دفع انخفاض أسعار
الذهب مواطنين أردنيين للاستثمار وشراء قطع ذهبية، مستغلين فرصة انحدار الأسعار لأرقام متدنية لم تصل إليها منذ سنوات.
وارتفعت نسبة مشتريات الأردنيين من الذهب في الأسواق المحلية إلى ما يقارب 7 مليون دينار لغاية نصف الشهر الجاري، وفقاً لأمين سر نقابة تجار الحلي والمجوهرات في الأردن ربحي علان.
ويصف علان في حديث لـ "عربي21"، "الإقبال بالجيد مقارنة مع الأعوام السابقة، بسبب انخفاض الأسعار التي لم تُسجل منذ 10 سنوات".
كما ساهمت مناسبات اجتماعية كالأفراح وعيد الأم برفع حجم المبيعات، إلا أن محمد سليمان معلم اللغة الإنجليزية لا يأبه بالمناسبات، فقد توجه لشراء الذهب مستغلاً كل مدخراته المالية بغية الاستفادة من فرق السعر في حال ارتفاعه.
وقال سليمان لـ"عربي21"، إنه اشترى عدداً من ليرات الذهب "الرشادي" بسعر 2000$ تقريباً، متوقعاً ارتفاع الذهب في المستقبل وتحقيق ربح مادي سريع، دون مخاطر برأس ماله الوحيد في الحياة.
ويلجأ سليمان لشراء " الليرة الإنجليزي" و الليرة الرشادي" لعدم وجود أجرة المصنعية التي يتم إضافتها على سعر الذهب.
وحسب نقابة تجار الحلي والمجوهرات، سجلت أسعار الذهب ارتفاعاً طفيفاً مقارنة مع الأسبوع الماضي، ليبلغ سعر غرام الذهب 24 قيراطاً في السوق المحلية 27.4 ديناراً وسعر غرام الذهب 21 قيراطاً 24.1 ديناراً (الأكثر تداولاً) وغرام الذهب عيار 18 قيراطاً 20.40 ديناراً.
ويلجأ الأردنيون للبحث عن فرص لتحسين دخلهم الشهري بعد ارتفاع تكاليف الحياة، إذ تعتبر العاصمة عمان الأولى على مستوى الشرق الأوسط، من حيث ارتفاع تكاليف المعيشة حسب التقرير السنوي لوحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU) للعام 2015 والتابع لمجلة إيكونومست البريطانية.
بينما يقول 58 % من عينة استطلعهم موقع "بيت كم" المتخصص بالتوظيف، إنهم غير راضين عن مستوى الدخل الذي يحصلون عليه في الأردن.
المحلل الاقتصادي سلامة
الدرعاوي، وصف
الاستثمار بشراء الذهب بـ "الآمن" والفعال.
وقال لـ"عربي21" إن المواطن الأردني بات يلجأ إلى خيارات أكثر جدوى وأقل مخاطرة بالاستثمار في ظل الركود الاقتصادي وعدم وجود فرص اقتصادية واعدة"، مشيراً إلى أن من أهم المجالات بعد الاستثمار في العقار بالنسبة للأردنيين هو الذهب، نتيجة لعدم وجود مخاطرة وكونه وسيلة ادخار فاعلة على المدى المتوسط والبعيد، إضافة إلى أنه وسيلة آمنه للأجيال المقبلة".
ورأى الخبير الاقتصادي أن "لجوء المواطن الأردني للاستثمار في الذهب يعكس عدم وجود فرص استثمارية حقيقية في الاقتصاد الأردني، وغياب المشاريع الصغيرة والمتوسطة".
وأشار إلى أن "الحكومات الأردنية تتحدث عن تمويلها ودعمها لمشاريع صغيرة ومتوسطة على اعتبار أنها إحدى الحلول الفاعلة لمشكلة البطالة و تنمية الأسر الأردنية، لكن كل التجارب دلت على فشل هذا الموضوع من كل الجوانب، فعلى سبيل المثال، تم رفع نسبة الضريبة على هذه المشاريع من 14 إلى 20%، فلو كان هنالك توجه حكومي حقيقي لتنمية المشاريع الصغيرة، لما فرضت زيادة ضريبة بهذا الشكل؛ لذلك كل ما تتحدث به الحكومات عن دعم المشاريع الصغيرة غير صحيح".
وعزا الدرعاوي تراجع أسعار الذهب لعدة أسباب، أبرزها حالة الضعف التي يعيشها الاقتصاد العالمي، وضعف النمو الاقتصادي في كبرى الدول، وتراجع الفرص الاستثمارية في هذه الدول التي ما زالت تعاني من آثار الأزمة الاقتصادية، بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط ".
ويتحكم الدولار وسعر الفائدة عليه بأسعار الذهب وذلك كون الذهب كأي سلعة تجارية في العالم يتم تسعيره على المستوى العالمي بالدولار الأمريكي.
وارتفعت أسعار الذهب بشكل طفيف مؤخراً بعد ما أبدى البنك المركزي الأمريكي تحفظاً بشأن وتيرة رفع أسعار الفائدة، وهو ما أوقف صعود الدولار، كما انخفضت العملة الأمريكية بعد هذا القرار إلى 1.8 بالمائة مقابل سلة عملة رئيسية بعدما خفض البنك توقعاته للنمو والتضخم في الولايات المتحدة.
من ناحيته، فسر الخبير في مجال البورصة والأسهم والعملات مازن ارشيد لـ"عربي21" طبيعة علاقة الدولار بارتفاع وانخفاض أسعار الذهب، قائلاً: "إن العلاقة عكسية بين الدولار والذهب، فكلما كان الاقتصاد الأمريكي قوياً وارتفع سعر الدولار يهبط سعر الذهب ".
وتوقع ارشيد أن تشهد أسعار الذهب مزيداً من الانخفاض، خصوصاً أن الفترة الحالية التي تشهد انتعاش عدة أدوات استثمارية أخر،ى مثل سوق الأسهم العالمية والدولار بالذات، داعياً المواطنين للاستثمار بقطع الذهب التي لا تحمل تكاليف إنتاج كاليرة الذهبية أو
الأونصة التي يبلغ سعرها هذه الأيام 1186$.
إلا أن تاجر الذهب والمجوهرات أكرم أبو شهاب الذي يملك محلاً للصياغة في مدينة الزرقاء، أكد أن كل المؤشرات تبين أن أسعار الذهب في ارتفاع، محذراً في الوقت نفسه الراغبين بالاستثمار في الذهب من تذبذب أسعاره بشكل مستمر لارتباطها بالأحداث السياسية .
هذا ويحتل الأردن المرتبة التاسعة عربياً والـ 61 عالمياً باحتياط الذهب بما قدره 80 طناً، بما نسبته 5.50% من احتياطيات المصرف المركزي للذهب بالدول العربية، وسجل رصيد احتياطات المملكة لدى البنك المركزي الأردني في نهاية العام الماضي 13.3 مليار دولار.