين الأوضاع الديمقراطية. وفي معظم الأحيان يعبرون فقط عن أملهم بتحقيق تقدم، في الوقت الذي يتجاهلون فيه مستوى الوحشية والاضطهاد الذي يعد أسوأ مما كان عليه أثناء حكم حسني مبارك".
وتجد الصحيفة أنه "من الواضح أن حكومة السيسي الراغبة بجذب الاستثمارات الأجنبية تريد الظهور بمظهر الحكومة الشرعية المنتخبة، التي تؤدي دورا إيجابيا في المنطقة، لكن من الواضح أن مصر تحولت إلى ديكتاتورية تبرر انتهاكاتها بذريعة احتواء التهديد الذي يمثله الراديكاليون الإسلاميون، فقد تم تأجيل الانتخابات التي كانت ستعقد في هذا الشهر إلى أجل غير محدد، فيما يقبع الصحافيون في السجون، وقامت المحاكم بفرض أحكام إعدام جماعية، بعد إجراءات لم تستمر سوى دقائق".
وتلفت الافتتاحية إلى أنه في الوقت الذي حاول فيه بعض المشرعين الأمريكيين إبداء القلق أو قطع المعونات، ووضع شروط على المساعدات العسكرية في السنوات الأخيرة، إلا أنه قد تم تجاوزهم من الذين يعتقدون أن الوقوف مع السيسي هو شر لا بد منه في عالم مضطرب.
وتذكر الصحيفة أنه "في العام الماضي منح البيت الأبيض موافقته للحفاظ على الدعم العسكري، دون الحاجة للحصول على شهادة تؤكد أن حكومة مصر تحترم حقوق الإنسان، أو أنها اتخذت الخطوات للحكم بطريقة ديمقراطية، وهي الشروط التي احتوى عليها مشروع القرار السابق. ولأول مرة أعطى المشرعون وزارة الخارجية الحق في الاحتفاظ بمبرراتها لتقديم الدعم سرا".
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالقول إن "مسؤولي الإدارة قالوا إن كيري يحبذ استمرار تدفق الدعم العسكري، وينتظر القرار النهائي من البيت الأبيض، وفي حالة زيادة الدعم العسكري فستكون الولايات المتحدة تحرض على التعاون مع مصر القاسية كالعادة".