من داخل أحد المحال التجارية، وسط مدينة
غزة، التي انشغل العاملون فيها بترتيب وتزيين هدايا "
عيد الأم" لهذا العام، يختار الشاب الفلسطيني أنور يونس بعناية فائقة هديتين ثمينتين.
يونس (29 عاما) المتزوج حديثا، سيقدم هديته الأولى لأمه، كما يفعل في كل عام، والثانية سيهديها لأول مرة إلى حماته (أم زوجته)، كي ينال "رضاها" كما يقول.
ويضيف يونس أنه اختار هديتين لأمه ولحماته معا، لأن أم زوجته بمثابة "أمه الثانية"، مستدركا بالقول: "أريد أن تشعر حماتي بالفرح في يوم الأم، ومن خلال هذه
الهدية أنا أسعى لإسعاد والدة زوجتي التي أحبها".
وفي عيد الأم، الذي يوافق 21 آذار/ مارس من كل عام، يحرص الفلسطينيون في قطاع غزة، على تقديم "الهدايا" إلى أمهاتهم.
ومن ضمن العادات الاجتماعية بغزة في هذا اليوم، يسعى كثيرون لتقديم هدية الأم لـ"
الحماة"، وهي أم الزوج بالنسبة للزوجة، أو أم الزوجة بالنسبة للزوج.
وتقول الفتاة هدى الريس (23 عاما) المخطوبة حديثا، إنها ترى في يوم الأم "مناسبة عظيمة لإهداء حماتها هدية ثمينة"، تعبر من خلالها عن حبها لوالدة خطيبها وشريك حياتها.
وتضيف الريس أنها تؤمن بأن الهدية مفتاح القلب، وأنها رسالة تواصل ومحبة، ولهذا فإن يوم الأم هو من أكثر الأيام أهمية للتعبير عن هذا الشعور.
وتتابع: "أقدم هدية لأمي، ولحماتي أيضا، كي تكون سعيدة، كما أن خطيبي هو الآخر يشعر بالفخر لاهتمامي بوالدته".
وفي قطاع غزة، وبمناسبة يوم الأم، تطرح العديد من المحال التجارية، عروضا مختلفة، وتخفيضات للأسعار، تشمل الأجهزة المنزلية، والهواتف الذكية، وغيرها من مستلزمات البيت، وما يخص المرأة من أدوات.
ولأنّ عيد الأم مناسبة لإرضاء والدتها "ست الحبايب"، كما تقول رانية عامر (33 عاما)، فإن هذا اليوم هو للحماة أيضا.
وتتابع: "تشعر الحماة بأهميتها عندما تقدم الكنة (زوجة الابن) الهدية لها، حتى لو كانت رمزية، أو عبارة عن قالب من الحلوى؛ فهي بمثابة الأم.. أنا أعيش منذ ست سنوات في منزل العائلة، وأحرص في كل عام على تقديم هديتين في يوم الأم، لوالدتي واحدة، وأخرى لحماتي".
ويقول أمجد الحلو، صاحب أحد المحال المختصة ببيع الأدوات المنزلية، إن كثيرين يحرصون في يوم الأم على اقتناء هديتين.
ويضيف الحلو (42 عاما)، أن الجميع يسعى لإرضاء "أمه" و"حماته" في الوقت ذاته، مؤكدا أن حديثي الزواج والمخطوبين هم أكثر الفئات التي تقوم باقتناء الهدية لـ"الحماة" في يوم الأم.
وبحسب الحلو، فإن "بيع الهدايا في هذا اليوم يشكل لهم فرصة للاسترزاق"، لافتا إلى أن أكثر الهدايا التي تفضلها النساء هي "الأدوات المنزلية".
وبالرغم من فقده لمصدر رزقه، وانضمامه إلى آلاف العاطلين عن العمل، يقول سائد عويضة، الذي يعمل حدادا، إنه يحرص في يوم الأم على تقديم هدية لحماته حتى لو كانت عبارة عن باقة من الورد.
ويضيف عويضة (35 عاما) أن "يوم الأم مناسبة مهمة يغتنمها للتعبير عن محبته لحماته".
ويتابع: "في يوم الأم تشعر الحماة من خلال الهدية، أنها بمثابة الأم، حتى لو كانت الهدية رمزية".
ووفق تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الشهر الماضي، فإن معدل البطالة في قطاع غزة، خلال الربع الأخير من العام الماضي بلغ 42.8%، فيما بلغ عدد العاطلين عن العمل قرابة 194.7 ألف.
وتقول سلوى النبيه (54 عاما)، إنها تشعر بسعادة بالغة عندما تتلقى هدايا من "كناتها" (زوجات أبنائها)، مؤكدة أن جميعهنّ يتنافسن في تقديم "الهدايا" لها في هذا اليوم.
وتضيف: "هذا اليوم يمثل بالنسبة لي مناسبة اجتماعية خاصة، وأسعد كثيرا بهدايا زوجات أبنائي، ومنهن من تستشيرني في طبيعة الهدية قبل شرائها".
وحتى لو كانت "وردة" واحدة يحاول الأبناء في غزة، إرضاء أمهاتّهن في يومهنّ، كما يقول طالب الثانوية العامة (التوجيهي) أحمد زين الدين، ويضيف أن "يوم الأم مميز، والجميع يسعى لإرضاء والدته، والتأكيد على حبها".
ويرى "زين الدين" في يوم الأم فرصة كي ينسى الغزيون واقعهم الاقتصادي والإنساني الصعب جراء الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم للعام الثامن على التوالي.
ويعد قطاع غزة من أكثر بقاع العالم اكتظاظا بالسكان؛ حيث يحتضن أكثر من 1.9 مليون شخص، على مساحة من الأرض تبلغ 360 كيلومترًا مربعًا فقط.